الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإسلام والفنون الجميلة».. دعوة للرقي والتدبر

21 يونيو 2016 02:00
حسام محمد (القاهرة) يناقش المؤلف الدكتور محمد عبد العزيز مرزوق الأمين العام المساعد بدار الآثار العربية بالقاهرة في بداية كتابه «الإسلام والفنون الجميلة» علاقة الأديان السماوية السابقة بالفنون، فيؤكد أن اليهودية على سبيل المثال تشددت للغاية حيال الفنون فحرمتها تحريماً صريحاً، إذ جاء في الإصحاح العشرين من سفر الخروج «لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء ومن تحت الأرض، لا تسجد لهن، ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور»، وهكذا حرمت اليهودية الفنون تحريماً تاماً. أما المسيحية، فهي على الرغم من أنها لم تتخذ موقفاً معادياً للفنون إلا أنها لم تبتدع فناً، بل انتفعت بالفن القائم بين يديها بعكس الإسلام الذي جاء ليدفع إلى العناية بالفنون الراقية والتدبر في ملكوت السماء والأرض وبعكس الديانات السابقة لم يستخدم الفنون الجميلة في دعوته، كما استخدمتها الوثنية والمسيحية، ولم ينكر هذه الفنون، كما أنكرتها اليهودية، لكنه تضمن توجيهات مختلفة، كان لها أبعد الأثر في تكوين الفن الإسلامي، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، وبعضها كان بمثابة عوامل مساعدة في رقي الفنون الإسلامية الجميلة ونضوجها، ويتجلى أثر التوجيهات الإيجابية في فنون الخط والزخرفة والعمارة، أما فن الخط فقد حظي من عناية المسلمين جميعاً بنصيب وافر، وكان للخطاطين مركز ممتاز. كما أجاد المسلمون فن الخط فقد بلغوا في الزخرفة شأواً بعيداً، أقل ما يشهد به أن كلمة الأرابيسك، علم في تاريخ الفن، تطلق على نوع معين من الزخرفة ابتدعه الفنان المسلم، كذلك اهتم الإسلام والفنان المسلم بفن العمارة اهتماماً كبيراً، فوصف الله في كتابه العزيز جنات النعيم التي أعدها للمتقين من عباده وصفاً شيقاً لعله كان مبعث الوحي للمسلمين فيما شيدوه من عمائر: «والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، نعم أجر العاملين»، «لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرفا من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار»، فما كادوا يفتحون البلاد حتى أقبلوا على البناء فأقاموا قصوراً شاهقة، رشيقة التكوين، موزونة الأبعاد، منمقة الجدران، ضاع معظمها، ونفضت معاول علماء الآثار الأكفان عن بعضها وأفلت منها ذلك القصر العظيم الذي شيده بنو الأحمر في الأندلس، وهو بغرفه الفسيحة الرائعة، وقبابه الرشيقة العالية، ومياهه الرائقة الجارية، وجناته خير شاهد على ذلك. وعندما قال الله تعالى في القرآن الكريم: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ...)، «سورة النور: الآية 36» أقبل المسلمون على المساجد يشيدونها ويزخرفونها إجلالاً لها وتعظيماً، وبعداً بها عن مواطن الاستهانة إذا ما قورنت ببيوتهم أو بمعابد اليهود وكنائس المسيحيين، ولبس مسجد المدينة على يد الخليفة الثالث عثمان ابن عفان حلة فخمة خلعت عليها يد صناع الحسن والبهاء، وأقبل عمر بن عبد العزيز على تزيينه وتحسينه، وكذلك فعل خلفاء المسلمين من بعدهما، وكذلك فعل الأمراء والأغنياء في كافة العالم الإسلامي. ولقد كان من أثر ذلك أن سار المسلمون بفن العمارة إلى الأمام خطوات واسعة، ويكفي أن نذكر فضلهم على العالم أجمع في تحسين القبة - ذلك العنصر المعماري الذي يعتبر من المميزات البارزة في العمارة الإسلامية - فلقد ورث المسلمون القبة عن الأمم السابقة من المصريين والعراقيين والرومان، ورثوها صغيرة ساذجة بسيطة محدودة الاستعمال، وردوها إلى العالم كبيرة معقدة جميلة، وارتقوا بها في مدارج الرقي، وتجلت في إنشائه براعة بنائهم، وحذق مهندسيهم ومهارة فنانيهم، وأكثروا من استعمالها حتى لقد أصبحت من سمات العمارة الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©