السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تحـرير النّفس

تحـرير النّفس
11 مايو 2017 13:21
من المهم أنْ نمسح غُبار الماضي، لنرى بعينين تعاينان الحاضر بِكُلَّ تفاصيله، لِنَعيشه ولِنَخْتبره بعمق، فنستخلص منه التجارب والعِبر، ونتلافى الوقوع في الخطأ نفسه مرتين. على سبيل المثال، إذا ما أخذنا أجهزة الكمبيوتر فإنها توفّر لنا نظام () أي نظام المسح الفوري، لإزالة الملفات غير المرغوب فيها. وتوفّر لنا أيضاً نظام () وهو نظام تحديث الملفات والبرامج، وإلاّ أصاب جهازنا «داء الشيخوخة المُبكر!». أمّا اختيار البقاء على أنظمة قديمة لا تتماشى مع مُتَطَلبَّات التطوّر التكنولوجي، فيجعل احتمال تَوَقُّف الجهاز عن العمل كبيراً! أو احتمال إصابة جهاز الكمبيوتر بالفيروسات التي قد تؤثر على فعاليّته أو مدة صلاحيته! لذلك وجبَ علينا أنْ نقوم بعمليّات مسح وإلغاء أو استبدال بعض من ملفاتنا القديمة بأخرى جديدة إيجابيَّة وفاعلة وعمليَّة، تحقّق فعاليّة جهاز الكمبيوتر الخاصّ بنا وتحافظ على سرعته. حتى لا يمرض الفِكْر تَحضرني في هذا السياق التِّقنيَّات التي يقدّمها منهج علوم الإيزوتيريك في التعامل مع سلبيَّات النَّفس البشريَّة. فعِلم الإيزوتيريك لا ينصح فقط بإزالة السلبيَّات من النَّفس، بل ويشدّد أيضاً على ضرورة استبدالها بالإيجابيَّات المُقابلة لها، وإِلاّ أصاب كياننا المرض! وفي حين يسود الاعتقاد أنَّ هناك أمراضاً جسديَّة ونفسيَّة، توضح علوم الإيزوتيريك «أنَّ المنغِّصات الحياتيَّة أساسها الفِكْر غير المُنظّم»، حيث يصحّ القول أنَّ سلامة الكيان البشري من سلامة الفِكْر. ومن جهة أخرى بإمكاننا ــ مثلاً ــ تشبيه الانفتاح الذِّهني والحياتي بِتَحديث «برامج جديدة» في جهاز الكمبيوتر. فالانفتاح الذِّهني يبعثُ الحياة والتجدُّد في أفكارنا ومشاعرنا ويوميَّاتنا، لنرى ونكتشف عبرها آفاقاً جديدة مليئة بالخُبرات المتنوعة التي توسع مداركنا، وتضيف لنا وعياً جديداً. وكما تتوافر في أجهزة الكمبيوتر أنظمة معيّنة، كذلك هي الحال مع الفِكْر البشري، إنْ جاز التشبيه الذي يقوم بوظيفته على نحو فاعل من خلال التزام التَّنظيم في الحياة اليوميّة (أي تنظيم الفِكْر)، فيؤدي دوره المطلوب على نحو فاعل من دون هدر طاقاته وتشتيتها بلا طائل. ولكن كيف نُنظم الفِكْر؟ وما هي الخطوات التي يجب علينا اتباعها لتنظيم عمله؟ ومن أين نبدأ؟ في هذا السياق، قدّم الكاتب والباحث في علوم الإيزوتيريك المهندس زياد دكاش، في حوار له على أثير إذاعة لبنان، معادلة جوهريَّة من صُلب منهج علم الوعي الإنساني- الإيزوتيريك تساعد على تحقيق التجدّد في الفِكْر والمشاعر. هذه المعادلة هي: «نظام - تنظيم - انتظام»، وشرَحَها على النحو التالي: &bull «النظام هو أنْ نضع المنهج المراد إنجازه، وفق كيف وماذا؟ &bull التَّنظيم هو أنْ نضع مُخططاً وجدولاً مُحدّداً لأولوياتنا وأهدافنا في هذه السنة، وفق مُهلة زمنيّة محدّدة. &bull الإجابة عن سؤال ماذا نريد أنْ نُنجز خلال هذه السنة؟ &bull الانتظام هو الجد والمُثابرة والمُتابعة في تنفيذ المُخطَّط الزمني. ولا يغيب عن أذهاننا أيضاً أنَّ اختراع جهاز الكمبيوتر وبرامجه هو من صنع الذكاء البشري، والذكاء بحد ذاته هو إحدى الطاقات والقوى الباطنيَّة لدى الإنسان. من هنا نستنتج أنَّ الكيان الإنساني يحوي أسراراً وكنوزاً غامضة!!! اعرف كيانَك! ولكن كيف نتعرف إلى أسرار هذا الكيان؟ وهل فكّرنا أو تساءلنا يوماً عمّا يحويه؟! هل هو فقط جسد مادي بما يحتويه من خلايا وأعضاء وعظام وإلى ما هنالك؟ أم هناك أبعاد وعي أخرى لا تراها العين المجرَّدة؟! ?????????تُشير علوم الإيزوتيريك إلى أنَّ الكيان الإنساني يحوي أبعاداً لا مرئيّة، أحد هذه الأبعاد يُدعى بـ «الهالة الأثيريَّة» التي تحقَّق من وجودها العلم في القرن المُنصرم عن طريق استخدام جهاز «كيرليان»، وسُمي الجهاز تيمناً باسم مُخترعه الباحث الروسي (سيمون كيرليان) عام 1939، حيث اكتشف هالة تحيط بجسم كلّ من البشر والحيوان والنبات، وهي عبارة عن غلاف غير مرئي يشع على هيئة موجات كهرومغناطيسيَّة ذات ألوان تسمى بالهالة أو الأورا (Aura) ويُطلق عليها أيضاً تسمية الهالة النورانيَّة. توضح علوم الإيزوتيريك أنَّ أبعاد الكيان الإنساني، والتي تُدعى أيضاً بـ «أجهزة الوعي» أو «أبعاد الوعي»، عددها سبعة، وهي: البُعْد المادي (الجسد)، الهالة الأثيريَّة أو جهاز الصّحَّة، الجسم الكوكبي أو بُعد المشاعر في الإنسان، الجسم العقليّ أو بُعد الفْكِر، بُعد المحبَّة، بُعد الإرادة، والروح. هذا وإذا ما أخذنا من جهاز الكمبيوتر مثالاً، للمُقاربة فقط، فهو يعكس هنا صورة مُبسطة جداً عن الدماغ البشري الذي بدوره يُعتبر أداة العقل في الجسم البشري (وذلك دائماً بحسب علوم الإيزوتيريك)، فيما العقل هو جسم باطني خفي، أو بُعد وعي محوري بين «أبعاد الوعي» في كيان الإنسان. إذاً جهاز الكمبيوتر هو عبارة عن تقليد مَقْدِرات الدماغ! والفارق هنا بين جهاز الكمبيوتر والدماغ البشري هو «الوعي»، فوظيفة جهاز الكمبيوتر هي «حفظ المعلومات»، أما «الجسم العقلي» في الإنسان فهو «بُعد وعي»، وله أيضاً «ذاكرة تعي»، ومقدرات أخرى يضيق المجال لذكرها هنا، وهذا المثال هو للتوضيح فقط ولتبسيط الصورة، إذْ نعلم أنه لا تجوز المقارنة بينهما! اختبارات العالم المادي بما أنَّ كياننا يحوي أبعاداً للوعي، فكيف لنا أنْ نُفعّل هذه الأبعاد؟ وما هو دورها في تحسين حياتنا على مختلف الصعد؟ «تخبرنا علوم الإيزوتيريك أنّ حاجة الإنسان لوعي العالم المادي بواسطة التطبيق العملي الحياتي، هي التي أوجدت النفس البشرية (أو النفس الدنيا) فيه، لتعيه (العالم المادي)، من خلال اختباراتها فيه، وليس من خلال الأفكار النظرية والعلوم الأكاديمية فحسب. من هنا ضرورة الخبرة العملية، أي عدم تجاهل الوعي الذي يكتسبه المرء في عالم المادة من منطلق إعطاء كل بُعد وعي حقه في الحياة. لأن الإنسان المتجسد على الأرض هو الذي لم يتمكن أصلاً من وعي المادة عبر الذات الإنسانية! لذا، فإن إهماله لوعي المادة ومتطلباتها هو تجاهل لحاجة فطرية في كيانه، وهو أيضاً جهل لمتطلبات كيانه... والجهل، بحد ذاته، هو الصفة السلبية الأشد خطورة على الإطلاق بما يولده من انغلاق وتعصب، وسوى ذلك من معيقات التطور». (*) بعض المدارس المعرفيَّة، على سبيل المثال لا الحصر، تنصح بالاعتكاف والزُّهْد في الحياة، وهذا ما يُؤثر سلباً في تطور الإنسان من