السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مزارعو رأس الخيمة يطالبون بعودة الدعم لتحقيق الاكتفاء الذاتي

مزارعو رأس الخيمة يطالبون بعودة الدعم لتحقيق الاكتفاء الذاتي
18 مارس 2012
إذا قلنا إن جميع التجارب التي أجريت وكل التصريحات التي ذكرت من قبل الخبراء، تشير إلى أنه بالإمكان زراعة جميع أنواع الخضراوات في الإمارات، خاصة في رأس الخيمة والفجيرة والعين والذيد، فلن نأتي بجديد، حيث إنه دخلت أنواع كثيرة منذ السبعينيات إلى هذه المناطق، وحققت نتائج طيبة مثل البطاطس والملوخية والخس، وأيضا الجزر والخيار والخرشوف والسلق والبنجر، والفاصوليا والبازلاء واللفت والباميا والزهرة أو القرنبيط، وأيضا الكراث والفجل والثوم، إلى جانب أنواع أخرى من الخضراوات كالبصل الأخضر والطماطم والرويد والفلفل والكزبرة والبقدونس. موزة خميس (رأس الخيمة) - منذ عشر سنوات مضت لم يعد المزارع في الإمارات يستطيع أن يزرع ما يكفي للتسويق، فالخضراوات المستوردة يتم قطفها قبل أوانها في مواطنها الأم، ثم تجمد وتشحن لتجد مكانها فوق أرفف الجمعيات والأسواق قبل المنتج المحلي، كما ارتفعت الأسعار حتى أصبح بالإمكان القيام بحصر عدد «أعواد» البقدونس والكزبرة، وهي تباع بالدرهم، وقد قمنا برحلة إلى رأس الخيمة للعثور على تلك المزارع التي تعود لمواطنين، وهم لا يزالون يزرعون أو يشرفون بأنفسهم على الزراعة، من أجل العثور على الأفضل والأرخص بكميات كبيرة، فكانت المفاجأة أننا لم نعثر على ضالتنا لأسباب ذكرها المزارعون. تكوين سلة غذاء علي خميس الدهماني، من رأس الخيمة، أخذنا إلى مزرعته حيث توجد أحواض كانت تزرع قبل عشر سنوات بأنواع مختلفة من الخضراوات، وكانت تكفي أسرته المكونة من 20 شخصاً، حيث يقول: نظرا لطبيعة مناطقنا البعيدة عن المدن، فإن الدولة يمكنها أن تناقش فكرة مد المزارعين بالدعم، فذلك سوف يساعد على تكوين سلة غذاء تكفي لكل الأسر التي تقيم في هذه المناطق البعيدة. وتشجع النشاط الزراعي فيها، حتى لا تعتمد على مزارع محددة، ولن تعتمد على الاستيراد من الخارج، والزراعة في المنطقة توفر علينا عناء الطريق إلى الأسواق البعيدة، وحاليا تعاني المزارع، التي أصبح عمرها 200 عام، من ملوحة التربة وشح المياه، ولا يوجد حل إلا مياه التحلية. ويشير الدهماني، إلى أن تلك الأحواض قد امتلأت بالأعشاب الطفيلية، والتي حلت محل الخضراوات الموسمية، في وقت كانت فيه رأس الخيمة تنتج الذرة والقمح والقطن، وأيضا نبات الدخن الذي ينتج منه الدقيق، ولكن بمرور الوقت ومع شح الموارد المائية والأمطار وارتفاع أسعار المواد الزراعية، لم يعد باستطاعة المزارع أن يستمر في العطاء والإنتاج، فالمنطقة الزراعية التي كانت تشتهر بإنتاج خصب لم تعد كذلك، وكل المزارعين لم يحصلوا على أي دعم منذ ما يزيد على 12 عاماً، فقد مر على آخر فني كان يقوم برش المبيدات الحشرية في المنطقة عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين لم يحصلوا على البذور ولا المكائن ولا أية خدمات تساعدهم، وبالتالي لم يعد المزارع يهتم بالزراعة في ظل الخسائر وشح المصادر المائية والدعم. نحتاج للزراعة ومن جانبه يقول عبيد محمد «مزارع»، إن كل مزارع في هذه المنطقة، أفنى حياته وهو يحرث ويبذر ويسقي وينفق الآلاف لأجل الزراعة، وفي النهاية تقضي العناكب والحشرات على النخيل، ففي كل عام نفقد مجموعة كبيرة منه، حتى أن أحد المزارعين فقد نخيله، ولم يعد في مزرعته سوى نخلتين، لذلك نحن ونيابة عن كل المزارعين، نطالب بأن يتم بحث قضايانا، لأننا آخر جيل يهتم بالزراعة وبعد عدة سنوات لن يوجد من ينتج للدولة في هذه المناطق، ولا نظن أن الدولة سوف تعتمد على الاستيراد لفترة زمنية طويلة. ويكمل عبيد قائلاً، إن لم ينتج الرجل منا لأجل التجارة فإنه