الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علم البيان «13»

19 يونيو 2016 23:16
من أهم كتب الدراسات البلاغية وأكثرها اتصالاً بالبلاغة والبيان كتاب «النكت في إعجاز القرآن» للرُمّاني، الذي يعد من أمهات كتب البلاغة وإعجاز القرآن الكريم بما حوى من هذه البلاغة. والرماني هو أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، وكان يعرف بالإخشيدي وبالوراق، كان إماماً في العربية، علامة في الأدب، ولد سنة 276 هـ، قال أبو حيان التوحيدي: «لم ير مثله قط علماً بالنحو وغزارة بالكلام، وبعداً بالمقالات، واستخراجاً للعويص، وإيضاحاً للمشكل، مع تنزه ودين، فصاحة وعفاف ونظافة، وكان يمزج النحو بالمنطق، حتى قال الفارسي، إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شيء، وإن كان النحو ما نقوله نحن فليس معه منه شيء»، توفي كما ذكر السيوطي في «بغية الوعاة» سنة 384 هـ. وجل الدراسة في هذا الكتاب يقوم على إثبات الإعجاز للقرآن عن طريق البلاغة التي جعلها ثلاث طبقات: منها ما هو أعلى طبقة، ومنها ما هو أدنى طبقة، ومنها ما هو في الوسائط بين أعلى طبقة وأدنى طبقة، فما كان في أعلاها طبقة فهو معجز، وهو بلاغة القرآن. وما كان منها دون ذلك فهو ممكن، كبلاغة البلغاء من الناس. وليست البلاغة في إفهام المعنى، لأنه قد يفهم المعنى متكلمان، أحدهما بليغ، والآخر عيي، ولا البلاغة أيضاً بتحقيق اللفظ على المعنى، لأنه قد يحقق اللفظ على المعنى، وهو غث مستكره وناف متكلف. وإنما البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ. ثم يحصر الرُمّاني البلاغة في أقسام عشرة هي: الإيجاز، والتشبيه، والاستعارة، والتلاؤم، والفواصل، والتجانس، والتصريف، والتضمين، والمبالغة، وحسن البيان. ثم يفسرها باباً باباً، التفسير المحدود الذي بقي في البلاغة. فقد عرف «الإيجاز» بأنه تقليل الكلام من غير إخلال بالمعنى، ثم يقسم الإيجاز إلى قسميه اللذين بقيا في البلاغة إلى اليوم، هما الحذف، والقصر، فالحذف إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام، والقصر بنية الكلام على تقليل اللفظ وتكثير المعنى من غير حذف. وعرف التشبيه بأنه العقد على أحد الشيئين يسد مسد الآخر في حسن أو عقل، ولا يخلو التشبيه من أن يكون في القول أو في النفس، فأما في القول فنحو قولك زيد تسديد كالأسد، فالكاف عقدت المشبه به بالمشبه، وأما العقد في النفس فالاعتقاد لا لمعنى هذا القول، أما التشبيه الحسي فكماءين وذهبين يقوم أحدهما مقام الآخر ونحوه، وأما التشبيه النفسي فنحو تشبيه قوة زيد بقوة عمر، فالقوة لا تشاهد ولكنها تعلم، ثم يجعل التشبيه على وجهين، تشبيه شيئين مثقفين بأنفسهما، وتشبيه شيئين مختلفين لمعنى يجمعهما مشترك بينهما، فالأول كتشبيه الجوهر بالجوهر وتشبيه السواد بالسواد، والثاني كتشبيه الشدة بالموت، والبيان بالسحر، والتشبيه البليغ إخراج الأغمض إلى الأظهر بأداة التشبيه من حسن التأليف، ومن أبدع ما في هذا الباب جعله التشبيه على وجهين: تشبيه بلاغة، وتشبيه حقيقة، فتشبيه البلاغة كتشبيه أعمال الكفار بالسراب، وتشبيه الحقيقة نحو هذا الدينار كهذا الدينار فخذ أيهما شئت. النكت: في «المعجم الوسيط» أن النكتة هي: الفكرة اللطيفة المؤثرة في النفس. وفي كتاب «لسان العرب»: النكتة المسألة الدقيقة أخرجت بدقة نظر وإمعان فكر، ويقال نكت الأرض: خططها بعود أو نحوه مفكراً. * المرجع البيان العربي - دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى - تأليف الدكتور بدوي طبانه طبعة منقحة 1972م. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©