الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صورة مشوهة

20 أغسطس 2009 20:53
كان ينظر إليه بحذر شديد، نظراته تتوجس خيفة من أي تصرف أحمق قد يبادر به، فيكشف همجيته وغلظة قلبه التي تسكن داخل جسد نفض الغبار منذ عشرات السنوات، ابتسم في وجهه فاقتنع بأن هناك محاولة لمد جسر الود وتغيير مفهومه حول ذلك الآدمي الذي لا يكاد ينطق لغته العربية ولا يفهم منها سوى كلمات توارثها من أجداده الرُحل، ومادام كذلك فمن المستحيلات أن يفك رموز لغته الإنجليزية هكذا كان تصور سائح أجنبي قدم لأبوظبي ذات يوم مع وفد سياحي وتلك هي الصورة الضبابية التي أخذها في ذلك الوقت عن الإنسان الإماراتي. لم تكن معلوماته ناتجة عن اختلاف الحضارات، ولم يستمد ذلك السائح أفكاره الخاطئة من كتب تغالط الواقع، بل استمدها من مرشد سياحي، لفت انتباه ارتدائه للبس يخالف الزي الوطني الإماراتي، فسأله هل أنت إماراتي ليجيبه المرشد بكل ثقة : بنعم . فرد عليه السائح أنه يشاهد أناسا يرتدون الكندورة فمن يكونون ؟! فأجابه المرشد بقوله أن هؤلاء الأشخاص ما هم إلا بدو، وقال له إنهم لا يفهمون في التطور والحضارة والمدنية، وبالغ في حديثه بقوله إنهم سكان خيام، وجل ما يفهمونه ركوب الإبل، ومعلومات مسمومة كادت أن تمزق كل الصور الجميلة التي التقطها ذلك السائح. لم يكف المرشد عن إساءته بل أمد السياح بمعلومات تاريخية خاطئة حيث أكد لهم أن الفئة التي ينتمي لها ونحن لا نعلمها هي من قامت بتطوير الدولة وبنت العمائر الشاهقة، وكانت الإمارات قبل ذلك صحراء قاحلة ليست بينها وبين العالم أي تواصل حضاري متناسيا أن عمر دولتنا الفتية يتعدى 3500 سنة قبل الميلاد، متجاهلا تاريخ إنسان أم النار والهيلي والقصيص والعديد من المناطق التي تمخضت بالعديد من اللقي الأثرية وكشفت مدى الازدهار العمراني والفكري للإنسان الأول على أرض الدولة. كل ذلك التاريخ كاد أن يزهق عمره لولا معاودة الأجنبي زيارته للإمارات، بصفته مستثمرا، وتعامله مع شريكه المواطن الذي كان يرتدي الزي الوطني والذي كشف له الحقيقة وزال عنه الغمة التي ربما لم تكشف عند رفقاء رحلته بعد. ريم البريكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©