سوف ينتج لأجل أن يوفر لنفسه ولأهله ما يكفيه، ونحن نحتاج للزراعة من أجل ألا نضطر للشراء، فالشباب من أبنائنا بعيدون في إمارات أخرى طوال الأسبوع للعمل أو للدراسة، لذلك يضطر الرجل الكبير في السن لأن يقطع مسافة طويلة لأجل أن يشتري أغراض الزراعة والبيت أيضاً، فأحياناً يذهب مثلاً للذيد أو الفجيرة لشراء المبيدات والبذور، حتى إن احتاج الأمر تطعيم المواشي فإن الأهالي يقومون بالتوجه للمنطقة الوسطى في الذيد. الحل الوحيد أما راشد بن راشد، والذي يمتلك مزرعة يزيد عمرها على مائتي عام، فيقول: هذه المزرعة تحتاج إلى كثير من الجهد والعرق والشقاء، من أجل أن تنتج في هذه المنطقة الجبلية، ولن يقدر أي مسؤول حاجة الأسر التي كانت تعيش على ثمارها، واليوم أصبحت مجرد بقعة تبكي حالها، فقد كنا نأكل ونطعم الجار وعابر السبيل منها، وقد تحدثنا عدة مرات لتقوم الجهات الحكومية بدراسة احتياجات المنطقة، من البذور والأسمدة والمبيدات، ومهندس زراعي تثقيفي، للإرشاد ودراسة حال الأشجار والنباتات، ولم يتحرك أحد. ويضيف راشد قائلا: إن الحل الوحيد لإنعاش المناطق، النصلة ورافاق والفشغاء، أن يتم مد خط مياه من خط مياه التحلية الذي يخترق المنطقة وهو قريب جدا، إلا أنه يخدم مناطق أخرى بعيدة عنا، والماء العذب سوف ينعش الزراعة والمنطقة، ويوفر كميات من الخضراوات والفواكه التي كانت تتميز بها منطقتنا، وهي مناطق لها تاريخ في الزراعة. مجالس للمزارعين ويوضح عبدالله خميس: لم يتبق إلا نخلتان، في مزرعتي، وذهبت كل الأموال التي أنفقتها أدراج الرياح، وكنت أحصل من المزرعة على ثمار التمر، وأزرع المحاصيل التي تكفي أسرتي، ولكن عدم توافر الماء وانتشار الحشرات أديا إلى المزيد من الشقاء والتعب، فكل يوم ندخل معركة لمحاربة الآفات إلى جانب التحديات التي تواجهنا مثل الحرارة والرياح، وإنفاق الأموال على المبيدات التي يرتفع سعرها عدة مرات في كل عام، ونحن بحاجة للأسمدة والتي نشتريها دون جهة تدعم الزراعة، إلى جانب مصاريف أخرى، فالرجال الكبار المحترفون هم اليوم بحاجة لمن يساعدهم، وفي قديم الزمان كانوا يستعينون بمن يعرف بالبيدار، واليوم تتوافر جنسيات آسيوية، ولكنهم بحاجة إلى رواتب. ويضيف عبدالله: نحن بحاجة لمجالس خاصة بالمزارعين، وتشرف على تلك المجالس لجنة، تقوم بنقل مطالبهم واحتياجاتهم للجهات المسؤولة، خاصة أننا إلى اليوم لا توجد لدينا جمعية أسوة بالآخرين، وحاليا لم يتم توفير مكتب إرشاد، يساعد المزارع في حال شراء مبيدات، أو استخدام جهاز أو ماكينة رش المبيدات، كي يوجهنا للطريق الصحيح. ويقول خميس، إن كان البعض يعيش على راتب التقاعد أو على الإعانة الاجتماعية، فكيف ينفق ماقيمته خمسة آلاف درهم لشراء جهاز رش السموم؟، كما أن بعض المزارع تحتاج إلى خمس عشرة علبة من السموم، وكل علبة يبلغ سعرها مائة وخمسين درهماً، فكيف يعود موسم الزراعة كما كان في السابق، عندما كان هناك إنتاج محلي جيد، في ظل حصول المزارع على كميات جيدة من البذور وخيام المحميات. الزراعة وريد أخضر يقول سالم علي سالم: كنا نزرع لنأكل واليوم نشتري، والزراعة هي وريد أخضر لكل دولة ترغب في النأي بنفسها عن التعرض لأي مواقف تجعلها في حاجة للغير بالنسبة للغذاء، ولذلك فإن غالبية دول العالم تمنح الزراعة الأولوية، ويمنحون كل مزارع راتبا ودعما شاملاً وكل مايتعلق بتحقيق إنتاج وفير، من أجل أن يكون هناك اكتفاء غذائي ذاتي، ولكن الحال تبدل اليوم في ظل عدم توافر أي دعم من أية جهة، ولذلك فإن على أصحاب القرار في الدولة أن يأمروا بإنشاء لجان تبحث حال المزارعين واحتياجاتهم، وأن يضعوا حلولاً عملية كي يستطيع كل مزارع أن يقوم بدوره، من أجل أن يكون الإنتاج المحلي هو الأول في الأسواق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©