الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة أوباما والعقوبات على إيران

19 يونيو 2016 23:10
فيما تتزايد مطالب إيران ويدق مرشدها الأعلى ناقوس الخطر محذراً من الكذب الأميركي، نجد وزير الخارجية الأميركية القلق جون كيري يقوم باستجداء الشركات الأميركية للعودة إلى إيران مجدداً، لكن مديري البنوك الحريصين، وأعضاء الكونجرس غير الواثقين والغاضبين، يقاومون تلك المحاولات من جانبه. ها نحن إذن نرى تداعيات الاتفاق النووي، الذي لم يكن سوى مجرد إشارة على إمكانية بدء المفاوضات مع إيران. من الناحية الموضوعية، كانت «خطة العمل المشتركة الشاملة» التي وقعت الصيف الماضي، صفقة جيدة لإيران، حيث تمكنت من خلالها من الاحتفاظ بالعناصر الجوهرية لبنيتها النووية، بينما لم تضع تلك الخطة سوى قيود محدودة ومؤقتة على طموحاتها النووية. وبالمقابل، استفادت طهران بتفكيك كامل للعديد من العقوبات الأميركية والدولية المؤثرة، التي كانت مفروضة عليها. في يناير الماضي بدأ تنفيذ بنود الاتفاق حسب الجدول الموضوع، وقامت إيران بتجميد جزء من بنيتها النووية التحتية، ونالت ختم الموافقة المرتجى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. عقب ذلك، عملت العواصم الغربية على إنهاء أو تعليق بعض العقوبات الاقتصادية، ووافقت على إتاحة الإمكانية لإيران لاسترجاع 100 مليار دولار من أصولها المجمدة. وأرسلت إدارة أوباما رسائل للحكومات المحلية لولاياتها الخمسين، تدعوها فيها لرفع العقوبات المفروضة من طرفها على إيران. لكن كل ذلك لم يكن كافياً في نظر إيران التي قال مرشدها الأعلى «إن الولايات المتحدة تسمح للبنوك الأجنبية بالتعامل مع إيران، على الورق فقط، أما عملياً فهي تمنعها من ذلك». وقد وجدت إيران طريقة لممارسة البلطجة على العالم، ودفعه لنسيان سجلها الدموي. وقامت حكومة أوباما من ناحيتها، بتيسير ذلك عليها، عندما وقعت معها الاتفاق النووي الذي تعهدت بموجبه بـ«الامتناع عن أي سياسات تؤثر سلبياً على تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران»، لكن ذلك لم يكن كافياً في نظر إيران، التي يرى مسؤولوها أن الولايات المتحدة مطالبة أيضاً بحث الشركات والبنوك العالمية المترددة على التعامل مع طهران. وقد خضعت الإدارة الأميركية لتلك البلطجة، وهو ما تمثل في قيام وزير الخارجية جون كيري برحلات خارجية، قدم خلالها عروضاً دولية لتشجيع الاستثمار في إيران، من خلال دعوات وتصريحات منها قوله: «إن المطلوب من البنوك هو أن تبذل العناية الواجبة وتعرف مع من تتعامل». لكن البنوك العالمية تعرف جيداً أنه ليس هناك شيء اسمه «بذل العناية الواجبة» في بلد فاسد مثل إيران. وفي محاولة منه لتخفيف المخاوف الإيرانية، أطلع مساعدي كيري الصحفيين المختصين بتغطية أخبار وزارة الخارجية مؤخراً، على خطة لإصدار رخصة تسمح للبنوك الأجنبية باستخدام الدولار، عند إجراء صفقات مع البنوك الإيرانية، وهو تنازل لم يتم التفاوض بشأنه في الاتفاق النووي. وقد استتبع هذا رد فعل عنيفاً من قبل الكونجرس، أجبر مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية على المسارعة بإصدار توضيح إرشادي، يفيد بأنهم لا يسمحون للإيرانيين بالدخول على النظام المالي للولايات المتحدة، وإن كانوا قد تركوا الباب موارباً أمام إمكانية إجراء عمليات مقاصة خارجية بالدولار. إن محاولة كيري إعطاء ضوء أخضر للإيرانيين لاستخدام الدولار في المعاملات، لا تتفق مع البيانات الصادرة من هيئة المعايير العالمية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، المعروفة بـ«بفرقة عمل الإجراءات المالية»، التي تحذر أعضاءها على نحو منتظم من مخاطر عمليات تمويل الإرهاب، وغسيل الأموال الإيرانية. وما يمكن قوله أخيراً، هو أن الاتفاق النووي لم يغير سياسات النظام الإيراني الخارجية والاقتصادية، التي اتسمت باتساق ملحوظ عبر السنين، وهو ما يبدو واضحاً مما كتبه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مذكراته، في معرض تدليله على أن الرفاه الاقتصادي لم يكن كافياً لزعماء إيران حيث قال: لقد حددنا لأنفسنا مهمة عالمية.. ونحن لا يمكن أن نحيا في هذا العالم من دون أهدافنا الثورية». المفارقة الغريبة في هذا السياق، هي أن البنوك العالمية تبدو أكثر تفهماً لإمكانيات إيران في إثارة المتاعب، من وزير الخارجية الأميركي نفسه. *المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» -واشنطن **محللة السياسات بالمؤسسة ذاتها ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©