السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منى زريقات: القراءة باللغة الأم ضرورة لتنمية مهارات الأطفال

منى زريقات: القراءة باللغة الأم ضرورة لتنمية مهارات الأطفال
21 مارس 2011 19:13
يعيش الأطفال العرب في شقق سكنية مع أهليهم، الأمر الذي يعانون معه غالباً من محدودية المكان وعدم اتساعه، فيظل حبيس الجدران بين الإلكترونيات وما باتت تمنحه الشاشات والقنوات من اختيارات العنف والضرب والقوة بلغة الآخر، فتولد عند الصغار حب المشاجرة والعناد، وغيرها من المشاكل النفسية من تقوقع على الذات، وتراجع في العلاقات الاجتماعية التي تعرف الصغير بمؤهلات نفسه وتكسبه مهارات حياتية تنفعه مستقبلا، في خضم هذا الواقع تحاول دور النشر الخاصة بالأطفال، وناشرو الكتب ومؤلفوها منح الأطفال مساحات من التخيل وتكوين الحس النقدي لديهم من خلال سلاسل من الكتب، ومن هذه الدور “ دار المنى” التي عرضت كتبها ومؤلفاتها في معرض بوظبي الدولي للكتاب الذي اختتم دوته الحادية والعشرين يوم الأحد الماضي. عن أهداف الدار، وتفاصيل أخرى عن القراءة وتراجعها، وتقاعس اللغة العربية تقول منى زريقات هنينج صاحبة دار المنى التي تأسست بالسويد سنة 1984: نعمل من خلال الدار على تقديم مواد ومواضيع ومضامين هادفة تهم كل الفئات من عمر سنتين إلى 90 سنة. وتشير زريقات إلى أن البداية كانت مع نشر كتب الأطفال، وتطورت الاهتمامات لتشمل كتب الناشئة والكبار، وتضيف زريقات التي تترجم كثيراً من كتب الدار بنفسها: هدفنا هو تقديم مواد ومواضيع مقنعة ومشوقة للجميع، ومن هذا الباب فأنني أشجع وأنصح، بل أراه شيئاً ضرورياً لتطوير مهارات الأطفال واكتسابهم لخبرات حياتية وتكوين رصيد لغوي قوي أن نعلمهم القراءة باللغة الأم، لهذا فإنني أرى أن هناك خطأ كبيراً يرتكب في حق اللغة العربية. التراجع سببه المدارس الخاصة وتؤكد زريقات بأن اللغة العربية تقاعست منذ ثلاثين سنة وتوضح أسباب ذلك قائلة: تراجعت اللغة العربية لأن الأطفال يقرأون في غالب الأحيان بلغة الآخر، وأشير هنا أن كثيراً من الناس يوجه الاتهام للعولمة، أما أنا فأقول إن تراجعها كان قبل ذلك، إذ تراجعت في السبعينات نتيجة انتشار المدارس الخاصة، لأن هذه المدارس اهتمت باللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية في الدول العربية أكثر من اللغة العربية، إذ اعتمدت ثنائية اللغة، ولكن في الحقيقة أعطت أهمية للغة الأجنبية أكثر من اللغة العربية، وكانت تقدم كتب هذه اللغات للصغار مواضيع بطريقة أجمل ومضامين شيقة، هكذا تراجع الإقبال على كتب اللغة الأم، وتشير زريقات في هذا السياق أن وزارات التربية والتعليم حول العالم العربي لم تول هذا الأمر عناية، ولم تراقب ما تقوم به المدارس الخاصة في هذا الباب، بحيث ظل التعاطي مع اللغة الأجنبية يتصاعد، في حين يتراجع ذلك المتعلقة باللغة العربية، مما أضعفها عند الطلاب وجعلها تتراجع في أساليبهم، وفي تكوين رصيد لغوي. تجارب ناجحة مع اللغة الأم وتتحدث زريقات عن بعض التجارب الناجحة التي أولت عناية كبيرة للغة الأم وتقول: سلكت بعض الدول طرقاً جيدة لحماية لغتها بل طورتها، وساهمت في إثراء مصطلحاتها، ومن هذه الدول نذكر التجربة السويدية، وهو بلد مكون من 9 ملايين نسمة فقط، لكنه مجتمع لا يقرأ إلا بلغة البلد، ولم يفسح المجال للغة الإنجليزية للسيطرة على اللغة الأم، رغم إيمانهم أن اللغة الإنجليزية هي لغة عالمية، مع ذلك جعل أبناء البلد يطورون أنفسهم من خلال لغتهم، وجعلها في الدرجة الأولى، وهناك مثال آخر على ذلك من أيسلندا وهم شعب مكون من 250 - 300 ألف نسمة فقط، والكل يقرأ بلغتهم، واللغة الإنجليزية