خلال البُعْد المادي! ويُضعف سُبل احتكاكه مع المحيط الخارجي، ويؤخِّر تطوُّره ويَحُد من تَوَسُّع وعيه... لذا وجب علينا إِعطاء كل جانب من جوانب حياتنا حقَّه، بوعي وإدراك وحكمة وتوازن كي لا يَطْغى أيُّ جانبٍ على الآخر... ومن هنا نستشف أهميَّة العمل على صقل النَّفس البشريَّة في نطاق العمل. لذا وجب علينا محبَّة عملنا واحترامه وتقديره، فهو مصدر رزقنا، وعلينا أن نُعطيه من أنفسنا بقدر ما يُعطينا. بالتالي من الضروري احترام ساعات العمل وأوقاته، ومُعاملة زملاء العمل بصدق وانفتاح. ونتعلم فنون المشاركة والتَوَاصُل، وتقبُّل آراء الآخرين واختلافهم عنّا... وليكن مكان عملنا المختَبر الذي نرى من خلاله الجوانب الإيجابيَّة والسلبيَّة من أنفسنا، لِنَعي السلبي منها ونهذّبه، ولِنُعزز في الوقت نفسه الجانب الإيجابي فيها... علينا إدراك جوهر العمل وكيفيّة صقل النَّفس من خلاله، لنحقّق التوازن في الحياة بين المسارين الأُفُقِيّ والعَمُودِيّ. والمسار الأُفُقِيّ يمثِّل التَّطبيق العملي العَمَلاني في حياتنا أي «البُعد المادِّيّ»، والمسار العَمُودِيّ يمثَّل تفتّح أجهزة الوعي اللامرئيَّة التي تمثّل كل ما هو غير ملموس في الكيان الإنساني. ولكن كيف يؤثر العمل على أبعاد وعي النَّفس البشريَّة أو «النَّفس الدُّنيا»؟ يوضح هنا كتاب الإيزوتيريك الحادي والأربعون «محاضرات في الإيزوتيريك - الجزء السادس» ص30، ما يلي: «ونباشر بطرح السؤال: ماذا يحقق المرء من خلال العمل بخلاف المدخول المادي؟! 1- يحقق التنظيم، التنظيم اللاإرادي أو اللاشعوري على المستويات الآتية: الأول: فكرياً وجسدياً، من خلال الالتزام بأوقات العمل كشرط أساسي لاستكماله، أياً تكن طبيعته. ثانياً: مشاعرياً، من خلال ضرورة الاحتكاك بالآخر والتفاعل معه. فما من إنجاز يتم فردياً!. ثالثاً: التنسيق بين حركة أبعاد وعي النفس البشرية وحركة أبعاد وعي الذات الإنسانية، حيث حركة الأولى تأتي غير منتظمة بفعل وجود السلبية فيها... فيما حركة الثانية تعبير عن جوهر النظام. بالتالي، فإن تنظيم النفس البشرية، وإن يكن لاإرادياً يرفعها إلى مستوى تحقيق التفاعل (ولو متقطعاً في بداية الأمر) مع حركة الذات. 2- يفتح مفهوم المثابرة كوعي داخلي. فالعمل، لا يتوصل صاحبه إلى النتيجة المتوخاة منه إن لم يكتمل. ولا يكتمل إلّا باندفاع التحدي والمثابرة. 3- يحقق الوعي بمعنى التكامل، مع استكمال العمل، أي وعي اكتمال العمل كجزء. 4- يحقق الانفتاح الحياتي على مستوى أرقى من مستوى الوعي الفردي الذي استهل المرء العمل به. 5- يسرع إنهاء العمل من خلال الارتقاء في التنظيم أولاً، ثم التركيز الذهني ثانياً، ثم تحديد عامل الزمن ثالثاً، انتهى الاستشهاد. العمل والشخصية إذا قارنا هنا بين الشخص الذي خاض مُعترك العمل ونقيضه الذي لم يَدخُل في أَجْوائِه وفي بيئته بتاتاً، نرى الفارق ونعيه في مدى تَفَتُّح شخصيّته وانطلاقها. وكذلك نرى الفارق في طريقة ردَّات فعله التي تتميَّز بالليونة والمرونة خلال مواجهة المواقف الصعبة، سواء أكانت هذه التَّجارب في محيط عمله أو في خارجه. وكذلك نرى مدى توسّع أفقه تجاه أي تغيير طارئ ومدى تأقلمه معه، سواء أكان وقعُ هذا التغيير عليه «إيجاباً