الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ونتنياهو... رحلة واحدة لا تكفي لإصلاح العلاقات!

أوباما ونتنياهو... رحلة واحدة لا تكفي لإصلاح العلاقات!
18 مارس 2013 22:42
آرون ديفيد ميلر نائب رئيس مركز وودرو ويلسون الدولي، ومستشار سابق لوزارة الخارجية الأميركية عندما يجلس أوباما مع نتنياهو أثناء زيارته المزمعة لإسرائيل الأسبوع المقبل، فإنهما سيحضّران أغراضاً أكبر بكثير لطاولة الاجتماع من مجرد دفتري الإيجازات الخاصين بهما. وبحكم عملي كمحلل، ومستشار، ومفاوض للإدارات الجمهورية والديمقراطية لما يزيد عن 25 عاماً، وإطلاعي عن قرب على طبيعة ومجريات العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أتيح لي منذ وصول أوباما لسدة الحكم في الولايات المتحدة، أن أدرك أن العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي سوف تعاني حتماً من مشكلات. فنتنياهو من ناحيته رجل متشكك بشكل غير طبيعي حيال دور أميركا في عملية السلام، وبشكل خاص حيال شخص مثل أوباما يسعى من وجهة نظره للقيام بأشياء كبيرة. أما أوباما، فإن حملته الساذجة لتجميد بناء المستوطنات وافتقاره الواضح لصلة عاطفية بإسرائيل، ساهمتا في إذكاء التوتر القائم بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقيام أوباما بتعيين جورج ميتشيل كمبعوث للسلام للشرق الأوسط خلال يومين من تنصيبه لولايته الأولى، ودعوته المستمرة لتجميد بناء المستوطنات، وسعيه للتقارب مع العالم العربي والإسلامي من خلال خطابه في جامعة القاهرة عام 2009... كلها أمور أقنعت نتنياهو بأن أوباما سوف يضغط عليه بقوة. لا شك في أن نتنياهو لعب دوراً في خلق التوتر القائم بينه وبين أوباما، وذلك من خلال إحراجه «جو بايدن»، نائب الرئيس الأميركي الموالي لإسرائيل إلى أبعد حد، عندما أعلن عن خطة لإنشاءات جديدة في القدس الشرقية خلال زيارته لإسرائيل عام 2010؛ وكذلك قيامه بإلقاء محاضرة على أوباما خلال مؤتمر صحفي مشترك عقد بمناسبة زيارته لواشنطن عام 2011، وإرساله إشارات في عام 2012 بأنه يفضل العمل مع ميت رومني. وكل مفاوض أميركي جاد وناجح للسلام في الشرق الأوسط يجد نفسه مضطراً للدخول في معارك مع إسرائيل حيث يمثل هذا جزءاً أساسياً من مهام وظيفته. لكن تلك المعارك يجب أن تؤدي لنتائج إيجابية، وتؤدي لدفع جهود السلام في الشرق الأوسط لا أن توقفها وتعطلها. وأوباما من خلال جعله موضوع تجميد المستوطنات محوراً وشرطاً أساسياً لمقاربته موضوع المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فقد مصداقيته لدى إسرائيل ثم فقدها بعد ذلك أمام العرب والمسلمين عندما تراجع عن هذا الموقف. وإذا ما أضفنا إلى تلك العثرات من جانب الرئيس حقيقة أن نتنياهو رجل لا يثق بأحد، بما في ذلك العرب والأميركيون الذين يعتقدون أنهم يعرفون المنطقة أفضل مما يعرفها هو، فسوف ندرك السبب في وصول العلاقة بين الرجلين لما وصلت إليه. بعد رئيسين مواليين للغاية لإسرائيل، هما كلينتون وبوش الابن؛ جاء أوباما ليبدو منفصلا عن إسرائيل على نحو غريب، حيث كان اعتقاده ليس أن إسرائيل دولة صغيرة تعيش في منطقة محفوفة بالمخاطر، وإنما دولة قوية بمقدورها أن تكون كريمة نحو الفلسطينيين. وفي تاريخ الجانبين تعتبر العلاقة الأكثر اختلالا بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء إسرائيل تلك التي قامت بين بوش الأب وإسحاق شامير. فخلال اجتماعهما الأول أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بوش أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لن تمثل مشكلة وهو ما جعل بوش يعتقد أن ذلك يعني أن إسرائيل سوف توقف بناء تلك المستوطنات. وعندما قام شامير بعد ذلك بالتوسع في بنائها اعتقد بوش أنه كان يكذب عليه، وهو ما أدى إلى توتر في العلاقة بينهما. لكن العلاقة تحسنت فيما بعد عندما استجاب شامير