جلسة حوارية حول تصميم البيت الإماراتي وفق نظام البناء التقليدي

رغبة في إحياء الوجه التراثي للبيئة المعمارية التقليدية المحلية، والحفاظ على أنظمة هذا النوع من المعمار وتجدده وترغيب أفراد المجتمع في التوجه نحو تصميم منازلهم وفق النظام المعماري التقليدي، نظمت اللجنة المعمارية في جمعية المهندسين بدولة الإمارات، وفق برنامج نشاطات اللجنة لعام 2011 بالتعاون والتنسيق مع بلدية دبي جلسة حوار إبداعية تحت عنوان «تصميم بيتي»، لتعريف كافة شرائح المجتمع من المواطنين والشباب والمكاتب الاستشارية والمعماريين وطلاب الجامعات بالأسس الهندسية والمعايير النموذجية لتصميم بيتي الإماراتي الذي يتوافق مع القيم والعادات والتقاليد وبيئة الإمارات، وذلك ضمن برنامج التوعية التراثية والثقافية التي تعمل على تحقيقه المؤسستان بحضور لفيف من المهندسين المعماريين والمتخصصين والمكاتب الاستشارية وبعض الشركات المقاولة، بالإضافة للعديد من المواطنين المهتمين، للتعرف على أهم الابتكارات الإبداعية في التصاميم المعمارية وأساليب إنشاء تلك المباني والتي تتوافق مع الطابع العمراني والمعماري وبيئة دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث ألقى المهندس ببلدية دبي ورئيس مجلس إدارة جمعية التراث العمراني بدولة الإمارات العربية بعنوان (بيتي القديم)، وبين بوخش أهم المعايير والتصاميم المعمارية التي يمتاز بها البيت الإماراتي موضحاً عناصر العمارة التقليدية المستخدمة من خلال تأمين الحوش والمدخل المنكسر لتحقيق الخصوصية، وتوزيع الفتحات ضمن الواجهات التي تؤمن الإنارة والتهوية الطبيعية بما يتلاءم مع العادات والتقاليد وطابع وبيئة الإمارات، ووضح المهندس بوخش الجهود المبذولة تاريخياً للحفاظ على مفردات وأصالة العمارة التقليدية باعتبارها ركناً أساسياً في التعبير عن الوجدان الوطني للسكان. وشارك في الندوة المهندس يوسف المرزوقي رئيس قسم تراخيص البناء ببلدية دبي من خلال محاضرة ألقاها تحت عنوان (الاشتراطات البنائية لتصميم بيتي)، وأكد المرزوقي ضرورة مراعاة بيئة الإمارات من حيث حركة الرياح واتجاه الشمس وتأثير الحرارة باستخدام الأنظمة الحديثة والعزل الحراري والمباني الخضراء ضمن تصميم بيتي. القيم الثقافية وقد عرض الدكتور نبيل الشناف رئيس قسمي الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي بالجامعة الأميركية بدبي دراسة خاصة حول البيت الإماراتي والقيم الثقافية، حيث بين خلال الدراسة ملاءمة عناصر البيت مع احتياجات المواطن. وقد أوصى الدكتور شناف ضمن محاضرته بالاهتمام بمراعاة القيم الثقافية الراسخة بدلاً من اتباع الأشكال النمطية في العمارة خلال تصميم بيتي، كما شكر الدكتور شناف السادة الحضور ومدى تفاعلهم مع الندوة واهتمامهم الواعي لتطبيق مفاهيم القيم الثقافية، ضمن التصاميم المعمارية وأبدى إعجابه بالتنظيم الرائع للندوة المتمثلة بالسادة أعضاء اللجنة المعمارية. وشارك المهندس أحمد آل علي مدير مكتب للاستشارات الهندسية بالندوة ضمن محاضرته التي ألقاها بعنوان (البيت الإماراتي اليوم)، وبين من خلال تصاميمه المبتكرة ضمن المكتب ضرورة الأخذ من القيم والمناخ والبيئة الإماراتية، وأن ينظر فيها إلى المستقبل من ناحية استخدام التقنية الحديثة ورؤية المجتمع المتغير الحديث وإلى الإنسان بصفته جزءا من المجتمع العالمي، وقد بين المهندس بدر آل علي رئيس قسم دراسات مشاريع التراث العمراني ببلدية دبي خلال تجربته