الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان: الانتخابات والحدود

21 أغسطس 2009 23:31
يستعد السودان حالياً لإجراء انتخابات متعددة المستويات في موعد لا يبعد عن يومنا هذا بأكثر من بضعة شهور. وقد اقتضي هذا الأمر الالتفات التام لواقع حدود السودان الجغرافية، شمالا وجنوباً وشرقاً وغرباً حتى تجيء الدوائر الانتخابية شاملة لكل بقعة تقع داخل سيادة دولة السودان. وإذا راجعنا وضع حدود السودان مع جيرانه، سنجد أنه ليست هناك مشاكل أو خلافات حدودية إلا في حالتين فقط؛ الأولى في أقصي الشمال الشرقي في الحدود مع الجارة جمهورية مصر العربية، والأخرى في أقصي الحدود الجنوبية مع الجارة جمهورية كينيا. وفي حالة كينيا فإن السودان يقول إن مثلث الأرض الواقعة على مقربة من المدينة الكينية «ناموردوث» يتبع لسيادته، وأن ذلك المثلث آل إلى إدارة الحكومة الكينية لصعوبة الوصول إليه من داخل السودان، وهو أمر تم الاتفاق عليه عندما كانت بريطانيا تستعمر البلدين؛ السودان وكينيا. وعلى كل حال فإن البلدين لم يختلفا حتى الآن حول وضع هذا المثلث. لكن بالنسبة للمنطقة في شمال السودان الشرقي مع جمهورية مصر فإن الأمر يختلف تماماً. فتلك المنطقة تدعى «حلايب»، وقد بدأ النزاع السوداني المصري حولها عام 1958 عندما حاولت الحكومة المصرية شمول سكان تلك المنطقة في عملية انتخابية داخلية، فرفضت حكومة السودان ذلك، ورفعت شكوى لمجلس الأمن الدولي، وكاد الأمر يؤدي إلى مواجهة عسكرية بين البلدين لولا حكمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أشار بتهدئة الأوضاع وترك الأمور على حالها، أي أن تبقى «حلايب» تابعة للإدارة السودانية. لكن مع توالي السنوات ووصول الجماعة الإسلامية السودانية للحكم بانقلاب عسكري عام 1989، ثم تأزم العلاقة بين الخرطوم والقاهرة، رأت مصر أن تتخذ خطوات جادة لفرض سيطرتها على «حلايب»؛ فأصبحت هذه المنطقة تعد جزءاً من جمهورية مصر منذ عدة سنوات. أما سودان اليوم الذي يستعد لإجراء انتخابات متعددة المستويات في ربيع العام المقبل، فهو يريد أن تكون «حلايب» تحت سيادته وأن تشملها الدوائر الانتخابية، وهذه هي القضية. إن قادة الحكم في السودان لا يريدون الحديث في هذا الموضوع، ويتفادون التصريح حوله أو حتى التلميح إليه، لكن موظفي الخدمة المدنية المسؤولين عن الإعداد للانتخابات يتحدثون صراحة في الأمر ويقولون إنه لابد من حسمه لتكملة تحديد الدوائر الانتخابية، وكان آخر من أشار لهذه القضية أحد مستشاري وزير العدل المكلف بمهام في عملية الانتخابات والإعداد لها. إن قادة الحكم في السودان، وتحديداً زعماء حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، في وضع لا يحسدون عليه، فهم لا يريدون ما يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مع حكومة مصر في هذه المرحلة، وفي ذات الوقت فإن القبول بما هو واقع الآن في «حلايب» يعد تفريطاً في سيادة السودان وتخل عن جزء من أراضيه! ومما يضاعف الحرج بالنسبة للمسؤولين السودانيين أن هذه التطورات تأتي في وقت ضاعفت فيه مصر من نشاطها الودي حيال حكومة السودان؛ فالقاهرة كثفت اهتمامها بأزمة دارفور بصورة واضحة، وزاد نشاطها في جنوب السودان في مسعى لتشجيع الجنوبيين على خيار الوحدة وليس الانفصال، ثم إن دوائر الاستثمار والمال في السودان شهدت حراكاً مصرياً تناقلت أخباره صحف الخرطوم. «حلايب» مساحة من الأرض لم يكشف حتى الآن ما بداخلها، لكن سكانها في الغالب ينتمون لقبائل سودانية معروفة في شرق السودان، وهي تبقى أشبه بما يسمى «مسمار جحا» في المثل العامي في العلاقة بين السودان ومصر. وكانت الحكمة منذ أن بدأ الخلاف حول هذه الأرض اللجوء إلى التحكيم الدولي لحل الخلاف، لكن ترك الأمر بالصورة التي حدثت يمكن أن يكون مصدراً للتوتر بين حين وآخر. محجـوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©