السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات أفغانستان: الفرص والتحديات

انتخابات أفغانستان: الفرص والتحديات
21 أغسطس 2009 23:30
في الانتخابات الأفغانية أول أمس، تحدى الأفغان الإرهاب «الطالباني»، وفي بعض الحالات قطعوا مسافات طويلة للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجالس الولايات لأنهم يدركون جيداً أنها لو انتهت كما هو مأمول فستوفر لهم فرصة لإدارة مستقبلهم. والشيء الذي لا يقل أهمية أن تلك الانتخابات يمكن أن تبعث الحيوية في الحكومة الأفغانية وتساهم في تحسين آدائها، وهو شرط ضروري لنجاح استراتيجية مكافحة التمرد، وجهود إرساء الاستقرار، وإعادة البناء. وتلك الانتخابات التي بدا منذ أسابيع قليلة كما لو أنها تكاد تكون محسومة سلفا لصالح الرئيس الحالي «حميد كرزاي»، تحولت مؤخراً، وهو ما يمثل ظاهرة صحية، إلى انتخابات حامية الوطيس، وذلك بعد أن انحصرت المنافسة فيها بين أربعة مرشحين رئيسيين من بين 41 مرشحاً في بداية السباق. ورغم تفوق كرزاي بفارق كبير على منافسيه، فإن الفساد وعدم الكفاءة اللذين شابا حكومته خلال الأعوام الأربعة الماضية، ساهما إلى حد كبير في تقليص شعبيته وشرعيته في آن معاً، وهو ما اضطره إلى عقد صفقات مع أمراء حرب سابقين وزعماء قبائل، مثل «عبد الرشيد دوستم»، و«محمد قاسم فهيم»، و«جان محمد»، و«جول آغا شيرزاي»... لتأمين أصوات أنصارهم، مقابل وعود بمناصب حكومية ونفوذ غير رسمي. لذلك، فإنه إذا ما أُعيد انتخاب كرزاي، فإن تلك الصفقات قد يكون لها تأثير سيء على الحكومة القادمة لأنها ستعيقها عن إنجاز التحسينات الضرورية. فرغم قدرة كرزاي على إحداث انقسامات في المعارضة، واستقطاب مناوئيه في المراحل الأولى من فترة ما بعد «طالبان»، فإن عدم رغبته في تحدي سماسرة القوة المتنفذين، أو اتخاذ قرارات مكلفة سياسية، وإن كانت ضرورية، خلال فترة رئاسته، أديا إلى شل وإعاقة حكومته على المستويين الوطني والمحلي. والمرشح الذي يلي كرزاي في ترتيب استطلاعات الرأي (26 في المئة) هو عبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق المدعوم من قبل أكبر كتلة معارضة، وهي «الجبهة الوطنية». فرغم أن «عبد الله» ينتمي إلى أصول «بشتونية» و«طاجيكية» في نفس الوقت، وأن «الجبهة الوطنية» التي يقودها تقدم نفسها على أنها للأفغان بمختلف طوائفهم، إلا أن البشتون -وهم أكبر مجموعة عرقية في البلاد- ينظرون إليها على نطاق واسع على أنها تميل للطاجيك والأجناس الأخرى من غير البشتون، أي القوميات التي كانت تشكل «التحالف الشمالي» على حسابهم. ورغم أن تولي شخص غير بشتوني يتمتع بالرغبة والقدرة على الحكم الرشيد والعادل، يعد خطوة صحية نحو بناء الدولة وتعزيز الديمقراطية في أفغانستان، فإن مثل هذا القائد سوف يكون عُرضةً للاتهامات الطالبانية بأن البشتون يتعرضون تحت حكمه للتمييز في المعاملة. ومما يدعو للدهشة أن المرشح الذي يأتي ثالثاً في الترتيب، حسب استطلاعات الرأي (4 في المئة إلى 10 في المئة) هو «رمضان بشاردوست» وهو من طائفة «الهازارا» الشيعية، وحاصل على دكتوراه في القانون من فرنسا. فرغم أن «بشاردوست» قد عمل وزيراً للتخطيط في حكومة كرزاي عام 2004، فإنه يخوض الانتخابات كشخص من الخارج يعمل ضد الفساد وضد المؤسسة الحاكمة، ولا يرتبط بأي حزب سياسي، أو مجموعة عرقية حسبما يدعي. المرشح الذي يأتي رابعاً في الترتيب هو «أشرف غاني»، وهو أيضاً من البشتون، ويحمل دكتوراه في الانتروبولوجيا (علم دراسة الأجناس البشرية) ويركز في حملته بشكل خاص على قطاعات الشباب والمرأة. وهو تكنوقراط يحظى بالاحترام، حيث عمل من قبل في البنك الدولي، كما شغل منصب وزير المالية في حكومة كرزاي خلال الفترة بين عامي 2002 و2004، حيث حقق الكثير من الإنجازات، كما لم يتردد في تحدي بعض أمراء الحرب. وإذا ما شاب العنف هذه الانتخابات بدرجة تحول بين أعداد كبيرة وبين الإدلاء بأصواتهم، أو إذا طالتها إدعاءات بأن تلك الأصوات قد سرقت، فإن ذلك سوف يؤدي إلى كثير من المصاعب والتحديات. ومن بين الوسائل التي يمكن اتباعها لتقليص التوتر بين ضرورات الحكم الرشيد، وحقائق القوة المحلية، استحداث منصب تنفيذي جديد تحت الرئيس مباشرة يتم شغله من قبل أحد التكنوقراطيين، وهي خطوة تلقى دعماً من قبل المجتمع الدولي. وقد قدم كرزاي هذا العرض لغاني مقابل انسحابه من السباق أو تأمين دعمه في حالة انتخابات الإعادة، وهو ما ظل غاني يرفضه حتى اللحظة الأخيرة. ومهما كانت النتيجة التي ستسفر عنها الانتخابات، فإن المجتمع الدولي يحتاج إلى التوضيح للجميع بأن دعمه للحكومة الأفغانية من أجل هزيمة التمرد «الطالباني»، وتوفير الأمن، وتعزيز فرص التنمية، يتوقف على اختيار حكومة تكون أفضل من الحالية، ولديها الاستعداد للخضوع للمساءلة. بدون هذا الإصلاح، فإن الجهود الدولية، بصرف النظر عن مدى كثافتها، لن تكون كافية لتحقيق أهداف أفغانستان الجوهرية وعلى رأسها إرساء الأمن وتحقيق الديمقراطية. فاندا فيلباب ـ براون زميلة السياسة الخارجية في معهد بروكنجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©