الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن النفيس عبقري الطب ومكتشف الدورة الدموية

ابن النفيس عبقري الطب ومكتشف الدورة الدموية
21 أغسطس 2009 23:23
استطاع ابن النفيس اكتشاف الدورة الدموية الصغرى، ووصفها لأول مرة في التاريخ ليكون أعلم الناس في عصره، وأعظم وأشهر عالم بوظائف الأعضاء في القرون الوسطى والرائد الذي مهد الطريق أمام وليام هارفي -العالم الإنجليزي- مكتشف الدورة الدموية الكبرى سنة 1628م• يقول الدكتور منتصر مجاهد -أستاذ فلسفة العلوم والدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس- إن العلامة علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي- نسبة إلى قرية قرش- الدمشقي، الملقب بابن النفيس، يعد مثالا للعالم الورع التقي المنقطع إلى العلم، وواحدا من أكبر الأطباء العرب والمسلمين الذين حققوا اكتشافات عظيمة وجليلة، يفتخر بها الطب الإسلامي والحضارة الإسلامية. وقد ولد في قرية «قرش» بالقرب من دمشق سنة 607هـ• وبدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم، ودرس النحو واللغة، والفقه والأصول والحديث، والمنطق والسيرة وغيرها، وفي سنة 629هـ اتجه إلى دراسة الطب وهو في الثانية والعشرين من عمره، وذلك بعد أزمة صحية ألمت به دفعته إلى الاهتمام بالعلوم التجريبية لتحقيق النفع للناس• وأضاف: تعلم ابن النفيس الطب في دمشق على يد طبيب العيون البارع مهذب الدين عبد الرحمن المشهور باسم الدخوار، وهو أحد كبار الأطباء في التاريخ الإسلامي، وكان في ذلك الوقت كبير الأطباء في البيمارستان النوري العظيم، الذي أنشأه نور الدين محمود واجتذب إليه أمهر أطباء العصر الذين توافدوا عليه من كل مكان• وكان من أساتذته في الطب أيضا عمران الإسرائيلي، ورضي الدين الرجي• ورافقه في دراسته ابن أبي أُصيبعة -صاحب طبقات الأطباء- فقد رحلا معا إلى القاهرة سنة 633هـ، وعملا في البيمارستان الناصري الذي شغل فيه ابن النفيس منصب الرئاسة وعميدا للمدرسة الطبية الملتحقة به• وأكد الدكتور مجاهد أن ابن النفيس كان مثالا للعالم الورع التقي المنقطع إلى العلم، انكب على كتب ابن سينا وأبقراط وجالينوس وغيرهم، وقال البعض: انه كان يحفظ كتاب القانون في الطب لابن سينا عن ظهر قلب• كما اهتم أيضا بدراسة الفلسفة والمنطق والبيان، وتعمق في دراسة الفقه، وعلوم الشريعة، حتى إنه أصبح أستاذا للفقه الشافعي في المدرسة المسرورية بالقاهرة، إلى جانب نبوغه وعبقريته في الطب• وأشار إلى أن اسم ابن النفيس اقترن باكتشاف الدورة الدموية الصغرى، التي سجلها بدقة في كتابه «شرح تشريح القانون»، وقال: إن هذه الحقيقة ظلت مختفية قرونا طويلة، ونسبت خطأ إلى الطبيب الإنجليزي وليام هارفي 1628هـ، الذي بحث في دورة الدم بعد وفاة ابن النفيس بأكثر من ثلاثة قرون، وظل الناس يتداولون هذا الخطاء حتى إبان هذه الحقيقة الدكتور محيي الدين التطاوي في رسالته التي حصل بها على درجة الدكتوراه من ألمانيا وأكدها الدكتور «مايرهوف» المستشرق الألماني، حيث كشف عن جهود ابن النفيس للمؤرخ «جورج سارتون»، فنشر هذه الحقيقة في كتابه المعروف «تاريخ العلم». وفى أعقاب ذلك واصل مايرهوف البحث عن مخطوطات أخرى لابن النفيس وعن تراجم له، ونشر نتيجة بحوثه في عدة مقالات، وقام الطبيب الإيطالي ألباجو بترجمة أقسام من كتاب ابن النفيس «شرح تشريح القانون» في سنة 954هـ إلى اللاتينية، ووضع الدكتور بول غليونجي كتابا وافيا، يعد أشمل ما كتب عن ابن النفيس وتناوله كلير في كتابه «الطب العربي»، ووصفه جورج سارتون بأنه أول من اكتشف الدورة الدموية، وقال ألدو ميلي: «من الحق الصريح أن يعزى كشف الدوران الرئيسي إلى ابن النفيس لا إلى سيرفيتوس أو هارفي»• يشير الدكتور منتصر إلى أن اكتشاف الدورة الدموية الصغرى يعتبر واحدا فقط من إسهامات واكتشافات ابن النفيس العديدة فهو مكتشف الدورتين الصغرى والكبرى للدورة الدموية، وواضع نظرية علمية غير مسبوقة في الإبصار والرؤية وكشف عن العديد من الحقائق التشريحية وتمكن من جمع شتات المعرفة الطبية والصيدلانية في عصره، وقدم قواعد للبحث العلمي وأصل للمنهج العلمي التجريبي• يوضح أنه قد خلف ابن النفيس مؤلفات علمية عديدة نشر بعضها ومازال البعض الآخر مخطوطات لم تر النور بعد، ومنها «الموجز في الطب»، و«شرح فصول أبقراط»، و«المهذب في الكحل المجرب»، و»المختصر في أصول علم الحديث»، و«شرح تشريح القانون» وهو من أهم كتب ابن النفيس، وتبرز قيمته في وصفه للدورة الدموية الصغرى، واكتشافه أن عضلات القلب تتغذى من الأوعية المبثوثة في داخلها لا من الدم الموجود في جوفه، ونقض كلام جالينوس وابن سينا أعظم طبيبين عرفهما العرب في ذلك الوقت• وكتاب «الشامل في الصناعة الطبية»، الذي يعد أعظم مؤلفاته، كما يعتبر أضخم موسوعة طبية يكتبها باحث في تاريخ البحث العلمي، وكان ابن النفيس قد عكف على إعداد هذه الموسوعة وهو ينوي أن يجعلها مرجعا طبيا شاملا، لولا أن وافته المنية بعد أن أعد منها ثمانين جزءا، وهي تحوى جهود العلماء المسلمين في الطب والصيدلة على مدى خمسة قرون من العمل المتواصل، كما ألف في السيرة وعلم الحديث والنحو والفلسفة والمنطق• وقال: أشاد العلماء بابن النفيس فقال عنه ابن قاضي شهبة: «كانت تصانيفه يمليها من حفظه ولا يحتاج إلى مراجعة لتبحره في الفن» وقال السبكي: «صنف شرحا على التنبيه، وصنف في أصول الفقه، وفي المنطق، وكان مشاركا في فنون»• إلا أنه لم يأخذ حقه من الذيوع والشهرة بما يوازي ويضارع إنتاجه واكتشافاته، وارجع البعض السبب في ذلك إلى عدم التقدير أو عدم الإحاطة بهذه الاكتشافات في ذلك الوقت• ووافته المنية في سنة 687 هـ، بعد صراع شديد مع المرض وكان قد خلف مالا كثيرا، ووقف كتبه وأملاكه على البيمارستان المنصوري بالقاهرة•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©