الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحتجون ضد أوباما

22 أغسطس 2009 23:55
هناك شيء واحد لم يتغير في عهد أوباما، وهو حقيقة أن الرؤساء الذين يحاولون تحقيق شيء كبير غالباً ما ينتهي بهم الأمر إلى إخفاق كبير. هذه الحقيقة قد تساعد على إدراك مغزى مشاهد الغضب التي تبدت في المظاهرات المعادية لخطة أوباما الرامية لإعادة صياغة منظومة الرعاية الصحية، حيث حمل بعض المشاركون فيها بنادق، ولوحوا بالصلبان المعقوفة. وليس من شك في أن جزءاً من هذه المشاعر المعادية التي تبدت خلال تلك المظاهرات تتعلق بالعنصرية. يكشف مركز «ساوثرن بوفرتي لو سنتر»، الذي يرصد نشاط جماعات الكراهية عن زيادة دراماتيكية في صفوف حركة المليشيا المناوئة للحكومة، وتحديداً منذ أن بدا أن أوباما في طريقه لأن يصبح أول رئيس أسود يحكم البلاد. ويشير رونالد كيسلر صحفي التحقيقات الذي كتب كتاباً عن جهاز الخدمة السرية الذي يحمي الرئيس، إلى أن التهديدات الموجهة لأوباما ازدادت بنسبة 400 في المئة منذ أن تولى منصبه. لكن العنصرية، وهي تهمة شائنة في ذاتها، مسؤولة عن جانب من هذه الحركة المناوئة لأوباما. فالقانون الذي يحكم العالم الحقيقي، وهو أن كل فعل له رد فعل مضاد له في الاتجاه ومساو له في المقدار، ينطبق أيضاً على عالم السياسة. إنه لشيء يدعو للقلق في الحقيقة عندما نرى متظاهرين يلوحون بعلامة الصليب المعقوف النازية ويحملون صوراً لرئيس الولايات المتحدة وعلى وجهه شارب هتلر الشهير. إن تلك التعبيرات، والتي وصلت حد التلويح بلافتات كتب عليها «الموت لأوباما»، تبدو غاية في الخطورة، خصوصاً إذا ما أُخذ في الاعتبار لون بشرة الرئيس وتاريخ البلاد العنصري العنيف. ومع ذلك، فما قام به هؤلاء المتظاهرون ليس جديداً، سواء من ناحية مجافاته للذوق أو مبالغته الفجة في التعبير عن الغضب. فالرئيس بوش كان يتم إظهاره دائماً في صورة داعية الحرب، وكثيراً ما تم تشبيهه هو الآخر بهتلر. الشيء المختلف هذه المرة هو انخراط محرضين كانوا حتى فترة قريبة يحملون صفة رسمية، مثل حاكمة ألاسكا السابقة «سارة بالين»، ورئيس مجلس النواب السابق «نيويت جنجريتش» الذي روج تهمة زائفة مؤداها أن خطة أوباما للرعاية الصحية سوف تشمل مواد تسمح بالقتل الرحيم لكبار السن المصابين بأمراض ميئوس من شفائها. وهناك أيضاً شخصيات أميركية شهيرة تشارك في برامج حوارية في التلفزيون تشكك خلالها في أحقية أوباما بنيل المواطنة الأميركية، وشرعيته بالتالي كرئيس. وفي أيام الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تم استخدام مثل تلك التهم والادعاءات المختلقة -وإن اتخذت صيغة مختلفة- في السجال السياسي، وفي المواقع المشبوهة على شبكة الإنترنت. ويرى «جان فان لوهويزن»، وهو مدير لأحد مراكز استطلاع الرأي (جمهوري) سبق له العمل مع بوش، أنه كلما كانت تلك التهم فاحشة، وكلما تم تضخيمها من خلال تغطيات صحفية مبالغ فيها، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى زيادة درجة الاستقطاب في المجتمع الأميركي. وهو يوضح ذلك بقوله: «لقد كان الأميركيون من قبل يختلفون أحياناً في أمور السياسة الداخلية، لكنهم كانوا يقرأون الكتب نفسها، ويشاهدون الأفلام نفسها، ويطالعون الصحف نفسها، وهو ما لم يعد يحدث الآن». خلال ذلك كله اكتفى البيت الأبيض بتجاهل الهجمات الأكثر فحشاً وبذاءة ضد أوباما، مدركاً -حسبما يقول «لوهويزن»- أنه عندما ترتفع صرخات المتظاهرين الجمهوريين بالاتهامات، بصرف النظر عن صحتها أوزيفها، فإن ذلك لن يفيد حزبهم بشيء. أما أوباما، فيقلل من شأن هذه الهموم. ومن ذلك ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» على لسانه في شهر فبراير 2008 حين قال في معرض مناقشة القلق الذي اعترى البعض -حتى في ذلك الوقت المبكر- حول سلامته، أنه لا يخشى شيئاً؛ لأنه يتمتع بـ:«أفضل حماية في العالم». وتلك الحماية تسبق تاريخ تصريحه، فالواقع فعلاً أنه يتمتع بحماية جهاز الخدمة السرية منذ مايو 2007، وهو أمر لم يحدث من قبل مع أي مرشح محتمل للرئاسة في التاريخ الأميركي بأسره. مارك زد. بارباك كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©