أم سلباً». نلاحظ أيضاً مدى التغيير في شخصيته، وبالتَّحديد، نحو السلبيَّات المتجذِّرة في النَّفس البشريَّة، والتي توجد فيها بنسبٍ متفاوتة، تختلف من شخصٍ لآخر، وهي: «الخوف، التردّد، والخجل»، فإنَّ هذه السلبيَّات بالذات تضمحلّ مع الوقت، بالاحتكاك المستمر مع الآخر، خاصّةً إنْ وعاها صاحبُها، وعمل على إزالتِها من نفسه، واستبدلها أيضاً بالمضاد لها من الصفات الإيجابيَّة في نفس الوقت، وهذا يتطلَّب من المرء إرادةً وعزيمةً ومثابرةً على الدوام... ومن هنا نستنتج مرةً أخرى أهمّيَّة العمل، حتى وإنْ كان لاإرادياً، على صقل النَّفس البشريَّة أو «النَّفس الدُّنيا»، والتي تتضمن (الجسد، الهالة الأثيريَّة، والجسم الكوكبي أو المشاعر في الإنسان). ويجب ألّا يغيبُ عن أذهاننا أيضاً أهميَّة العطاء وتأثيره في صقل النَّفس البشريَّة، فالسعادة الحقَّة تكمنُ في نوعيَّة العطاء نفسه&hellip إذاً، فلنتذكّر دائمًا أَنْ نُعطي بمحبَّة، وأَنْ نعطي حتى وإِنْ لم نأخذ شيئاً في المُقابل... ولنتذكّر أيضاً أَنَّ هذا العطاء لن يضيع سدًى... لأنَّ نفوسَنا سَتَغْتني وتَزْدانُ بالانتعاش وبالرضى الدَّاخليّ، كدرجة من درجات الاكتفاء الذاتي... وسَتَقْترب نفوسنا من ذواتنا مع كل خطوة نخطوها بفعل مُمارسة العطاء بصدقٍ وبمحبَّةٍ وتفانٍ. العطاء سرّ السعادة يجب ألّا يغيبُ عن أذهاننا أيضًا أهميَّة العطاء وتأثيره في صقل النَّفس البشريَّة، فالسعادة الحقَّة تكمنُ في نوعيَّة العطاء نفسه&hellip إذًا، فلنتذكّر دائمًا أَنْ نُعطي بمحبَّة، وأَنْ نعطي حتى وإِنْ لم نأخذ شيئًا في المُقابل... ولنتذكّر أيضًا أَنَّ هذا العطاء لن يضيع سدًى... لأنَّ نفوسَنا سَتَغْتني وتَزْدانُ بالانتعاش وبالرضى الدَّاخليّ، كدرجة من درجات الاكتفاء الذاتي... وسَتَقْترب نفوسنا من ذواتنا مع كل خطوة نخطوها بفعل مُمارسة العطاء بصدقٍ وبمحبَّةٍ وتفانٍ. كي لا نشيخ مبكراً على سبيل المثال، إذا ما أخذنا أجهزة الكمبيوتر، فإنها توفّر لنا نظام () أي نظام المسح الفوري، لإزالة الملفات غير المرغوب فيها. وتوفّر لنا أيضاً نظام () وهو نظام تحديث الملفات والبرامج، وإلاّ أصاب جهازنا «داء الشيخوخة المُبكر!». أمّا اختيار البقاء على أنظمة قديمة لا تتماشى مع مُتَطَلبَّات التطوّر التكنولوجي، فيجعل احتمال تَوَقُّف الجهاز عن العمل كبيراً! أو احتمال إصابة جهاز الكمبيوتر بالفيروسات التي قد تؤثر على فعاليّته أو مدة صلاحيته! لذلك وجبَ علينا أنْ نقوم بعمليّات مسح وإلغاء أو استبدال بعض من ملفاتنا القديمة بأخرى جديدة إيجابيَّة وفاعلة وعمليَّة، تحقّق فعاليّة جهاز الكمبيوتر الخاصّ بنا، وتحافظ على سرعته. أبعادُنا السَّبعة توضح علوم الإيزوتيريك بأنَّ أبعاد الكيان الإنساني، والتي تُدعى أيضاً بـ «أجهزة الوعي» أو «أبعاد الوعي»، عددها سبعة، وهي البُعْد المادي (الجسد)، الهالة الأثيريَّة أو جهاز الصّحَّة، الجسم الكوكبي أو بُعد المشاعر في الإنسان، الجسم العقليّ أو بُعد الفْكِر، بُعد المحبَّة، بُعد الإرادة، والروح. ................................. * كتاب الإيزوتيريك الحادي والثلاثون «تعرف إلى فكرك» ص 52.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©