الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إميلي نصر الله: الكلمات تسرقُني من حالي.. وتغرّبُني

إميلي نصر الله: الكلمات تسرقُني من حالي.. وتغرّبُني
20 أغسطس 2009 00:17
دخلت إلى باب العالمية من بوابة الكلمة المنقولة من الواقع المطعم بحسها الخيالي، تراها تنتظر لحظات الانخطاف التي ترحل فيها الى عمق الذات فتتوالد الأفكار وترتفع عملاً ابداعياً حياً نعيش فيه بكل فصوله. وعلى صفحات الخمسين سنة من حياتها الفكرية كتبت الكثير من الروايات التي طرحت فيها التغيير وحثت المجتمع على النهوض من ركوده، تُرجمت بعضها الى لغات أجنبية مختلفة وعُدّت الروائية اللبنانية المبدعة إميلي نصرالله من رواد الرواية العربية الحديثة. ? طقوس الكتاب وعلاقتهم بالكتابة موضوع إغوائي يغري بالسؤال، كيف تكتبين ومتى وأين؟ ? ? كتابة القصة والرواية لا تعتمد على الوحي وحده، بل تحتاج إلى عناصر متعددة من الصعب حصرها، فالكاتب يوظف الخيال والوعي واللاوعي، الواقع كما الحلم، ويستخدم خبرته ومراسه في فن الكتابة كما يعتمد على واقع عرفه جيداً كي يستطيع أن يتجاوزه. حين أُقبل على الكتابة انطلق دائماً من الواقع الذي عشته وخبرته، كي اتخطى حدوده وانطلق منه الى إقامة العمارة الابداعية، وبقدر ما أنجح في تغريبها عن واقعها، أكون قد بلغت ما أصبو اليه وهو إنتاج عمل فني ومبتكر. ليست لديَّ أوقات معينة للكتابة، لأنني كنت اغتنم أوقات فراغي من عملٍ أو مسؤوليات عائلية، لأدخل شرنقة عزلتي، وعلى ما اذكر كانت تلك الأوقات منتزعة بل مسروقة من واجبات حياتية ملزمة. في هذه المناسبة أذكر قولاً لنجيب محفوظ: «كنت أكتب في نُشارة وقتي». أنا افهم ذلك جيداً لأن كل ما كتبته كان في تلك الهنيهات المسروقة من التزامات عائلية أو حياتية. ويجب أن أكون في حالة إلهام، وأسميها «انخطاف» فأخرج من الواقع لأنطلق بكل الحرية في ذلك العالم الآخر. ? وما هو تقييمك للعوالم التي زرتها لحظة الانخطاف تلك، وأنتجت القصص والروايات؟ ? ? كل كتاب يمت بصلة إلى زمانه، أي الى مرحلة من مراحل مسيرتي الأدبية، هذا يعني أني لا أحكم على الماضي من موقعي الحاضر بل اربط كل عمل بزمانه مع العلم أني ما كنت لأنشره لو لم أكن راضية عنه ومقتنعة به. ومع ذلك سيظل طموحي يحثني على المزيد من العطاء. ? هل ما زالت الكلمة قادرة على التغيير؟ ? ? أحياناً، اشعر بأن الكلمات الطافرة من الوعي أو اللاوعي تشبه إشارات يتركها قاطعو المسافات خلفهم، ربما لتهدي من يقتفي خطاهم، لكنها أيضاً علامات توعية لهم حين يلتفتون الى الوراء وتبقى المساحة المنتظرة خلف الأكمة أو فوق القمة هي قبلة أنظارهم. ? هل تذكرين بوابة الدخول الأولى الى عالم الأدب؟ ? ? عليّ أن أبدأ كتابة رواية طويلة حتى أفي السؤال حقه. وأعود الى نقطة البدء في قريتي حين كنت طفلة ضئيلة الكيان والوجود كوني أنثى، من جهة ثانية كانت الحياة التي تسوقنا قاسية، في دفعنا الى الاشغال الشاقة في البيت كما في الحقول أو في طرحنا على هامش الوجود. كنت أجد في الكتاب ملجأي وعزاء روحي. كان مهربي وملاذي، ثم بدأت الكلمات تسرقني من حالي، تغربني عن الواقع، وتجعلني أحتمله فالكتاب كان يضيف بعداً آخر الى وجودي ويفتح كوة في جدار افق مسدود. وهكذا بدأت اللعبة، وصرت استسيغها وأستزيد. ? وماذا عن «طيور أيلول»؟ ? ? بالطبع لـ»طيور أيلول» فضل كبير، اذ نالت تلك الرواية حال صدورها، اهم جائزتين ادبيتين في حينه، كما نالت إعجاب القراء ومعظم النقاد وكان لذلك تأثير إيجابي عليّ، ولكن كان للشهرة تلك تأثير سلبي فقد عشت فترة في خوف وشك بأن ما سأكتبه تالياً سوف لا يكون بهذا المستوى. ? ماذا عن روايتك الأخيرة «ما حدث في جزر تامايا»؟ ? ? لقد كتبت كثيراً عن المغترب وفي هذه الرواية. أردت القول إن ليس كل مغتربينا ملائكة، فهناك أحداث مؤلمة، و»مافيات» فيما بينهم، وبعضهم يشوّه اسم بلده. لقد عدت الى الواقعية مع كثير من التشويق كما في رواية «الجمر الغافي» حيث السخرية والألم، فكل عمل يحمل معالمه كالناس تماماً. ? هل يمكن اعتبار أن أبطال جزر تامايا من أصل لبناني؟ ? ? نعم، هم من اصل لبناني وبالتحديد من قريتي. ? ما هي المحطة الفاصلة التي شكلت تتويج اسم اميلي نصرالله؟ ? ? في كل لحظة هناك محطة فاصلة في حياتي للوقوف والتأمل ثم للانطلاق من جديد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©