الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خمس أساطير عن العراق

18 مارس 2013 22:42
راجيف تشاندراسيكران كاتب ومحلل سياسي أميركي قبل عشر سنوات، وعشية الغزو الأميركي للعراق، تبين أن أفكار وافتراضات الكثير من الأميركيين بخصوص الحرب القادمة، التي كان يغذيها خطاب إدارة بوش، غير صحيحة كلياً. فنظام صدّام، مثلما بتنا نعرف الآن، لم يكن يمتلك أسلحة دمار شامل. والنزاع لم ينتهِ بسرعة. وتكلفة الحرب -من حيث الأرواح والأموال- فاقت كل التوقعات. واليوم، أخذت مجموعة جديدة من الأفكار تطبع العديد من النقاشات حول الحرب والفترة التي تلتها، وهي أوهام وأفكار خاطئة أيضاً تجافي الحقيقة. ويمكن الإشارة هنا إلى خمسة من تلك الأوهام: 1- أن الزيادة الأميركية في عديد القوات كانت ناجحة. ومن المعروف أن إرسال 26 ألف جندي أميركي إضافي إلى بغداد عام 2007 كان له هدفان اثنان هما: إخماد الحرب الأهلية الطائفية الدموية، وصياغة توافق سياسي بين المجموعات الرئيسية الثلاث في المجتمع العراقي -الشيعة والسنة والأكراد- من شأنه وضع البلاد على سكة الاستقرار. وإذا كانت الزيادة قد ساعدت على تحقيق الهدف الأول، فإنها لم تكن السبب الوحيد لانخفاض أعمال العنف، نظراً لأن قرار زعماء القبائل السنية بمعارضة مقاتلي «القاعدة» في العراق لعب دوراً كبيراً في ذلك أيضاً، على غرار السلوك العراقي، إذ بينما أصبحت الأحياء العراقية السنية- الشيعية المختلطة أكثر تجانساً وتحصيناً، انخفضت مخاطر العنف الطائفي. ولكن في ما يتعلق بالتوافق السياسي، شكلت الزيادة فشلا ذريعاً. ذلك أن الأغلبية الشيعية لم ترغب في منح السنة والأكراد دوراً أكبر في الحكومة وقوات الأمن؛ كما أن الآمال في عقد صفقة كبرى في الأيام الأخيرة لإدارة بوش تلاشت. ونتيجة لذلك، فإن الجمر المشتعل ما زال موجوداً في صندوق بارود اسمه العراق. ذلك أن النزاعات حول الأراضي والنفط يمكن أن تفجر حرباً أهلية كردية- عربية في الشمال. هذا في حين أخذ السنة في وسط البلاد، الذين يخوضون احتجاجات معارضة للحكومة منذ ثلاثة أشهر، يتحدثون عن التمرد صراحة. أما الزعماء السنة، فيتهمون قوات الأمن التي يهمين عليها الشيعة بقمعهم باسم محاربة الإرهاب وتطهير البلاد من الأعضاء السابقين في حزب «البعث». 2- أن العراق اليوم ينعم بسلام نسبي. الواقع أن مستويات العنف انخفضت كثيراً مقارنة ما كانت عليه في عام 2006، في أوج الحرب الأهلية، عندما كان يُقتل آلاف الناس كل أسبوع. ولكن العراق ما زال بعيداً عن الاستقرار. ففي يوم الاثنين، قاد انتحاري سيارته المفخخة في اتجاه مركز للشرطة، ما تسبب في مقتل خمسة أشخاص، وفي اليوم نفسه، قُتل خمسة أشخاص آخرون في هجمات مختلفة في بغداد. وقبل ذلك بثلاثة أيام، مات 19 شخصاً في سلسلة من الهجمات التي استهدفت موظفين أمنيين. 