الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضد نظام الحزبين

9 مايو 2010 21:47
في قطاعات مختلفة من العالم الديمقراطي الناطق باللغة الإنجليزية، يتعرض النظام السياسي القائم على الثنائية الحزبية لاختبار حقيقي خلال الأسبوع الجاري، تمتد تداعياته لتشمل كلا من بريطانيا والولايات المتحدة، بحيث تحدد الانتخابات في إنجلترا وأسكتلندا وبلاد الغال ما إذا كان ممكناً الحصول على أغلبية برلمانية لصالح أي من الحزبين الرئيسيين؛ "العمال" و"المحافظون". لكنها أثارت احتمالا آخر وهو ما إذا كانت ستفضي إلى صعود قوة ثالثة يمثلها "الأحرار" ما يعني قيام برلمان معلق فاقد للأغلبية، وهو ما حدث بالفعل، حيث يتوقع أن تطول فترة التفاوض لتشكيل حكومة جديدة. وفي الوقت نفسه، وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، قرر "تشارلي كريست"، الحاكم الجمهوري لولاية فلوريدا، بعد أربع سنوات من ترشح السيناتور الديمقراطي المشهور، جو ليبرمان، كمستقل عن ولاية كونكيتكت وفوزه بمقعدها في الكونجرس، تكرار التجربة نفسها والسعي إلى دخول مجلس الشيوخ كمستقل بعدما خسر تزكية حزبه الجمهوري. فما الذي يعنيه ذلك؟ الحقيقة أن صعود الحزب الثالث في بريطانيا، وبروز المستقلين كقوة سياسية على الساحة، يمثل إشارة واضحة إلى السياسيين الجدد الطامحين للسلطة مفادها أن الولاءات القديمة للأحزاب التقليدية باتت ضعيفة وأن التداخل الكبير بين السياسة والإعلام من جهة والأوضاع الاقتصادية القاسية من جهة أخرى، توفر فرصة غير مسبوقة لدخول معترك السياسة وتحقيق النصر. ومن الأعراض الواضحة على هذا الضعف الذي يسم الأحزاب السياسية التقليدية، ما نشهده في الولايات المتحدة من تقلص مساحة التسامح الأيديولوجي داخل الأحزاب القديمة، واتساع الهوة بين أجنحتها المختلفة. هذا الواقع الذي تعاني منه الأحزاب يشير إليه "ويليام جاتسون" من معهد بروكينجز في مقال ممتاز حول السياسة الداخلية في أميركا، حيث لاحظ أن حدة الاستقطاب بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونجرس الحالي وصلت مستويات غير مسبوقة في التاريخ السياسي للولايات المتحدة، ففي كلتا المجلسين، الشيوخ والنواب، أصبح أشد الديمقراطيين محافظة أكثر ليبرالية من أي جمهوري كما بات أشد الجمهوريين ليبرالية أكثر محافظة من كل الديمقراطيين، بل إن الهوة بين الحزبين توسعت إلى درجة هائلة. وقد زاد من حدة الاستقطاب وساهم في تكريسه القوة التي باتت تتمتع بها القيادة المنتخبة داخل كل حزب وسيطرتها على اتخاذ القرار، فضلا عن مركزة عملية جمع التبرعات والتحكم في عملية التمويل. لكن هذا التمركز لم يمنع من تفشي الخلافات الأيديولوجية على صعيد القاعدة الحزبية التي تؤججها الممارسات الإعلامية الموالية لكل حزب على حدة وما تعكسه من تباين على جميع المستويات. غير أنه بينما تتجه الأحزاب التقليدية إلى تبني مزيد من الحزبية الضيقة والتقوقع وراء أجندات أيديولوجية جامدة، بدأت جماهير الناخبين غير المبالين بالصراعات الحزبية، تشعر بالاستياء وعدم الرضا إزاء التناحر الحزبي، أما السياسي الذي يسعى إلى استغلال تعطش الناخبين إلى شيء مختلف وإلى سياسة مغايرة فقد يكون إما قادما جديدا مثل الشاب "كليج" في بريطانيا، أو وجها مألوفاً مثل ليبرمان. وإذا كان الناخبون في الأوقات العادية غالباً ما يرجعون إلى اختياراتهم التقليدية ويمنحون أصواتهم للسياسيين المألوفين، ففي الأوقات العصيبة يتمسك الناخبون بالاختيارات الجديدة والبدائل السياسية التي تطرحها القوى الصاعدة، هذا الاستياء الذي ينفجر في محطات مختلفة مثل قانون الهجرة وإصلاح الرعاية الصحية وغيرها، هو استياء يسعى الفاعلون الجدد إلى توظيفه للوصول إلى السلطة. وفيما تمثل بريطانيا محاولة التمرد الأولى على نظام الحزبين التقلدي، فإنها بالقطع لن تكون الأخيرة خلال هذه السنة المتقلبة. ديفيد برودر كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©