أساتذة السُّفن

من النعم التي حبا الله بها خليجنا العربي الحبيب أنه كان ولا يزال معبرا تجارياً مهماً لكثير من سفن العالم، لذا أدرك أجدادنا أهمية صناعة السفن منذ القدم. صناعة السفن أو ما تعرف بالقلافة قديماً من المهن العريقة، عرفتها البشرية منذ القدم، وهي مهنة شاقة تتطلب مهارة وإبداعاً يتم كسبهما بالممارسة والخبرة؛ فالعاملون في هذه المهنة يعملون في ظروف مناخية صعبة من طلوع الشمس حتى غروبها. وكجميع المهن القديمة المتعلقة بالبحر في الخليج فإن للعاملين في مهنة القلافة مسميات سوف أذكر هنا أهمها، وهو (الأستاذ). أساتذة السفن، هم المصممون المبدعون للسفن الشراعية، لذا نجد أن الكثير من التجار والنواخذة يحرصون على أن يكون أشهر الأساتذة هم من يقومون بالإشراف على عملية بناء سفنهم الشراعية، وخلال عملية بناء السفن يقوم الأساتذة بتوجيه العاملين معهم بحكم خبرتهم التي اكتسبوها بالممارسة. بيد أن وظيفتهم لم تكن قاصرة على الإشراف فقط، وإنما كانت تسند لهم مهام أخرى؛ كإصلاح وصيانة السفن الشراعية فيما بعد، بالإضافة إلى مرافقتهم سفن السفر خلال رحلاتها الطويلة؛ حيث كان الكثير من النواخذة، قديماً، يحرصون على وجود أستاذ ضمن طاقم سفينته، وكانوا يحرصون على وجود الأفضل معهم خلال رحلات السفر الطويلة، ذلك أن وجود الأستاذ في السفينة أثناء الرحلة يشعر طاقمها بالأمان تجاه الإخطار التي تحدق بهم أثناء الرحلة، ويحصل الأساتذة من جراء مرافقتهم طاقم السفينة على أسهم تبلغ ما يقارب 250 روبية. أجزاء السفينة كي يكتمل المشهد لدى القارئ لابد من التحدث عن أجزاء السفينة. وتتكون السفن الشراعية من أجزاء خارجية هي التي تشكل الهيكل الخارجي، وأجزاء داخلية هي التي تشكل الهيكل الداخلي للسفينة؛ ومن ضمنها السطح. يتكون الجزء الخارجي أو «الهيكل الخارجي» للسفينة من التالي: * بيص السفينة «البيص»: وهو العمود الفقري للسفينة وقاعدتها، وهي كلمة عربية وتعني الشدة أو الشي الذي لا محيص عنه. والبيص هو الأساس الذي يبدأ به عند بناء أي سفينة شراعية وهيكلها، ومن البيص يكون غاطس السفينة، وهو الجزء المغمور من السفينة في حال إبحارها. * ميل صدر: وهو صدر السفينة ومقدمتها. * ميل تُفرْ: وهو مؤخرة السفينة. * المالك (المالج): وهو لوح من الخشب يمتد فوق البيص» القاعدة». * الخد: وهو اللوح الذي يأتي بعد المالج مباشرة. * البرميل: يوضع فوق «الميل» للحفاظ عليه. * الداعومة: توضع على رأس البيص عند «ميل صدر» لحفظه من الاصطدام. * الكمر: لوح خشبي سميك في منتصف هيكل السفينة لحزمها. * القيطان: لوح خشبي يوضع فوق الكمرة المحيط بهيكل السفينة. *المنظرة: لوح خشبي يقع بين «الكمرة والقيطان». * التريك (التريج): آخر لوح في هيكل السفينة ويقع على حافتها. * الزبدرة: مجموعة الألواح وتقع على جانبي السفينة (فنة التفر). * الحجاب (الحياب): الجزء الأمامي من مؤخرة السفينة. * العالية: الجزء الأمامي من مؤخرة السفينة. * الجلد: الجزء