السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلطة الديمقراطية والدكتاتورية!

25 يونيو 2008 01:52
الديمقراطية ممارسة، وهي ليست فقط أن تقترع في يوم الاقتراع، وهي مجموعة من القيم، وهي وسيلة لحل الصراع والخلاف، وهي كذلك أسلوب للتفاهم بين جميع الأطراف المتخاصمة· الديمقراطية تعني أن نتعلم كيف نحترم كل الآراء وأن ندافع عمن نختلف معهم· في الكويت الديمقراطية تفهم خارج صيغها الثقافية ونحن نتفنن في القوانين غير الديمقراطية· نقول هذا الحديث بمناسبة الاقتراح المقدم من بعض الأعضاء على المعاقبة بالحبس لمن يطالب بالوقف بالدستور، وهو جاء كرد فعل على وثيقة الدواوين· فلنتصور أننا نصدر قانوناً غير ديمقراطي، ونطالب بعقوبة الحبس لمن لا يريد الديمقراطية أو يؤمن بأفكار غير ديمقراطية، وننسى أن هناك منظمات في كثير من الدول ترفع شعارات غير ديمقراطية، لكن دون أن يمسها أحد بسوء أو يضيق بها الآخرون· في الكويت الأمر يختلف حيث ضاق البعض بمطالب الآخرين الذين لديهم وجهة نظر في الديمقراطية الكويتية مما يعني أن فهمنا لها منقوص وأن الاقتراح بحد ذاته غير ديمقراطي· وفي هذا السياق لنتذكر القانون الذي أصدره المجلس بمنع تجنيس من هو غير مسلم، ونقول نحن نؤمن بالديمقراطية ونصدر قوانين تتعارض مع المواثيق الدولية، وفي الوقت نفسه نحتج عندما يحرم مسلم من حقوقه في دولة غير إسلامية ونطالب باحترام حقوقه، لكن لا نعمل بما نطالب به· نحن ننسى أن معارضين كثيرين من البلاد الإسلامية استقر بهم المقام بدول غير إسلامية واحتموا بقوانين هذه الدول، وهم يمارسون كل أفكارهم تحت مظلة الديمقراطية الغربية· نتذكر القانون الذي أصدره المجلس بحق الرجال المتشبهين بالنساء أو ما يسمى ''الجنس الثالث''، والذي على ضوئه يلقى بمن يتم إمساكه من هؤلاء في السجن··· ونقول نحن نؤمن بالديمقراطية ونحرم فئة في المجتمع قد تكون بحاجة إلى مساعدة وليس إلى العقاب ولا نكترث بالأسباب ولا نبحث في الوسائل التي تخفف من هذه الظاهرة· لدينا أزمة حقيقية في فهمنا للديمقراطية، فنحن نريد ديمقراطية مفصلة على مقاس كل ذوق وننسى أن الديمقراطية مشروع حضاري يجب أن نفهم كيف نتعامل معه، وكيف نسخره لخدمة مشروع النهوض في الكويت، وليس إصدار قوانين جائرة تحجب حق الآخرين في التعبير عما يريدونه· الجميع يدرك أن الديمقراطية الكويتية تعاني من أزمة، ولا يمكننا تجاهل هذه الأزمة، ولا يمكننا تجاهل الإخفاقات، وعلينا بكل شجاعة أن نستوعب طبيعة المشكلة ونعمل على تهذيب الديمقراطية وتعميق قيمها بيننا، وليس أن نسترسل بإصدار تشريعات غير ديمقراطية كما حدث في الاقتراح المقدم إلى المجلس· من يعارض النهج الديمقراطي الحالي يجد أن كثيراً من مشاريع الدولة تعطلت ومن حق هؤلاء أن يعبروا عن آرائهم وعلينا أن نحترم كل الآراء وأن لا نلجأ إلى معاقبة من نختلف معهم فقط لأن أفكارهم تختلف مع أفكارنا· علينا أن نتفهم أن الدستور ليس مقدساً وأن تغييره أو مراجعته والوقوف على الثغرات فيه لا يضر بالديمقراطية، خصوصاً أنه دستور صدر في مرحلة مبكرة من تاريخ الكويت عندما كان عدد سكانها لا يتجاوز 200 ألف نسمة ويمثلهم 50 نائباً، واليوم نحن تجاوزنا المليون ويمثلنا نفس عدد من النواب· حالة الاحتقان سوف تستمر ولابد من مراجعة لمسيرة الديمقراطية ليس للحد من الحريات وإنما لتهذيب السلوك وتعميق قيم الحوار بيننا وخصوصا بأن الكتل السياسية وخصوصا الدينية لديها مشاريعها الخاصة ولا يمكننا أن نصل الى حالة توافقية عندما كل منا يتجاهل الآخر ويريد إقصاءه وعلى المحبة نلتقي،،،
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©