الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«لعنة» النفط تحل بالدول النامية

«لعنة» النفط تحل بالدول النامية
21 أغسطس 2009 23:01
تحول النفط إلى لعنة في الدول الفقيرة، فقد ساهم في انتشار الفساد وزاد من قبضة المؤسسات الحاكمة على حياة الأفراد، وأعاق التحول الديمقراطي، هذه هي النتائج التي توصل إليها كاتب «فاينانشيال تايمز» مويزيز نعيم. وكتب نعيم أن النفط أصبح لعنة مقيمة في الدول النامية تماماً كما أن الغاز الطبيعي والنحاس والألماس، التي لم تصبح ترياقاً وعافية هذه الدول. فمن خلال القاء نظره فاحصة لتلك الدول الفقيرة ولكنها الفنية في نفس الوقت بالموارد الطبيعية نجدها عادة تميل لأن تصنف ضمن الدول «غير النامية» إذا جاز التعبير، وذلك ليس بسبب ما تحتويه من مصادر غنية بالمعادن أو الهيدركربون وإنما بسبب ما أصبحت تمتلكه من ثروات مالية هائلة. فقد أصبح النفط - أو الذهب أو الزنك عاملاً يؤدى إلى «افقار» هذه الدول، وعلى الرغم من صعوبة تصديق هذه الحقيقة إلا أن هناك استثناءات مثل النرويج والولايات المتحدة الأميركية. وفيما يبدو فإن ندرة الاستثناءات لا تؤكد فقط على صحة القاعدة وإنما تكشف الستار أيضاً عن العوامل التي تنبتها هذه الدول من أجل تفادي التداعيات المأساوية للثروة الناجمة عن الموارد الطبيعية.وهذه العوامل تتمثل في إرساء دعائم الديمقراطية والشفافية والمؤسسات العامة الفعالة التي تستجيب لمطالب واحتياجات السكان. ولسوء الحظ فإن معظم الدول النامية تنظر إلى هذه الحصون الدفاعية وكأنها نوع من المحرمات في ظل اعتقادها بأنها تمكنت من تحقيق الهدف الأكبر الذي كانت تصبو إليه باستخراج النفط ثم الحصول على الأموال. لذا فإن الدول التي لديها أصلاً مثل هذه المؤسسات القوية لا تحتاج لأن تتخوف على الإطلاق من لعنة الموارد الطبيعية. أما بالنسبة لبقية الدول فإن المشكلة سوف تصبح أشبه بالمرض الذي يستعصي على المناعة بحيث تستمر «اللعنة» في الحاق أضرار جسيمة بقدرة الدولة على بناء دفاعات ضده وعلى صلة بذلك فإن العوارض مثل تمركز السلطة وانتشار الفساد وقدرة الحكومات على تجاهل مطالب واحتياجات مواطنيها جميعها تجعل من الصعوبة بمكان مقاومة أو مكافحة هذه اللعنة. وكان فوان بابلو بيريز الفونسو وزير النفط الفنزويلي الأسبق أول من لفت الانتباه إلى ضرورة الاهتمام بالمشكلة. وقال وقتها إن النفط ليس «ذهبا أسود» وإنما عبارة عن «نفايات الشيطان». ومنذ ذلك الوقت ظلت رؤية بيريز الفونسو تخضع لاختبارات العلماء من الاقتصادين والساسيين وتم تأكيدها والتوثق منها في رأي البعض الآخر، فعلى سبيل المثال سجل هؤلاء العلماء أنه ومنذ عام 1975 شهدت اقتصاديات الدول النامية الغنية بالنفط نمواً بوتيرة أبطأ مما شهدته الدول التي لا تعتمد على صادرات المعادن أو المواد الخام. و هناك قاسما مشتركا في الاقتصاديات التي تعتمد على الموارد الطبيعية أيضاً يتمثل في أنها تميل لتبني معدلات صرف تعمل علي تحفيز الواردات والحاق أضرار بصادرات أي سلعة أخرى باستثناء السلعة الرئيسية الهامة. ولا يعود ذلك إلى فشل القادة في هذه الدول في إدراك الحاجة إلى التنوع الاقتصادي إذ أن جميع الدول النفطية تقريباً استثمرت أموالها بكثافة في قطاعات الاقتصاد الأخرى، ولكن لآن القليل فقط من هذه الاستثمارات تمكنت من تحقيق النجاح بشكل كبير، وذلك لأن أسعار صرف العملة استمرت تلحق أضراراً جسيمة بالنمو في الزراعة والصناعة والسياحة والعديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى. ثم هناك التقلبات الحادة التي تصاحب هذه السلع المصدرة، ففي فترة الأشهر الأربعة والعشرين الماضية قفز سعر النفط من أقل من 80 دولاراً للبرميل إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً ثم هوى إلى 30 دولاراً قبل أن يعود مجدداً إلى مستوى يزيد على 60 دولاراً في منتصف عام 2009، ومما لاشك فيه فإن حالة دورات القفز والهبوط المتتابعة تمخضت عن تأثيرات وتداعيات مدمرة حيث أدت فترات الانتعاش إلى طفرة في الاستثمارات وعدم الاهتمام بتشجم المخاطر بالإضافة إلى تكدس الديون بينما استمرت فترات التراجع والانخفاض في الأسعار تسفر عن الأزمات البنكية والانخفاض المزمن في الميزانيات التي تؤدي بدورها إلى إلحاق المعاناة بالفقراء الذين يعتمدون على برامج المساعدات الحكومية، وبالإضافة لذلك فإن النمو الناجم عن النفط لم يعد يوفر الوظائف بأحجام تتسق مع الحصة الأكبر للنفط في الاقتصاد، ففي العديد من هذه الدول نجد النفط والغاز الطبيعي يسهمان بأكثر من 80 في المئة من الإيرادات الحكومية بينما يوظف هذان القطاعان نسبة تقل عن 10 في المئة من اجمالي القوة العاملة. وهو الأمر الذي يؤدي إلى التباين والاختلال في ميزان العدالة الاقتصادية في أوساط السكان، ولكن الأهم من ذلك على كل حال فإن لعنة النفط تؤدي عادة إلى خلق ظروف سياسية قذرة وسيئة لأن هذه الحكومة لا تحتاج إلى فرض ضرائب من أجل أن تحقق إيرادات مالية ضخمة وبشكل يجعل قادة هذه الدول لا يستجيبون لمطالب واحتياجات دافعي الضرائب في ظل مقدرة هذه الحكومات على نيل كل ما يحتاجونه من أموال من الخزينة العامة وهو الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى انتشار الفساد، (عن فاينانشيال تايمز)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©