الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدر آل علي: البناء الإماراتي له خصوصية رائعة

بدر آل علي: البناء الإماراتي له خصوصية رائعة
21 مارس 2011 19:20
أيقونة الماضي ومفرداته تتجلى في نمط المنازل التي أبى أصاحبها إلا أن يتشبثوا برداء التراث الأصيل لتصور منازلهم أيقونة البناء المعماري التقليدي التي تعكس هوية هذه المنطقة، هذه العناصر المعمارية التي تعد مفردات تعبيرية ملازمة لتكوين ملامح العمارة في بيئة ما، فهي مطبوعة بسماتها، وتعكس القيم والعادات والتقاليد الموروثة والمكتسبة في المجتمع والتي ارتبطت بمفهوم وفلسفة الدين الإسلامي عن الجمال والفن المعتمدة في ماهيتها على مبدأ التجريد، من خلال ما تتحلى به من تفاصيل هندسية في تكوينها المعماري. هذا النمط من العمارة التقليدية، لم ينحصر في إطار المناطق التراثية ولم يقف عند حدود هذا المكان فقط، وإنما تجلت صوره في بعض المناطق والأحياء السكنية نتيجة تعلق وشغف الكثيرين بجمال العمارة التقليدية ومحاولة جادة من قبلهم إلى إبراز أوجه هذا النمط من الطراز الذي يصور تفاصيل العمارة في البيئة المحلية، ما دفعهم إلى تصميم منازلهم على طراز العمارة التقليدية، من خلال العناصر المعمارية التي نسجت على أوجه بعض الفلل السكنية، وانفردت بها عن المنازل التي صممت على نمط البناء المعماري الحديث. توقفنا عند منزل المهندس بدر آل علي الذي اشرف على بناء منزله المتشح بالتفاصيل المعمارية التقليدية، ليطلعنا على تفاصيل هذا البناء التقليدي من العمارة رغبةً منه في تعزيز مفهوم وجماليات هذا الفن المعماري التراثي عند أفراد المجتمع وإحياء هذا النمط من البناء، الذي يحمل في طياته الكثير من التفاصيل التي تعكس نمط وملامح تراثية تعبر بالدرجة الأولى عن هوية هذه البيئة وملامح تكوينها المعماري. غنى البيئة المحلية يقول المهندس بدر آل علي: تبقى البيئة المحلية بما تتمتع به من تفاصيل ومفردات بنائية، الوجه الذي يصور طبيعة وملامح هذه المساحة من الأرض، والتي بدورها تعكس جوانب هامة لمفاهيم ثقافية واجتماعية واقتصادية للأهالي قديماً. هذا النمط المعماري القديم وبما يتمتع به من مميزات وخصائص يمكن أن نشاهدها وبشكل واسع في عدد من المباني التاريخية سواء المباني السكنية التراثية القديمة أو المساجد التراثية أو المباني الدفاعية (القلاع والحصون) والإدارية والتي سعت الجهات المختصة في جميع أنحاء الدولة بالمحافظة عليها وترميمها وإعادة تأهيل المباني التاريخية لكي تحفظ تاريخ وعمارة هذا البلد. في حين نفتقر إلى وجود هذا النمط من البناء القائم على نمط العمارة التقليدية في الأحياء السكنية والذي يطغى عليها الطابع المعماري الإسلامي البسيط جداً مثل وجود الأقواس والأعمدة. ومن هذا المنطلق اتجهت للخوض في تجربة معمارية تراثية محلية لبناء مسكن خاص بي في إمارة الشارقة يحمل طابعا متميزا للعمارة المحلية. وكوني أعمل في مجال الحفاظ على التراث العمراني في بلدية دبي منذ عام 1996م، والإشراف خلال سنوات عملي على أدق التفاصيل في البناء المعماري القديم واكتسبت خبرة وافية في كيفية التعامل مع العمارة المحلية سواء في المباني التاريخية أو في استخدام عناصر العمارة المحلية في المباني الحديثة، وعشقي لهذا النمط من البناء جعلني انسج فنيات العمارة المحلية لتكون واجهة حية يطل من خلاله مسكني الخاص. خصوصية المعمار ويضيف آل علي: هذا النمط من البناء القائم على عنصر الخصوصية والتي تعد من العناصر المهمة في تصميم البيت التقليدي بحيث لا ينكشف البيت على الخارج وهذا ما تم تطبيقه في بيتي حيث استخدمت المدخل المنكسر بحيث لا يستطيع الواقف خارج البيت من النظر إلى داخله. ونجد أن عمارتنا المحلية تتميز ببساطتها وملاءمتها للبيئة المحيطة، إلى جانب عدم مغالاتها في استخدام الزخارف، ومن هذا المنطلق بدأت في وضع اللمسات الأولى لتصميم واجهة البيت، وأخذت بعين الاعتبار المناخ الحار وسطوع أشعة الشمس طوال العام فقمت بتصميم النوافذ لتكون صغيرة الحجم وتعلوها وحدة زخرفية تقليدية تتكامل مع النافذة لتكون مشابهة للنوافذ المستخدمة في المباني التقليدية ولكن بلمسات حديثة، وقد تكررت هذه النوافذ بحيث تكون إما ثنائية في الدور العلوي وثلاثية في الدور الأرضي لتكون وحدة واحدة متكاملة سواء في الواجهة الرئيسة أو الواجهات الأخرى للبيت. كما استخدمت في منتصف الواجهة الرئيسة زخارف مقوسة الشكل تم وضعها أمام النوافذ وعددها 3 مما خلق نوعا من