الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متون

متون
25 يونيو 2008 21:25
دانيال ميتران تكشف محطات من حياة زوجها في كتابها بكل الحريات أسرار زوجة الرئيس بين السياسة والعشيقات الطيب بشير اكتشفت دانيال ميتران (84 عاماً) أرملة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران منذ ليلة زفافها الأولى أن أهم ضرة لها هي: السياسة، فقد روت في مذكراتها التي صدرت في كتاب عن دار نشر باريسية أنها لم تكد تقطع تورتة الزفاف وفق التقاليد الفرنسية حتى لاحظت أن زوجها الشاب أخذ يتململ في مكانه وهو يسأل امرأة كانت جالسة بجانبه: كم الساعة؟ ثم مال إلى جانب عروسه وهي بلباسها الأبيض الأنيق ليهمس لها قائلاً: ''لابد أن أنصرف، فلي اجتماع هام وعاجل مع رفاقي في حركة الأسرى''· تقول دانيال: فأجبته وأنا مندهشة: موعد الليلة، ليلة زفافنا ؟؟؟··· سأذهب معك· ورافقته فعلاً مرتدية زي الزفاف الأبيض إلى قاعة اجتماعات غارقة في دخان السجائر· مائة وردة الراحل فرانسوا ميتران معروف عنه انه رجل سياسة داهية وهو رجل فكر وكاتب وهو أيضا زير نساء، وليس هذا سراً، ولكن اعتراف زوجته في مذكراتها كان صادقاً وطريفاً ومتفرداً· تقول وهي تتذكر حادثة حصلت في سنوات زواجها الأولى: ''بعد تعيين زوجي وزيراً للعدل حصل عطب في جهاز التدفئة في الشقّة التي نسكنها، وفي انتظار إصلاح الخلل انتقلت للإقامة أياماً معدودات في الشقة الموضوعة على ذمة الوزير في مقر الوزارة، وفوجئت عند حلولي بالمكان بوجود باقة ورد رائعة تضم مائة وردة حمراء مع بطاقة كتبت عليها امرأة: ''إلى عزيزي الوزير الشاب''، ولا شك أن المرأة التي أرسلت الباقة لم تكن تتخيل أن زوجة الوزير ستتفطن للهدية ولو صدفة، ولذلك وجدت أنا زوجته متعة شخصية قي كتابة رد إلى السيدة المرسلة لأقول لها: ''أشكرك سيدتي على عبارات الود التي تضمنتها بطاقتك لزوجي والتي لا يضاهيها إلا ذوقك الرفيع في اختيار الورود الجميلة'' التوقيع: دانيال زوجة فرانسوا ميتران· واقعية زوجة ولكن دانيال ميتران تعترف في مذكراتها أنها استسلمت للأمر الواقع فعشيقات زوجها كثيرات، وهو رجل مغرم بالنساء، وهي تعترف ببراعته في جلب اهتمامهن وكسب إعجابهن مؤكدة انه يجيد فنّ المغازلة· تقول في مرارة يشوبها موقف واقعي مغلف برؤية تكاد تكون فلسفية: ''تعبت من مثل تلك التمارين (إشارة إلى ردها على صاحبة باقة الورد) والألعاب الفكرية، والأوضاع السريالية، واتخذت حياتي مع زوجي منحى آخر مركزاً على العائلة، فعندما يكون أحدنا متعلق بالآخر ومرتبط به ارتباطاً شديداً ولهما رغبة عميقة وقوية في البقاء مع بعض فان يعيش احدنا حباً منفصلاً فانه ليس أمراً لا يمكن تصوره بل يصبح أمراً ممكناً، لذلك فان ولادة مازارين (ابنة ميتران من عشيقة له) لم يكن اكتشافاً بالنسبة لي أو مأساة، وقد أدرت ظهري لكل من حاول إيغال صدري فالصداقة والود والمشاريع والآمال من شأنها أن تؤسس لحياة طويلة مشتركة''· وتضيف: ''إن موت ابننا الأول وبعض الآلام والمصاعب نسجت وشائج قوية بيني وبين زوجي، وعندما أقيس الزمن الذي قضيته مع فرانسوا أجده حقيقة قصيراً ولم أشعر أبداً بالملل بمشاركتي لحياته في الأفراح وفي الآلام''· في قصر الاليزيه هي تصف بدقة أول يوم لدخولها قصر الإليزيه في شهر مايو آيار ،1981 وتكشف أن القصر يخضع في تسييره لإدارة