الأسفل من مقدمة ومؤخرة السفينة. * القائم (القايم): لوح عمودي الشكل يقع في مؤخرة السفينة. * الكلب «الجلب»: ضلع خشبي في مقدمة السفينة. * الخيسة «التعراضة»: هي أضلاع خشبية بارزة في مؤخرة السفينة، وتستخدم في ربط علم السفينة وحبال الشراع وسند «الفرمن» الكبير والصغير. أجزاء السفينة الداخلية تتكون أجزاء السفينة الداخلية وسطحها من التالي: * صور الدقل «الدكل»: هو المراكز التي يستند عليها الدقل الكبير. * الصوراي: مجموعة من الأخشاب مختلفة الحجم تمتد من مقدمة إلى مؤخرتها لرفع ألواح السطحة. * المشابات: فتحات يتم تثبيت صاري السفينة، وله استخدام آخر في إدخال السلع المختلفة. * العوبيدار (العبيدار): بكرة خشبية ثابتة تستعمل لرفع الشراع. * ألواح السطحة: هي ألواح خشبية تُشكل فيما بينها سطح السفينة. * الفح: حزام السفينة الداخلي وموقعه في منتصف السفينة. * الدبوسة: مخزن لحفظ المؤن يقع في مؤخرة السفينة، وكذلك يخزن به متعلقات السفينة كالأشرعة الإضافية وغيرها. * صور النيم وألواحها: هو الجزء الواقع في مؤخرة السفينة وخلفه يقع الدبوسة. * كشتيل صدر: مكان في صدر السفينة المقدمة، وذلك لحمايتها من الأمواج، وذلك عن طريق المزاريب المثبتة بها. * حجاب (حياب): لوح أمامي من الخشب يقع فوق كشتيل الصدر لمنع تسرب المياه. * جالي: غطاء خشبي يستخدم لتغطية «الجامرة»، ومنه «جالي صدر»، وبعد ظهور المكائن ظهر «جالي المكائن». * شلمان: جمعها «شلامين»، وهي أضلاع خشبية تستند عليها الألواح الخارجية للسفينة. * عطفة: وهي أضلاع خشبية مقوسة الشكل تأخذ شكل السفينة وتسند أضلاعها الخشبية. * كروة: أضلاع خشبية على شكل زوايا تقع في صدر السفينة. * حزام: والجمع منها «حزم»، وهي ألواح خشبية سمكية ومستطيلة الشكل تمتد على طول السفينة لتثبيتها. * فلس: قاعدة خشبية يرتكز بها الدقل «صاري السفينة». * الغول: كتل خشبية مساندة للفلس، كما أنها دعائم لحمل النعش. * جلنكة: أضلاع خشبية لتثبيت جسم السفينة. * عقرب: أضلاع خشبية تربط العنج الأيمن والأيسر حتى يصبحا على شكل حزام للسفينة. * الرقعة: تقع في مؤخرة السفينة وتعرف أجزاؤها بالريل، العناقة، وردة، الميل التفري وطرف البيص، النثية. المنحاز. * المقر: يقع في مؤخرة السفينة، وهي فتحة صغيرة لتفريق الماء الذي بداخلها، ويتم إغلاقه بخشبة «اصجاجة». * السكان «الدفة»: ويستخدم لتغير سير وخفض سرعتها، ويتكون من (رقبة السكان. عجلة القيادة. الوسايد. القرضة. التسلامة. المولية. نراث السكان. القفانية. المادة). * الكانة: ضلع خشبي مثبت في السكان (الدفه) بشكل رأسي. * حطبة العلم: وهي السارية التي يرفع عليها العلم. * الدقل: صاري السفينة، خشبة طويلة مخروطية الشكل تشتد في وسط السفينة، يمد عليها الشراع في قاعدته، وهو الجزء الأدنى من الصاري، يعرف باسم « اللسان» أو «المشط»، حيث يركز على «الفلس»، يعلو المشط، وهو الجزء العريض من القاعدة، ويعرف باسم «السيج»، أما الجزء العلوي من الدقل