السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفضيل الحيوان على الإنسان!

10 ابريل 2018 23:30
في «بايانغا» بجمهورية أفريقيا الوسطى لعل أجمل وأكثر قردين جاذبية على وجه الأرض، هما إنغوكا وإنغاندا، صغيرا غوريلا يلعبان ويتعثران على بعضهما بعضاً هنا في غابة «دزانغا سانغا»، التي تُعد واحدة من أفضل الأماكن في العالم لرؤية الغوريلا والظباء والفيلة تلعب. ولعل الخطر الوحيد هو أنهما غير مكترثين، ولا يخافان من الناس. هذه المنطقة حيث تلتقي جمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون، وجمهورية الكونغو تُعد واحدة من أبعد وأكثر المناطق وحشية من العالم؛ وقد أنشأ البلدان الثلاثة متنزهات وطنية متجاورة. كما زرتُ فسحة وسط الغابة تضم 160 فيلاً وقطيعاً كبيراً من ظباء بونغو، إضافة إلى بعض الجواميس الأفريقية. وكان ذلك أشبه بمشهد من أحد أفلام ديزني، وقد غمرني فيض من الأحاسيس التي يصعب وصفها، غير أنه عندما أصبحُ عاطفياً لعظمة الحياة البرية، أشعر بالانزعاج أحياناً، وأتساءل: هل يأتي تكريم حقوق الحيوان على حساب حقوق الإنسان؟ فقد وجدت إحدى الدراسات أن أشخاصاً شاركوا في الدراسة كانوا أكثر انزعاجاً بقصة كلب ضُرب بعصا بيسبول منها بقصة شخص ضُرب بالطريقة نفسها. كما وجد باحثون آخرون أن 40 في المئة من الناس سيفضلون إنقاذ كلبهم الأليف على سائح أجنبي، إن اضطروا للاختيار. وعندما أثار إطلاق النار على الأسد «سيسيل» في زيمبابوي توقيعات أكثر على عريضة غاضبة، ما أثاره إطلاق النار على الطفل تامر رايس البالغ من العمر 12 عاماً من قبل شرطي في مدينة كليفلاند، كتبت الكاتبة «روكسان غاي» تغريدة على تويتر تقول، «شخصياً، سأشرع في ارتداء زي أسد عندما أغادر منزلي، وذلك حتى يكترث الناس إذا أُطلق عليّ النار». وقبل بضع سنوات، زرتُ مخيماً في غابة مطرية، حيث كان نحو أربعة وعشرين شاباً أميركياً وأوروبياً متطوعين في ظروف صعبة لمساعدة الغوريلات، في إطار برنامج حماية. وكان ذلك عملاً خيرياً مثيراً للانبهار؛ غير أن أولئك المثاليين كانوا غافلين عن القرويين البيغمي الذين يموتون في الجوار بسبب الملاريا، لأنهم لا يملكون شبكات أسرّة بـ 5 دولارات تقيهم من لسعات البعوض. وعليه، فهل نخون جنسنا البشري عندما نتبرع بشيكات مالية لمساعدة الغوريلات (أو الجراء أو الأحصنة البرية)؟ وهل من الخطأ النضال والدفاع عن الفيلة ووحيد القرن (أو حيوانات المزرعة في أميركا) في وقت ما زال يموت فيه 5 ملايين طفل كل سنة دون سن الخامسة؟ إنه سؤال مشروع تساءلتُ بشأنه لسنوات، ولكنني أصبحت أؤمن بأن حماية وحيد القرن والغوريلا - أو التنديد بتعذيب حيوانات المزرعة في بلدنا – شيء جيد للبشر أيضاً، غير أنه بشكل عام، من الخطأ وضع التعاطف مع الحيوانات في كفة والتعاطف مع البشر في كفة أخرى. فالتعاطف مع أجناس أخرى يمكن أيضا أن يخلق تعاطفاً مع البشر، ذلك أن التعاطف ليس معادلة صفرية. ثم إن منظمات حماية الحيوانات في الخارج أصبحت أفضل بكثير في منح السكان المحليين دوراً في الحفاظ على الحيوانات. وعلى سبيل المثال، فإن «صندوق الحياة البرية العالمي»، الذي يساعد على إدارة «منطقة دزانغا سانغا المحمية»، يدعم عيادة صحية ويستعد لإطلاق مبادرة تعليمية. فالمحمية توظّف 240 من السكان المحليين، من حراس الغابة إلى الخبراء المحليين الذين يستطيعون تقفي آثار الغوريلات، ويجعلونها معتادة على البشر. «هذه الجهود مفيدة لنا»، يقول ديودوني نغومبو، أحد من يتقفون آثار الحيوانات، مضيفاً، «إننا نعمل ونتلقى راتباً؛ وبفضل ذلك، يعيش أبناؤنا حياة أفضل وننام بشكل جيد». وبعبارة بسيطة، إن أحد أهم المصادر التي تملكها بعض البلدان الفقيرة هي الحياة البرية. فحيوانات وحيد القرن الأبيض الشمالي باتت على شفا الانقراض بسبب الصيد غير القانوني من أجل تلبية الطلب الصيني على قرن وحيد القرن؛ وجراء ذلك، مات آخر ذكر في العالم مؤخراً في كينيا. وعندما ترحل الحيوانات، فإن الآفاق الاقتصادية للبشر تتقلص أيضاً. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©