الواقعية من خلال تنفيذ بيته الإماراتي المتوافق مع البيئة المحلية، ضمن محاضرة عرضها (تجربتي كوني معمارياً )، حيث بين المهندس أهم الإبداعات التي نفذها ضمن سكنه الخاص من خلال اقتباسه لمفردات عناصر العمارة من كتاب (عناصر العمارة التقليدية من إعداد بلدية دبي) ومحاولته الجادة لتطوير هذه المفردات بطرق إبداعية مستخدماً المواد الحديثة لتحقيق الاحتياجات البيئية، وبين أهم المشكلات والمعوقات التي واجهته خلال تنفيذ بيته الإماراتي. وأكد المهندس بوخش رئيس اللجان التخصصية بجمعية المهندسين خلال الندوة أن هذه الندوة تأتي في إطار الحرص على مفهوم الهوية الوطنية، وتهدف إلى زيادة وعي المواطنين في مسائل الحفاظ على مفردات عناصر العمارة المحلية خلال تصميم بيتي والتواصل مع المجتمع بمختلف شرائحهم وفئاتهم. وفي بداية الندوة ذكر المهندس أحمد عبد الرحمن بوخش رئيس اللجنة المعمارية أنه حرصاً من جمعية المهندسين على نهجها الدائم بأخذ زمام المبادرة وخدمة القطاع الهندسي بدولة الإمارات، يأتي عقد مثل هذه الندوات العلمية ضمن سلسلة متصلة من النشاطات والفعاليات المتخصصة، علماً بأن اللجنة تنظم ضمن الفترة القادمة زيارة ميدانية للأعضاء المعماريين لأهم الابتكارات الإبداعية في التصاميم المعمارية التي صممها ونفذها الإنسان في تاريخ البشرية في القرن الحالي «برج خليفة». وأفاد المهندس محمد عامر رجب مهندس تصميم في إدارة التراث العمراني ببلدية دبي، وعضو ومقرر اللجنة المعمارية بأن تنظيم مثل هذه الندوات يأتي إيماناً من دور جمعية المهندسين بأهمية تعريف كافة المصممين المعماريين والمختصين، بأهم المتطلبات والمعايير اللازمة لتصميم بيتي انطلاقاً من أصالة القيم والعادات وأهمية دور المصمم في إعداد الأفكار المستلهمة من واقع العمارة المحلية بعيداً عن مفردات العمارة المستوردة، مع تحقيق تطوير منسجم يجمع بين التاريخ والبنيان المعاصر في وجه التطور العمراني السريع لدولة الإمارات العربية المتحدة (الأصالة والحداثة) كما أفاد المهندس رجب بأن الندوة قد حققت نتائج علمية كبيرة للمعماريين، وفتحت لهم فرص التواصل مع الآخرين إلى جانب إكساب المشاركين المزيد من المعارف العلمية. وفي نهاية جلسة الحوار أوصى المحاضرون بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها تحقيق الحفاظ على طابع التراث العمراني المحلي المتأثر بالحضارة الغربية ضمن منظومة الحضارات المؤثرة عالمياً، ووضع اشتراطات بنائية وتخطيطية تفصيلية خاصة لمناطق التمركز التاريخي تعتمد على تفعيل الحوافز العمرانية. وتأكيد ضرورة إعادة استخدام مفردات العمارة المحلية وتطويرها بعيداً عن مفردات العمارة المستوردة، إنشاء مركز خاص لدراسة أفضل الممارسات بتصميم البيت الإماراتي المحلي. تضمين ثقافة الحفاظ على المعطيات التراثية بمراحل التعليم المختلفة وحتى مرحلة الدراسات العليا، وعمل دورات إلزامية للمنتسبين الجدد لجمعية المهندسين بالتنسيق مع الجهات المتخصصة بالتراث العمراني، وتفعيل دور القطاع الخاص في الحفاظ على طابع التراث العمراني الإماراتي، وإقامة العديد من المحاضرات التوعوية المماثلة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتشجيع المواطنين نحو تصميم مبانيهم بالطابع المحلي خارج حدود المنطقة التاريخية، وتأليف دليل إرشادي يستفيد منه المواطنون بعنوان «كيف تصمم بيتك؟» يكون مرجعاً لهم للتعرف على أهم نقاط ومرتكزات العمل على تصميم البيت الإماراتي.