3- أن العراق دولة ديمقراطية. إنه كذلك -نظرياً- حيث شهد البلد تنظيم انتخابات وطنية متتالية؛ كما أنه يمتلك برلماناً ونظاماً قضائياً ناجحاً نسبياً. ولكن عملياً، يمارس المالكي السلطة ويركزها على نحو يذكر الكثير من العراقيين بصدام حسين؛ حيث قامت أجهزته الأمنية باعتقال العديد من الزعماء العراقيين خلال الأشهر الأخيرة بتهمة دعم حركة التمرد. ولكن المسؤولين السنة يقولون إن المالكي يستعمل الإرهاب كذريعة للتخلص من خصومه. ومنذ فوزه في الانتخابات لأول مرة في عام 2006، عمل المالكي على تعزيز سيطرته على قوات الأمن في البلاد. كما أشرف على تفكيك «أبناء العراق»، الميليشيا القبلية السنية التي لعبت دوراً أساسياً في محاربة «القاعدة». وكانت هذه الميليشيا تتلقى الدعم من الجيش الأميركي، الذي دعا المالكي إلى إدماج أفرادها في الجيش وقوة الشرطة. وعلى رغم أنه تعهد بالقيام بذلك، إلا أن جزءاً صغيراً جداً من أعضائها منُحوا مناصب في الأجهزة الأمنية. 4- أن العراق بات خاضعاً لإيران. انسَ كل ما بذلته الولايات المتحدة في العراق من أرواح وأموال؛ فإيران هي الحليف الأهم استراتيجياً بالنسبة لنظام العراق. والمالكي يدين بولايته الثانية كثيراً للضغط الذي مارسته طهران على الأحزاب السياسية الشيعية المنافسة في العراق، التي تلقى الكثير منها دعماً مالياً مهماً من الحكومة الإيرانية. كما أن هناك دلائل كثيرة على رد بالمثل: فعلى رغم اعتراضات واشنطن، إلا أن حكومة المالكي تسمح بمرور طائرات شحن إيرانية، محملة بالذخيرة على ما يفترض، إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي، وهو ما يمكِّن طهران من دعم الأسد. إلا أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن المالكي يسمح بهذه الرحلات بسبب الضغط الإيراني فقط. فعلى رغم أن الأسد يتقاسم الكثير من إيديولوجيا «البعث» التي كان يتبناها صدام، إلا أنه والكثير من أنصاره العلويين ينتمون إلى الشيعة. بيد أن ما يدفع المالكي إلى تفضيل الوضع الراهن في سوريا أكثر بكثير من الانتماء الطائفي. ذلك أنه مع زعماء آخرين من الأغلبية الشيعية في العراق يخشون أن يقيم الثوار السوريون حكومة سنية متشددة تتعاون مع الأقلية السنية العراقية لإسقاط حكومة بغداد في حال أسقط الجيش السوري الحر نظام الأسد. 5 - أن الأميركيين غادروا العراق جميعاً. مازال هناك نحو 220 موظفاً عسكرياً أميركياً في العراق يعملون لحساب مكتب التعاون الأمني- العراقي، الذي يتولى بيع المعدات العسكرية للجيش العراقي وينسق بشأن التدريبات. ويعمل أولئك الموظفون في قسم ملحق بالسفارة الأميركية في وسط بغداد، التي تعتبر البعثة الدبلوماسية الأكبر في العالم. ويأوي المجمع الضخم، الذي بني في المنطقة الخضراء السابقة في العاصمة، المئات من مسؤولي وزارة الخارجية، والمتخصصين الأميركيين في التنمية، وممثلي وكالات فيدرالية أخرى. وتتولى جحافل من المتعاقدين الأمنيين الخواص حراسة المجمع. وحسب تقرير في صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن التخوفات من إمكانية امتداد القتال في سوريا إلى العراق دفعت الـ«سي آي إيه» مؤخراً إلى زيادة دعمها لقوات محاربة الإرهاب العراقية. وعلى رغم أن الوكالة ما زالت تعتزم تقليص وجودها إلى نحو 300 موظف في العراق، إلا أن محطتها في بغداد ستظل واحدة من بين أكبر المحطات في العالم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©