فيعرف باسم « السّلاه « التي تعلو «قب» الشراع، ويُطلى الدقل بـ»الرنق»، وهو طلاء يُطلى به الجزء العلوي من «الدّقل» لمعرفة الحد الذي ينبغي وصول الشراع إليه، وللسفينة أكثر من دقل؛ فهناك الدقل العود، وهو الصاري الكبير، والدقل القلمي، وهو الصاري الصغير. * العبد: ضلع خشبي يستخدم لإسناد الدقل، حيث يربط بنوع من الحبال، يعرف باسم «لزبار». * التانكي «خزان الماء»: يعرف باسم الفنطاس، ويستخدم لتخزين الماء الصالح للشرب خلال السفر والغوص. * المرساة: المرساة أو تعرف باسم «الأنجرة»، وتستخدم لتثبيت السفينة كي لا تتحرك، وتتألف المرساة من ساق تصنع من الحديد مستطيلة الشكل على أحجام مختلفة، تصل ما بين «الكراب» وشعب «الأنجرة» الهلالي الشكل. * السّن: مرساة من نوع آخر، وهي عبارة عن قطعة من الحجارة الصلبة مثلثة الشكل، يثقب الطرف المدبب لكي توضع به سلسلة حديدية قصيرة، تعرف باسم «الكراب»، كما يتم ثقب طرفه الآخر أو ما يعرف بقاعدته لكي يتم وضع قطعة من الحديد، وتعرف باسم «حديدة السّن»، لكي تمسك في قاع البحر الصخري، ويربط «الكراب» بحبل طويل يعرف باسم «الخراب»، يتراوح طوله ما بين 25 ولغاية 30 «بيطة» أو «حزمة «، طول كل منها 50 ذراعاً (90 متراً)، لكي تمسك السفينة في حال وقوفها «الهير» المغاص. * الباورة: تصنع بالكامل من الحديد، وهي ذات أحجام وأوزان مختلفة الاستخدام كمرساة في القيعان الرملية والطينية، وتتكون من ساق حديدية تصل ما بين «الحلقة» التي يتم ربطها بحبل «العتاد» ورأس «الباورة» المقوس الشكل على هيئة «الهلب»، ويعرف باسم «الميج»، وهو ذو حافتين حادتين، تعرف كل منها باسم «القفشة»، ويتعامد على الساق، بالقرب من الحلقة قضيب يسمي «الدنقة»، ويمسك طريق «القردي»، والباورة أنواع، ومنها المولية: ويصل وزنها سته هنادر 300 كم، بطول ما بين 7 أو 8 أزرع، وطول قفشتها ما بين 4 أو 5 أزرع، ودنقتها ما بين 6 أو 7 أزرع. الكلب: ضلع خشبي يقع في مقدمة السفينة. * الخيسة والتعراضة: هي أضلاع خشبية بارزة في مؤخرة السفينة، وتستخدم في ربط علم السفينة وحبال الشراع «الفرمن» الصغير منها والكبير. * الساطور: قطعة خشبية بارزة تقع في مقدمة السفينة وتعرف باسم «العناقة» في سفن الغوص. * الفالكي: حاجز الآمان، ويقع في مؤخرة السفينة. * المجداف: يستخدم فقط في سفن الغوص، ولا يستخدم المجداف في السفن المستخدم في السفر، وتستخدم في حال عدم استعمال الشراع، ويتكون المجداف من «الساق» و»الرأس»، فالساق عبارة عن خشبة طويلة يعرف الجزء المتصل بالرأس باسم «المدج»، والأوسط باسم «الصّوار»، والأخير «لزْبَانْ»، أما الرأس فهو ذو أشكال مختلفة، فمنها مربع الشكل، ومنها المستطيل والقلب، وكلٍ له استخدامه، فالجالبوت تكون مجاديفه على شكل قلب وسفن الغوص الأخرى، يكون على مربع الشكل، أما المستطيل فيستخدم لقوارب الصيد. هكذا كانت تصنع السفن في الخليج أما المهام التي كانت تجوب البحار من أجلها فلا يسع المقام لتحدث عنها في مقال واحد.