للطلب الأميركي بعدم الرد على ضربات صاروخ سكود التي أطلقها صدام على إسرائيل ثم موافقته بعد ذلك على الاشتراك في مؤتمر مدريد للسلام الذي رعته الولايات المتحدة. وتجادل مناحم بيجين وجيمي كارتر حول المستوطنات إيضاً، لكن أنور السادات أنقذهما من خلال زيارته الشهيرة للقدس وما تلاها من اتفاقيات كامب ديفيد، ثم معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بعد ذلك بعام واحد. ومع ذلك، يتعين القول بأن رؤساء الولايات المتحدة ورؤساء وزراء إسرائيل ليسوا بحاجة لأن يحبوا بعضهم بعضاً، وإن مثّل كلينتون استثناءً من ذلك حيث كان يحب فكرة إسرائيل كما كان معجباً أيما إعجاب برئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل رابين الذي أقدم على توقيع معاهدات أوسلو للسلام مع ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض، وهو ما عدّه الرئيس الأميركي واحداً من أبرز إنجازاته. المطلوب بدلا من ذلك، هو أن يكون ثمة نوع من الاحترام والتفاهم المتبادلين بما يساهم في توليد الثقة أو على الأقل إيجاد القدرة على العمل معاً بشأن الأشياء التي تهم الجانبين كلاهما. وعلى الرغم من اختلال العلاقة على القمة بين الرئيسين، فإن العلاقة المؤسسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل أقرب مما كانت عليه في أي وقت سابق، وذلك من خلال التعاون الأمني، وتقاسم المعلومات الاستخبارية، والتدريبات العسكرية المشتركة. ليس من المتوقع حدوث تحول دراماتيكي في العلاقة بين أوباما ونتيناهو، وبالتأكيد ليس خلال هذه الزيارة. وأي تحسن في العلاقة سوف يحدث عندما تجد الدولتان أرضية مشتركة للتعامل مع الفلسطينيين، والعمل على إبعاد إيران عن تطوير أسلحة نووية. ونتنياهو الذي ضعف وضعه كثيراً في حكومة الائتلاف التي يرأسها، بسبب وجود حزبين جديدين ساهما في تحويل الأجندة من موضوعات الأمن إلى الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية، قد يحتاج لإبقاء السياسة الخارجية في وضعية بارزة خلال ولايته الجديدة، وهو شيء سيحتاج لأوباما فيه على الأرجح. وعلى الرغـم من أن الرجلين قد اختلفـا بشأن ما إذا كان توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية يعد إجراءً حكيماً أم لا؛ إلا أنه لا يزال هناك مجال للتعاون بينهما في هذا الملف. وبالنسبة للموضوع الفلسطيني لا يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تسعى لمواجهة مع الولايات المتحدة، لاسيما وأن عدداً كبيراً من المقاعد في الكنيست تشغله شخصيات إما تؤيد عملية سلام يعتمد عليها مع الفلسطينيين أو لديها الاستعداد للموافقة على مثل تلك العملية. ونظراً لأن فرص تحقيق اختراق حول هذه القضية ضئيلة خلال الزيارة، فإن الولايات المتحدة لن تضغط كثيراً. وعلى نفس المنوال، نجد أن أوباما لا يتطلع للدخول في نزاع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في الوقت الراهن حتى لا يؤدي مثل هذا النزاع إلى إزعاج الجمهوريين وتوتر الديمقراطيين، وهو ما لا يحتاج إليه، خصوصاً وأن احتياجات سياسته الداخلية تتطلب العمل مع الجمهوريين، أو استعادة مجلس النواب عام 2014. ومن ناحيتي أراهن على أن الرجلين سوف يبذلان جهداً للعمل معاً لأنهما إذا لم يفعلا ذلك فلن يكون بإمكانهما تدبير أمر مسألتين رئيسيتين هما: الموضوع النووي الإيراني والموضوع الفلسطيني، وهو ما يهدد أهدافهما الشخصية والجماعية. فإذا ما كان نتنياهو يريد أن يتذكره التاريخ على أنه لم يكن مجرد رئيس وزراء إسرائيلي لا يفعل شيئاً، وإذا ما كان أوباما لا يرغب أن ينظر إليه الأميركيون على أنه الرئيس الذي تمكنت إيران في عهده من الحصول على القنبلة النووية، والذي فاتت في عهده أيضاً فرصة حل الدولتين، فإن عليهما أن يتعاونا، خصوصاً وأن الوقت ينفذ منهما سريعاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©