الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منار.. كفيفة مواطنة تبصر بعين العدالة

منار.. كفيفة مواطنة تبصر بعين العدالة
1 يناير 2012
«للإنسان نصيب من اسمه»، ولمنار محمد الحمادي، أول مواطنة كفيفة تسلك مجال العدل والمحاماة، حصة كبيرة من اسمها، بعد أن أصبحت تبصر الحياة بعين العدالة فتنهل من علمها وترتقي فيها لتثبت لنفسها مكاناً بارزاً في أروقة المحاكم، وتستحق أن تفخر بأنها لم تخسر ولو قضية واحدة في حياتها من بين عشرات القضايا التي خاضتها. «منار المحاماة» تسير بخطى مبصرة واعية في سلك القانون، فبين سنوات العمر، منذ أن فقدت بصرها وهي لم تتخط ربيعها الثامن إلى أن حصلت على جائزة الشيخة شمسة بنت سهيل للنساء المبدعات الشهر الماضي، وتعيينها كمحام أول عن قضايا الدولة في وزارة العدل بدار القضاء بالشارقة، بين تلك السنوات، خطوات مبصرة ومسيرة تستحق أن تروى لتكون قصة نجاح يستفيد منها الكثيرون وتسردها لـ « الاتحاد»على لسانها. تقول منار: «كنت طفلة طبيعية ولدت مبصرة ألهو وألعب مع إخوتي وجيراني وأهلي، وعندما كان عمري لم يتجاوز السابعة بعد، تعرضت لحادثة في إحدى العينين أثناء اللعب عندما اخترقتها قطعة حديد صغيرة أثناء اللعب، وعندما توجه بي أهلي إلى الطبيب أكد أن هناك انفجارا في إحدى العينين وعالج الأمر على أنه مجرد نزيف خارجي، ولم يتنبه إلى وجود نزيف في الداخل تسبب في مضاعفات أتلفت العين الأخرى». وأضافت: «لم تنجح مساعي السفر للخارج والعلاجات الطويلة وإجراء أكثر من 10 عمليات، أن تنقذ عيني الأخرى من التلف فتسبب لي الأمر في فقدان البصر بصورة كاملة، وأنا لم أتجاوز الثامنة من العمر بعد، عشت بعدها فترة طويلة غير متقبلة لأي شيء، وألحقني أهلي بعدها بمركز المعاقين في دبي حيث تعلمت هناك الكثير والدراسة عبر طريقة «برايل»، وكان لدي أمل في كل وقت أن بصري سيعود لي». وأردفت: «بقيت على هذا الوضع وصرت أكتسب يوماً بعد يوم مهارات جديدة، وأقبل على الحياة وأسلم بمصيري الذي كتبه الله لي، ورأيت أنني لابد أن أجتهد بصورة أكبر وأجعل من إعاقتي سببا لتفوقي والتحقت بمدرسة الغبيبة الثانوية في الشارقة، وكان لأهلي دور كبير في مساعدتي على استذكار دروسي، وكذلك الوصول إلى المدرسة وغيرها من الصعاب التي كانت تواجهني، إلى أن حصلت على الثانوية العامة وقررت بعدها أن أدرس القانون لأنني كنت أحبه». وقالت: «كبرت في ذاتي أمور كثيرة ورأيت أنني لابد أن أزيد من درجة اعتمادي على نفسي من خلال تسجيل الدروس ومعاودة استذكارها، واللجوء إلى العصا البيضاء التي يستخدمها فاقدو البصر في التنقل، وغيرها الكثير من الأمور الحياتية كي لا أشعر أنني عبء ثقيل على أهلي وأصدقائي». واستطردت منار بالقول: «مرت سنوات الدراسة في الجامعة بسلام، تصاحبها بعض الصعوبات منها عدم توفر كتب القانون بطريقة «برايل» للمكفوفين، والتي كنت أعالجها بتسجيل المحاضرات وتلخيص المناهج، حيث كان لإخوتي دور كبير في مساعدتي، إلى أن تخرجت من الجامعة وكانت سعادتي غامرة بما وصلت إليه». وبفخر تواصل منار الحمادي سرد مسيرتها: «بات تحدي الحياة العملية يشغلني بعض الشيء، إلا أنني كنت مؤمنة تماماً بأنني سأصل إلى مرادي وأحقق طموحي في أن أكون محامية، واستطعت أن أنال شرف كوني أول محامية مواطنة كفيفة في عام 2008، بعد أن تجاوزت دورة المحامين في معهد التدريب والدراسات القضائية بالشارقة، وعينت في وزارة العدل بمسمى متدرب قضائي». وعبرت عن اعتزازها بكونها إماراتية وقالت: «من حق أبناء الإمارات أن يفخروا ببلدهم وبقيادته الرشيدة التي تسخى في تقديم الدعم لأبنائها ومد يد العون لهم، وتوفر لهم الحياة الكريمة التي تحترم فيها حقوقهم ولا تبخل عليهم بأي مساعدة». وأضافت: «بهذا الدعم، واصلت مسيرتي في العطاء ومحاولة إثبات وجودي في ميدان العمل إلى تم تعييني بمسمى محام أول عن قضايا الدولة في وزارة العدل، عن أي جهة أو مؤسسة سواء كانت محلية أو اتحادية، ولم أخسر قضية واحدة في حياتي من بين عشرات القضايا التي خضتها عن الجهات والمؤسسات، حيث استعين بشخص لقراءة ميثاق القضية وأقوم بالرد من خلال كتابة المذكرة، كما أنني أتنقل بين أروقة عملي بالعصا البيضاء، وتربطني علاقة جيدة مع كل زملائي في العمل وأعيش حياتي بصورة طبيعية جدا». وتكمل منار حالياً دراستها العليا في القانون للحصول على درجة الماجستير وتأمل في أن تواصل الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه، فضلا عن ممارستها العديد من المهام التوعوية داخل المجتمع، من خلال إلقاء محاضرات توعوية لطلاب المدارس والكليات ونادي المعاقين، حيث تقدم تجربتها لتكون دافعاً لهم على مواصلة مسيرة حياتهم والإقبال على الحياة ليكونوا أفراد نافعين لمجتمعهم مستقبلاً». وختمت منار الحمادي بالقول: «سعدت كثيراً الشهر الماضي بعد أن نلت جائزة الشيخة شمسة بنت سهيل للنساء المبدعات عن مجال ذوي الاحتياجات الخاصة كأول كفيفة تحصل على هذا اللقب، وهي جائزة تهدف إلى إبراز المكانة التي تحتلها المرأة في جميع أوجه الحياة بدولة الإمارات وتكريم المبدعات الإماراتيات في جميع المجالات وتحفيزهن ودعم تجاربهن وإبداعاتهن بقصد الاستفادة منها في دفع عجلة التطور في المجتمع الإماراتي وإثرائه بالتجارب المتميزة المبدعة».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©