الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هزيمة لوبين.. صفعة لليمين المتطرف

8 مايو 2017 22:15
شكّلت الهزيمةُ الكبيرة للزعيمة الفرنسية المناوئة للاتحاد الأوروبي مارين لوبين يوم الأحد الماضي في الانتخابات الرئاسية في بلدها، مناسبةً لتذكير الجميع بحدود قوة أحزاب اليمين المتطرف الساعية إلى إسقاط المشروع الأوروبي: فعلى الرغم من الأجواء التي تبعت انتصاري البريكسيت في بريطانيا والرئيس دونالد ترامب في أميركا، إلا أن تلك الأحزاب من المحتمل أن تظل بعيدة عن السلطة لسنوات طويلة في القارة العجوز. فبعد استحقاقات مختلفة أتيحت فيها فرص الاختيار عقب فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، منح الناخبون في أوروبا الغربية ثقتهم لمرشحي التيار السياسي الرئيس وأوصلوهم إلى السلطة، وذلك على الرغم من شعور واسع النطاق بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة بأن موجة شعبوية مناوئة للمهاجرين أخذت تجتاح العالم الغربي. وهكذا، فشل مرشحو اليمين المتطرف في كل من النمسا وهولندا وفرنسا. كما أخفق أيضاً حزب اليمين المتطرف في ألمانيا المشكك في جدوى مشروع الوحدة الأوروبية في ألمانيا خلال استطلاعات الرأي الأخيرة قبل انتخابات سبتمبر المقبل. واليوم، يبدو أن أجندة الانتخابات الصعبة لا تتيح طرقاً كثيرة لوصول اليمين المتطرف، وستبقى كذلك، إلى السلطة لسنوات على الأرجح. وهذا الزخم اليميني الذي تم إيقاف مده يأتي على الرغم من وجود أدلة واضحة على أن الآراء التي كان التعبير عنها يُعتبر ضرباً من ضروب التابوهات قبل سنوات قليلة فقط، لم تعد اليوم غريبة أو مستهجنة جداً إلى درجة منع السياسيين القائلين بها من الاقتراب من الزعامة. وعلى سبيل المثال، فعندما وصل والد لوبين إلى الجولة الثانية من الانتخابات في 2002، رفض منافسه إجراء مناظرة معه، نظراً لأن آراءه كانت جد مرفوضة من قبل التيار السياسي الرئيس. أما هذه المرة، فقد اختار العديد من الناخبين الفرنسيين عدم المشاركة في الانتخابات كلياً لأنهم يكرهون لوبين ولا يؤيدون ماكرون -وإنْ كان ماكرون، الوسطي المؤيد لأوروبا، قد قدّم أيضاً برنامجاً مختلفاً كثيراً عن منافسته. والواقع أن النتيجة التي حصلت عليها لوبين، أكثر من 34 في المئة بقليل بعد فرز معظم الأصوات، مثّلت مع ذلك ارتفاعاً تاريخياً بالنسبة لحزبها. واليوم، الاختبار بالنسبة لمستقبل أوروبا هو ما إنْ كان ماكرون سيستطيع إعادة إحياء علاقة فرنسا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد الوهن الذي أصابها خلال السنوات الخمس المنقضية الآن من ولاية الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا أولاند الذي هبطت شعبيته إلى مستويات قياسية. أما إذا استمرت فرنسا في الركود الاقتصادي، فقد يتبين أن انتصار الأحد الماضي لم يكن سوى إرجاء مؤقت لحكم اليمين المتطرف لخمس سنوات، وليس رفضاً قاطعاً له. بيد أن فشل اليمين المتطرف في الوصول إلى الرئاسة يتباين جداً مع التوقعات التي ظهرت في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر الماضي بشأن احتمال أن يؤدي صعود ترامب في الولايات المتحدة إلى إطلاق موجة عالمية من السياسيين الشعبويين. يذكر هنا أن لوبين كانت من بين الزعماء الأوائل حول العالم الذين هنأوا ترامب ليلة انتصاره. كما أجرى مستشارو ترامب وزعماء أحزاب من اليمين المتطرف في أوروبا محادثات خلال الأسابيع التي أعقبت الانتخابات الأميركية. والواقع أن الانتخابات التي أجريت لاحقاً أظهرت اتجاهاً واضحاً في أوروبا الغربية: أن الناخبين ضاقوا ذرعاً بالتيار السياسي الرئيس وبزعمائه. ولكنهم ما زالوا أيضاً غير مستعدين لتسليم اليمين المتطرف السلطة. وقد تكون الأشهر الأولى من رئاسة ترامب التي تميزت بنوع من الشد والجذب قد أضرت بشعبويي أوروبا بدلاً من أن تفيدهم. وفي هذا الإطار، يقول جوزيف جانينغ، رئيس مكتب «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» في برلين: «هذا ما يحدث عندما لا تظل أزمة اللاجئين مهيمنة على عناوين الصحف ويقوم شعبويو اليمين المتطرف بتفكيك أنفسهم»، مضيفاً «ليس من السهل، في نهاية المطاف، تفكيك أوروبا بالدعوات القومية». وحالياً في أوروبا الوسطى، يوجد زعيمان قوميان من اليمين المتطرف في السلطة في كل من بولندا والمجر، ولكن لا أحد منهما يشكّل تهديداً وجودياً للاتحاد الأوروبي مثلما كانت تفعل لوبين في فرنسا. واليوم، يسارع الزعماء الأوروبيون إلى طي صفحة سنة قاتمة بالنسبة للتكتل، محتضنين انتصار ماكرون باعتباره الخطوة الأولى على طريق إعادة الشباب إلى تحالف محاصَر ضد القوى التي تريد تمزيقه، ذلك أن كثيراً من زعماء التيار السياسي الرئيسي كانوا يخشون زلزالاً سياسياً في حال فوز لوبين. ففي بروكسل، التي تحتضن مقر الاتحاد الأوروبي، كانت هتافات الفرح تُسمع في الشوارع لحظة الإفراج عن نتائج استطلاعات الرأي للناخبين لدى خروجهم من مكاتب الاقتراع مساء الأحد، على غرار هتافات الفرح التي تُسمع حين يفوز فريق مفضل في مباراة في كرة القدم. وتعليقا على هذا الفوز، كتب وزير الخارجية النمساوي سباستيان كروز في حسابه على تويتر: «لقد أظهر الفرنسيون بوضوح أن ذلك الاحتجاج والرغبة في التغيير لا ينبغي بالضرورة أن يؤديا إلى انتخاب شعبويي اليمين المتطرف». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©