تأتي في المرحلة الثانية، أما التجربة اليابانية فهي خير دليل على تقدم الشعوب عند إعطاء الأولوية للغتهم، حيث بدأت حضارتهم قبل 100 عام، وترجموا كل ما يتعلق بهم للغة اليابانية، ودرسوا أولادهم بنفس اللغة، بينما اللغات الأخرى تدخل ضمن المهارات الإضافية للطلاب ووسيلة تواصل عالمية، ولكنها تبقى في الدرجة الثانية، أما الشعب الصيني فإنه لا يقرأ ولا يتعامل إلا بلغته الأم وهو القوة الاقتصادية الكبيرة في العالم. اختبار الجوع والخوف والموت وتشير زريقات أن الدول العربية بها كتب موجهة للصغار من مؤلفين محليين، لكنها لازالت لم تف بالغرض المطلوب ولم تستطع إشباع فضولهم المعرفي ولم تستطع إغناء مخيلتهم، وهي لا تخاطب مشاعرهم بالقدر الكافي، وتنمي أحاسيسهم وتعمل على إنضاج قوتهم الذاتيه، وقدرتهم على الاحتمال، إلى ذلك تقول زريقات: لا يجب أن نقدم للطفل من خلال الكتب الموجهة إليه الحياة بلون وردي، يجب أن يعرفها على حقيقتها وبكل تلاوينها، بحزنها وفرحها، وقلقها، يجب أن تختبر كل المشاعر والأحاسيس، يجب أن يعرف الحياة وماهية الموت، وهذا الأخير يتعرف عليه بطرق بسيطة، مثل سرد قصة عن عصفور أو قطة تموت، ومن هنا يعرف الحياة بما يتخللها من تجادبات وتتكون لديه مناعة ضد عاديات الزمان، بعيدا عن الهشاشة النفسية، كما يجب أن تحمل هذه الكتب رسائل مهمة في الحياة وقيما جميلة، مثل الخير، والعطف على الصغير وغيرها كثير. نضج الشعور وتشير زريقات إلى أن دار المنى ساهمت في إثراء عالم القراءة للصغار بإصدار سلسلة “برهان” وهي مجموعة قصص تعدل سلوك الأطفال وتوجههم من خلال الرسائل التي تحمها والقيم التي تتحدث عنها في قالب تشويقي ممتع، وتعمل هذه السلسلة على مساعدة المعلمين على التعامل مع الأطفال وحل العديد من المشاكل التربوية، وتشير زريقات أنها تشكل أيضا طرقا لتعامل الآباء مع الأولاد، مثل اللعب مع الصغار الذي يكسر حواجز الصمت بين الآباء والأبناء، هنا تقول زريقات إن الجميع يجب أن يقرأ أدب الطفل ليتمكن من التعامل مع الأطفال، وتشير الى أن هذا الأدب يجب أن يشمل كل تلاوين الحياة وتفاصيلها، وتقول عن ذلك: إن أدب الطفل يداوي شعور الصغار، لأنهم يحسون ولا يعبرون، ومرات لا يجدون من يستمع إليهم، وهناك كتب تجيب عن تساؤلاتهم، وتنضج شعورهم بعيدا عن التوجيه المباشر. الكتابة للمراهق صعبة تقول منى زريقات إن الكتابة للصغير سهلة بالمقارنة مع التأليف للمراهقين، خاصة في مجال الترجمة، بحيث يجب ترجمة أعمال تناسب البيئة التي ينشأ بها الطفل، وتضيف في نفس السياق: وذلك ليس سهلا، لأن هذه الكتب مرتبطة اجتماعيا بالبلد الصادرة فيه، والمترجم في هذا الإطار يجب أن يكون حريصا على استعمال المصطلحات والمضامين والقيم أثناء إنجاز العمل، فالكتابة للصغار يعني اكتشاف العالم، أما للمراهقين تختلف اهتماماتهم وتتنوع حسب تساؤلات المراهق. أما عن الكتب التي ترجمتها دار المنى تقول منى زريقات: ترجمنا من الكلاسيكيات، ومن الكتب الحديثة على السواء، وهذه بعضها: “ آن في المرتفعات الخضراء” أولاد سكة الحديد” وغيرها من الكتب، كما هناك: “ سر النار” وهو كتاب حائز على جائزة الشارقة لأفضل كتاب مترجم، وكتاب “ الصبي والصبية والجدار” صدر عن دار “المنى” في العاصمة السويدية ستوكهولم كتاب جديد بعنوان “الصبي والصبية والجدار” من تأليف الشاعر والكاتب أولف ستارك، ورسوم آنا هيجلند، وقام بترجمته للعربية إبراهيم عبدالملك، ويقع الكتاب في 48 صفحة من القطع المتوسط، وكتبه الكاتب بعد زيارته لفلسطين، وبدأه بقصيدة لمحمود درويش: “ وخلف السياج غد يتصفح أوراقنا”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©