الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكوسوفيون··· ومحاولات تقويض الاستقلال

الكوسوفيون··· ومحاولات تقويض الاستقلال
24 يونيو 2008 01:33
ستة عشر شهراً من السجال المحتدم بين روسيا والغرب في أروقة الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن لم ينتهِ إلى حل مرض بشأن مستقبل كوسوفو، لكن يبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة ''بان كي مون''، كي نستعير عبارة ''دين راسك'' خلال أزمة الصواريخ الكوبية في العام ،1963 لم يرف له جفن إلا مؤخراً، فقد جاءت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي كمحاولة منه لإزاحة الاعتراضات الروسية وتمهيد الطريق لإنهاء بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو التي استمرت تسع سنوات، لا سيما بعدما صاغت السلطات في ''برشتينا'' دستوراً جديداً خلال الأسبوع المنصرم عقب إعلانهم الاستقلال في شهر فبراير الماضي· وعلى مدار السنوات التسع الفائتة درج الكوسوفيون على تشبيه أنفسهم بالمتفرجين على مصيرهم دون القدرة على صياغته، لذا تشكل مغادرة الأمم المتحدة لكوسوفو وتسليم السلطة إلى الأهالي بداية التغيير وتكريس الاستقلال، وفي هذا السياق يقول ''جيمس ليون'' -من مجموعة الأزمات في بلغراد-: ''لقد بدأ بان كي مون يقترب من موقف الدول المؤيدة لاستقلال كوسوفو، لكن من وجهة نظر الصرب فقد حصلوا أيضاً على ما يريدون بعدما اقتطعوا شمال نهر إيبار من الإقليم لصالحهم''· والواقع أن الصرب لم يخفوا أبداً معارضتهم لاستقلال كوسوفو واستعدادهم لعرقلة ذلك، حيث سيجتمع يوم الجمعة القادم برلمان صرب كوسوفو الذي تدعمه بلغراد مباشرة، وستتولى هذه الهيئة، التي يعتبرها المسؤولون الغربيون غير شرعية، مهمة التنسيق بين مختلف الأجهزة الصربية من شرطة وأمن، وحتى مكاتب وزارة الدفاع· ويبقى من غير الواضح ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على دخول مدينة ''ميتروفيتشا'' ذات الكثافة الصربية، ويعبر عن هذا الوضع الدقيق في كوسوفو أحد الدبلوماسيين الغربيين البارزين بقوله ''لن نحرز تقدماً إذا ما ظلت الأمور على ما هي عليه، إننا لا نريد أن تتحول كوسوفو إلى مكان لاستضافة القوى الدولية لسنوات قادمة، لأن ذلك يزعزع الاستقرار في كوسوفو وفي صربيا، وهي المشكلة الأساسية في هذه المنطقة''· وبالنسبة للولايات المتحدة والغرب تمثل كوسوفو أولوية من ''الدرجة الثانية'' بالنظر إلى الأزمة بين إيران وإسرائيل والحرب في العراق وأفغانستان، ومع ذلك تبقى كوسوفو ساحة صراع مفتوحة بين مبادئ أساسية في الشؤون الدولية، حيث يبرز مبدأ سيادة الدول مقابل المفهوم الجديد لحق تقرير المصير بالنسبة للكوسوفيين، كما أن الصراع الحالي هو اختبار لمدى قدرة البلقان على الاندماج في أوروبا، أو تدهورها إلى جماعات قومية متفرقة، ولم يجد ''بان كي مون'' يوم الجمعة الماضي خلال اجتماع خاص لمجلس الأمن بداً من الإقرار بدقة الوضع، واصفاً كوسوفو بأنها أعقد مشكلة في مشواره الدبلوماسي· ومن ناحيتها قالت وزيرة الخارجية الأميركية ''كونداليزا رايس'' في خطاب ألقته بتاريخ 19 يونيو، إن التطورات الداخلية في روسيا لها دور في تعثر مسار ''كوسوفو''، وذلك رغم التعاون الجاري بين البلدين في العديد من المجالات، موضحة أن ''هناك خيبة أمل من أننا لم نستطع الاتفاق على قيم مشتركة مع روسيا التي كنا نتطلع إليها في العام ··''·2000 وقبل عام فقط كان الحديث ممكناً عن تسوية سلمية ومنخفضة التكلفة نسبياً في كوسوفو، فبعد تسع سنوات كان يفترض أن تغادر الأمم المتحدة ويحل مكانها الاتحاد الأوروبي، وبهذا يغلق آخر فصول حروب البلقان التي استمرت عقداً من الزمن يغذيها شعار ''صربيا الكبرى'' الذي رفعه ''سلوبودان ميلوسوفيتش''، غير أن الحسابات لم تجرِ كما تشتهي سفن الغرب، حيث أقر أحد الدبلوماسيين بأن روسيا لم توافق قط على التصويت لصالح المشروع في كوسوفو، وهو ما تسبب في انقسام الحلفاء· ويوضح الوضع في ''كوسوفو'' بدقة أحد الدبلوماسيين الغربيين في ''برشتينا'' -رفض ذكر اسمه- قائلا: ''لا يوجد قرار من مجلس الأمن بشأن الإقليم، ولدينا إسبانيا واليونان اللتان تعارضان الاستقلال، كما أن صربيا لا تعاني العزلة المفترضة''، وفي ظل غياب قرار لمجلس الأمن يفصل في مصير كوسوفو لم يعد بمقدور سكان الإقليم الحركة أو صياغة مستقبلهم، وهو الأمر الذي عبر عنه دبلوماسي غربي آخر قائلا: ''كنا نعتقد بأن الانطلاقة ستكون سريعة مع موافقة مجلس الأمن، وبأن كوسوفو ستستمر في طريقها نحو الاستقلال، لكن بدلا من ذلك برزت مشاكل غير منتظرة''، وفي هذا السياق أيضا يقول ''جيمس ليون'' -من مجموعة الأزمات-: ''لقد وقفت صربيا حجر عثرة في طريق كوسوفو، إذ لم يتوقع أحد أن تعرقل صربيا مجلس الأمن، ولم ينتظر أحد من روسيا الوقوف إلى جانب بلغراد، ولا أن يصر الصرب بعناد شديد على خلق مؤسسات موازية في جيوبهم داخل كوسوفو''· وحالياً بدلا من اعتراف مائة دولة بكوسوفو كما وعدت بذلك الولايات المتحدة، لم تنضم سوى 43 دولة إلى لائحة الموقعين على ميلاد الدولة الجديدة، وهكذا بدلا من إشراف الناتو على تدريب الشرطة ودعم الحكومة الجديدة في كوسوفو، فإنه مازال يفصل بين الطرفين ويحول دون تجدد العنف، وبدلا من وصول بعثة أوروبية إلى الميدان، تكتفي بروكسيل بحل الخلافات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، وبدلا من نظام قضائي موحد برز نظامان واحد لكوسوفا والآخر للصرب، وبدلا من عزل صربيا إقليمياً ودولياً، تقف كل من صربيا وسلوفينيا واليونان وإسبانيا وروسيا وراء بلغراد وتدعمها لتقويض الاستقلال· روبرت ماركاند- كوسوفو ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©