الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الفنزويلية.. ودستور «مادورو»

8 مايو 2017 22:26
يقول المنتقدون للنظام الفنزويلي، إن الاقتصاد متهالك والجريمة مستشرية والزنازين مكتظة بالمعتقلين السياسيين وأميركا الجنوبية تشهد أسوأ أزمة لاجئين. ولكن بالدعوة إلى دستور جديد كما فعل الرئيس نيكولا مادورو في الأيام القليلة الماضية، ربما تفوق رجل أميركا اللاتينية القوي على نفسه في رفع قفاز التحدي. ففي الأول من مايو، في الوقت الذي كانت تعج شوارع العاصمة كاراكاس، ومدن أخرى كبيرة، بالمحتجين المناهضين للحكومة، أعلن مادورو اعتزامه تشكيل جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد. وبضربة واحدة لم يتحدّ الزعيم الفنزويلي فقط القوانين، حسب معارضيه، منذ مجيئه إلى السلطة العام 2013، بل تخلص أيضاً من أحدث الدساتير الذي صاغه سلفه الرئيس الراحل هوجو شافيز ليجعل منه صندوق أدوات لنظامه. واختار مادورو فريقاً يريد أن يبلغ به دستوراً أكثر ملاءمة لرغباته السياسية. ويعتقد دييجو مويا أوكامبوس، كبير محللي المخاطر السياسية في شركة أي. إتش. إس. ماركيت للاستشارات الاقتصادية ومقرها لندن، أن «مقترح مادورو ليس غير دستوري بشكل صارخ فحسب، بل هو أكثر الإجراءات راديكالية خلال أكثر من 17 عاماً من الشافيزية». وبدوره، وصف وزير الخارجية البرازيلي الويسيو نونيس مقترح مادورو بأنه «انقلاب» وانتهاك للتقاليد الديمقراطية! وأضاف في مقابلة: «هذا المقترح لا يتسق مع العملية الديمقراطية، ويغلق الباب أمام الحوار، وصفعة لمناشدة البابا التوصل إلى حل عن طريق التفاوض». والواضح بالمثل أن تحركات الزعيم الفنزويلي هي إشارة إلى القلق المتدثر باستعراض القوة. فمنذ أن أعلن شافيز ما يطلق عليه الثورة البوليفارية لاشتراكية القرن الحادي والعشرين، انقسمت فنزويلا تقريباً إلى شقين، فقد راهن سكان الحضر المهملون وسكان الريف الفقراء على الخلاص من شقائهم في ظل الشافيزية، بينما استعدت الطبقة الوسطى والمثقفون لمواجهة ما تعتبره أعراض استبداد صريح. ويقول المنتقدون، إن فنزويلا تضم أكبر نسبة تضخم في نصف الكرة الغربي، وأعلى معدل لجرائم القتل في أميركا الجنوبية. واستمرار التدابير الصعبة الرامية للسيطرة على الأسعار وتدخل الدولة، أدى إلى فراغ أرفف المتاجر من البضائع، وعزز سطوة تجارة السوق السوداء، وجعل عناء البحث عن الأغذية والعقاقير الشحيحة في السوق واقعاً يومياً. وحتى الشافيزيون المتشددون غيروا مواقفهم كما فعلت النائبة العامة «لويسا أورتيجا دياث» في مارس الماضي حين انتقدت بشدة القرار المتحيز للمحكمة العليا بالاستحواذ على سلطة الهيئة التشريعية. وأظهر مسح في شهر مارس الماضي أن ثمانية من كل عشرة فنزويليين لا يؤيدون حكومة مادورو، وهناك 63% من الذين أجري استطلاع الرأي عليهم في ديسمبر الماضي قالوا إنهم يريدون رحيله عن السلطة. وحتى سكان الضواحي العشوائية في المدن، وهم شريحة سكانية تدعم عادة التوجهات الشافيزية، انضموا إلى عمليات التمرد في الشوارع. وقد لقيت الأزمة رد فعل دولياً غير مسبوق مثل دعوة بابا الفاتيكان إلى حل سلمي عن طريق التفاوض، وتهديد إدارة ترامب بفرض عقوبات، وصدور تحذيرات من الدول اللاتينية المجاورة لفنزويلا. فقد صوت 19 من بين 35 دولة أعضاء في منظمة الدول الأميركية على مناقشة الأزمة السياسية في فنزويلا، ووقع 14 منها على بيان يطالب حكومة مادورو بحماية الحقوق الديمقراطية. ورد مادورو بإعلان رسمي يعتزم فيه الانسحاب من المنظمة القارية. وفي الوقت الذي يعزل فيه النظام نفسه فمن الصعب رؤية طريق نحو المستقبل. وعلى الرغم من ضعف حكومته فهو ليس وحيداً، فالجيش الفنزويلي ما زال يدعمه، حسب محللين. ولكن إذا استمرت الاشتباكات العنيفة وتزايد عدد الضحايا، فسيواجه مؤيدو مادورو اختباراً صعباً. ويمكن تجاوز المأزق الحالي إذا تعهد زعماء المعارضة ألا يعني السقوط النهائي للائتلاف الحاكم فض الائتلاف سياسياً. ولكن مثل هذه التوافقية عزيزة بشدة في فنزويلا هذه الأيام. * صحفي ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©