الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الماوردي رائد الإصلاح السياسي والقضائي

الماوردي رائد الإصلاح السياسي والقضائي
22 أغسطس 2009 23:52
الإمام الماوردي علم من أعلام الأمة ومن أبرز رجالات السياسة في الدولة العباسية وأكبر قضاتها وأعدلهم وكان موسوعيا في علمه ومصنفاته فهو فقيه وأصولي ومحدث ومفسر وشاعر، ومفكر ذائع الصيت، وهو إلى جانب ذلك كان سياسيا إصلاحيا• هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب المولود بالبصرة عام 364 هـ/ 974م، ودرس على مشاهير علمائها الفقه والحديث والكلام والتفسير وغيرها من علوم الشريعة والعربية• وانتقل الماوردي إلى بغداد فواصل التلقي عن علمائها ولازم واستمع إلى أبي حامد الإسفراييني حتى بلغ مرتبة التدريس والتأليف والإمامة في كثير من العلوم• وتولى الماوردى في الدولة العباسية منصب القضاء وتنقل وتدرج في ولاية القضاء حتى بلغ مرتبة أقضى القضاة وهو الذي يلي منصب قاضي القضاة المماثل لوزير العدل في زماننا وبعد ذلك تولى منصب قاضي القضاة• ويقول المفكر الدكتور محمد عمارة: عرف الماوردي بالصلاح والتقوى واشتهر بالحلم والوقار والأدب والتعفف عن سؤال غيره، كما عرف عنه التدين والتنزه عن اللهو والهزل، وكان قد أخفى مؤلفاته عن الناس في عصره خوفا من أن يكون قد خالطها الرياء وهو يؤلفها، وعهد إلى صديق له بألا يظهرها إلا بعد وفاته• ولم يعتبر الماوردى توليه القضاء تشريفا له، ولكنها رسالة وأمانة في عنقه فكان يتمهل قبل أن يصدر أحكامه ويقرأ كتاب الله وأحاديث رسوله، كما كان جريئا عادلا، لا تأخذه في الله لومة لائم، يحكم بالحق حتى على أولي القربى وأصحاب السلطان، ولذلك اختير سفيرا للدولة العباسية وبني بويه في أصبهان• قال عنه الإمام ابن كثير: «كان حليما وقورا أديبا، لم ير أصحابه ذراعه يوما من الدهر لتحرزه وأدبه»، وقال القاضي شمس الدين: «من طالع كتاب «الحاوي» يشهد له بالتبحر ومعرفة المذهب وولي قضاء بلاد كثيرة وله تفسير القرآن ومصنفات عدة»، وقال أبو الفضل بن خيرون: «كان رجلا عظيم القدر متقدما عند السلطان وأحد الأئمة وله التصانيف الحسان في كل فن»• وقال: ومطالعة التراث الفكري الذي تركه الماوردي تؤكد إمامته العلمية لا في عصره وحده بل على امتداد تاريخنا فمن بين الاثني عشر كتابا التي بقيت من آثاره تمثل موسوعته في الفقه «الحاوي الكبير» وتقع في أكثر من ثلاثين جزءا درة في فقه المذهب الشافعي، كما يمثل كتابه الصغير «في أدب الدنيا والدين» نبعا من الحكمة والأدب نادر المثال• وترك الماوردي تراثا في القضاء ومنه كتابه الفذ «أدب القاضي» فهو ذخيرة في تقاليد القضاء وتقنين فقه المعاملات، وله في التفسير والنبوات والنحو آثار متميزة• أما تراثه في السياسة وفى الولايات والأحكام السلطانية فعلامة بارزة على درب تطور هذا العلم في تراثنا الإسلامي فكتابه «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» بداية لتميز هذا المبحث عن مباحث علم الكلام وفيه تقنين للتجربة الإسلامية في الأحكام السلطانية حتى عصر الماوردي، وهو مع كتبه «نصيحة الملوك»، و«تسهيل النظر»، و«سياسة الملوك»، و«قوانين الوزارة»، ذخيرة في الفكر السياسي الإسلامي النظري منه والتطبيقي• وفى الأخير تناول كل ما يخص الحكم والوزارة ابتداء من تعريفها وأنواعها إلى مؤهلات الوزراء وعلاقتهم ببعضهم وبمن يرأسهم وبين أن أهم أهداف الوزراء هي تحقيق الأمن العام والنماء والخصب الدائم وسيادة العدل، وهو في تناوله لهذه الموضوعات لا يفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي فمن رأيه أن ما يستقيم به الدين تستقيم به الدنيا وما يكون به صلاح الآخرة يكون به صلاح الأولى• واجتهد في معالجة هذه الموضوعات وتناولها تناولا عقليا مازجا بين النقل والعقل محاولا بكتابته وأسلوبه الوصول بأفكاره الى كل الناس• ورغم صغر حجم كتابه «أدب الدنيا والدين»، فإنه واحد من كتب الفكر التي حوت مذهب صاحبه في الإصلاح• ففيه يعلمنا الماوردي أن الإنسان كائن اجتماعي وأن السلطة في الاجتماع الإنساني مدنية وأن للإصلاح ست قواعد هي: الدين المتبع، والسلطان القاهر، والعدل الشامل، والأمن العام، وخصب الدار، والأمل الفسيح• ويعد تفسير الماوردي «النكت والعيون» من أوجز التفاسير التي عنيت باللغة والأدب ونقل فيه الآراء التفسيرية السابقة له، ولم يقتصر على نقلها بل نقدها• وهو من التفسير بالرأي حيث أعمل الماوردي جهده ورأيه في شرح وتفسير الآيات، نافيا أن يكون فعله مما يعد تفسيرا بالهوى والرأي المنهي عنه• واتهم الماوردي بالاعتزال ولكن انتصر له تلميذه الخطيب البغدادي فدفع عنه هذا الادعاء وتوفي في شهر ربيع الأول من سنة 450 هـ/ 1058م ودفن في مقبرة باب حرب
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©