الخصوصية على الفراغ الداخلي وأعطى طابعا جماليا للناظر من الخارج، بالإضافة إلى استخدام نفس الزخارف ولكن بحجم أصغر لتغطية نوافذ غرف الخدمات مثل الحمامات. من الباب ويشير آل علي: وقد حرصت أن لا أخرج من نطاق الطراز القديم في أدق تفاصيله، حيث تم استخدام لمدخل البيت أحد الأبواب التقليدية الموجودة في بيت الشيخ سعيد آل مكتوم في منطقة الشندغة في دبي ليكون الباب الرئيسي للبيت الممزوج بطابع حديث، حيث استعنت بإحدى ورش النجارة للعمل على تصنيع الباب بالحجم المطلوب واستخدام الزخارف والنقوش الموجودة على الباب الأصلي، كما استخدمت الزجاج بديلاً للخشب في زخرفة الباب في بعض الأماكن. ونظراً لاستخدامي للزخارف الركنية على جانبي مدخل البيت، كسر الجمود للزوايا القائمة المستخدمة في أغلب المباني وأطلق نوعا من الحيوية والحركة في المكان. أما خط السماء والمعروف بلهجتنا المحلية “الوارش” فقد استخدمت زخرفة خشبية تراثية تم تصنيعها من مادة الألمنيوم ولكن بلمسة ولون تراثي أضاف للمبنى عنصرا من المباني التاريخية الممزوجة بطريقة عصرية. أما باقي واجهات البيت فقد تكررت هذه العناصر التراثية المحلية فيها بالإضافة إلى وجود بعض الكوات “الدخلات” في بعض الأماكن والتي تعتبر من العناصر التراثية الموجودة بكثرة في اغلب المباني التاريخية. وقد استعنت باللون التراثي المميز والمستوحى من البيئة المحلية في طلاء البيت من الخارج. الواجهة كما نجد انعكاسا واضحا للتصميم المعماري التراثي في واجهته الخارجية على المبنى من الداخل حيث خلق على عناصر التصميم الداخلي طابعا تراثيا ممزوجا بالحداثة، ونظرا لكون المباني التاريخية تزخر بالزخارف التي يتم تصنيعها من مادة الجبس “الجص” الأمر الذي دفعني الى تطعيم البيت من الداخل ببعض الزخارف التي تم تشكيلها بمادة الزجاج الملون والذي أعطى تنوعاً وجمالاً للبيت سواء في الواجهات الخارجية أو في التصميم الداخلي، حيث قمت بتجربة فريدة في تطوير إحدى الزخارف الجبسية الطولية والموجودة في الواجهة الرئيسة لبيت التراث في منطقة الراس في دبي، حيث تم تصنيعها من مادة الزجاج المهشم واستطعت الحصول على نفس الشكل الأصلي للزخرفة ولكن بمادة حديثة وبألوان تتناسب مع التصميم الداخلي للبيت، كما قمت بتصميم الأبواب الداخلية للغرف باستخدام زخرفة تقليدية تم وضعها على الباب وأيضاً على الإطار من الأعلى. وقد قمت بالإشراف على جميع هذه الأعمال خلال تنفيذها بالورشة المختصة ولمست أن العامل العربي يستطيع فهم وتطوير العناصر المعمارية التراثية بشكل أفضل من الجنسيات الأخرى. متطلبات العمل يرى آل علي قائلا : من خلال تجربتي في تصميم بيتي استطيع القول إن تصميم البيت بطابع تقليدي يحتاج للعمل في مرحلتين، الأولى مرحلة التصميم مع الاستشاري والمرحلة الثانية تكون في مرحلة البناء حيث يتطلب اختيار الزخارف والعمل على تنفيذها بالشكل المطلوب وتطوير هذه العناصر المعمارية التراثية لتتلاءم مع المبنى. حيث استعنت بكتاب تم إصداره من قبل إدارة التراث العمراني في بلدية دبي وهو كتاب عناصر العمارة التقليدية والذي تم تأليفه ليتم استخدامه من قبل المكاتب الاستشارية في تصميم المباني الحديثة، ومن خلال تجربتي أدعو جميع المهندسين لعدم استخدام أسلوب القص واللصق في استخدام عناصر العمارة التقليدية وإنما تطوير هذه العناصر واستخدامها لتكون ملائمة للمباني الحديثة بشكل عملي. وحاليا ومن خلال إدارتي لمكتب دار التعمير للاستشارات الهندسية في إمارة الشارقة أقوم بالخوض في تجارب مختلفة لتصميم المباني السكنية باستخدام العمارة المحلية وذلك في حالة رغبة المالك لبناء بيت ذات طابع تراثي محلي، كما إنني أسعى لتطوير العناصر التراثية لاستخدامها في المباني الحديثة بطريقة جمالية ووظيفية سواء للشكل الخارجي أو في التصميم الداخلي للمبنى. أهمية التصاميم أتمنى من الجهات الحكومية سواء البلديات أو دوائر وإدارات التراث العمراني على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة بتجميع وإصدار كتاب للعناصر المعمارية التراثية والتي تزخر بها المباني التاريخية وذلك لتوثيقها من جهة وإمكانية استخدامها من جهة أخرى في المشاريع الحديثة والمباني السكنية وذلك لتكوين شخصية معمارية محلية متميزة لدولتنا الحبيبة، واعتقد أن انتشار مثل هذه التصاميم تساعد على ترسيخ الهوية الوطنية وتدعو الجيل الحديث للاستفادة من تجارب الماضي.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©