عسكرية، فقد أرادت مثلاً التثبت من تكاليف وفواتير الصرف على الأكل والصيانة والزهور، فاستغرب القائمون على هذه الشؤون في القصر اهتمامها بمثل هذه المسائل واكتفوا بمدها فقط بقائمة المزودين والمتعاملين مع القصر· كما أشارت أرملة الرئيس الفرنسي إلى الكم الهائل من الرسائل الذي كان يتهاطل على مكتبها وهي رسائل تتضمن غالباً شكاوى أو مطالب تدخّل لفائدة أمر ما، وهي تعترف أنها ورغم موقعها كزوجة لرئيس الدولة لم تفلح دائماً في التدخل إذ كثيراً ما كانت تصطدم بتقاليد إدارة القصر، فهناك أسلوب راسخ في تسيير شؤون الرئاسة لا يتغير بتغير الرؤساء، وقد حاولت دانيال ميتران باعتبارها يسارية ومناضلة وزوجة رجل اشتراكي أن تغير ولو قليلاً ولكنها تعترف بأنها فشلت وتعطي على ذلك أمثلة ملموسة· أخبار·· وأسرار وكشفت دانيال ميتران في مذكراتها عن أسرار بعض لقاءاتها مع كبار شخصيات العالم، فبمناسبة زيارة لها لإيران ودعوتها لمأدبة عشاء عند السيدة رفسنجاني نصحها السفير الفرنسي بطهران ارتداء لباس طويل ووضع غطاء على الرأس وهو ما فعلته، وكشفت عن جوانب خفية من هذه الجلسة، كما تحدثت عن كواليس اللقاء الذي جمعها مع هيلاري كيلنتون يوم 14 مايو ·1993 تقول: ''كنت ألهو وأنا ألاحظ المستشارين العاملين في سفارة فرنسا بواشنطن والصحفيين يتساءلون بجدّ عن الكيفية التي ستتم بها زيارتي لهيلاري· حافظت على هدوئي عندما بدأت تنهال عليّ الأسئلة على غرار: ما هي المسائل التي ستتم إثارتها؟ هل ستتركين لها اختيار المواضيع؟ وكنت أرى ان اللقاء لا يستحق كل هذا الضجيج فلن يغير وجه العالم· إنها زيارة مجاملة بين امرأتين''· ولكن المفاجأة حصلت عندما حلّ ركب زوجة الرئيس الفرنسي مرفوقة بسفير بلادها في واشنطن فعند باب البيت الأبيض لم يسمح للسيارة بالدخول، فالحراس لا يعرفون شخصاً اسمه دانيال ميتران ولم ترد عليهم أوامر بالسماح لشخص يحمل هذا الاسم بالدخول· مرت 30 دقيقة وسيارة السفير الفرنسي لم يسمح لها بتجاوز السور الخارجي للبيت الأبيض والوصول إلى الجناح الخاص· وفي الأخير فتح الباب بدون أي اعتذار أو شرح ولم تحتج دانيال ميتران ولم تشر أثناء لقائها بهيلاري كلينتون إلى الحادثة· أوياما شيرو·· اسم مستعار لمؤلف مجهول يعيش اليوم مشرداً في شوارع طوكيو رجل بلا موهبة·· غادة سليم باختصار·· أنا رجل بلا موهبة· رجل غير قادر على الارتباط بامرأة أو الانخراط في عمل· ولقد تجاوز بي العمر كل الآمال في تحقيق أي شيء· ولا أقول ذلك عن شعور عابر باليأس والإحباط وإنما هذه هي الحقيقة التي أعايشها لسنوات· كاتب هذه السطور هو ''أوياما شيرو'' رجل أعمال ياباني هجر عالم ربطات العنق والياقات البيضاء وتحول وهو في الأربعين من عمره إلى عامل باليومية في أحد الأحياء الفقيرة للعاصمة اليابانية طوكيو· وهو يعترف بأنه حالة إنسانية خاصة وبأنه سقط سهوا من حسابات الحياة· فعلى الرغم من كونه خريجا جامعيا إلا أنه فشل في تحقيق متطلبات العمل والالتحاق بالطبقة الوسطى، مما اضطره للانزلاق إلى قاع المجتمع والانتماء إلى طبقة العمال· ولأنه رجل بلا موهبة لم ينضم إلى فئة العمال ذوي المهارات الفنية المتقدمة والذين يحصلون على أجور عالية ويتمتعون بمجموعة من مزايا الرفاهية الاجتماعية بل إلى فئة العمال البسطاء منعدمي الخبرة ذوي الأجور الزهيدة الذين يتم استئجارهم بنظام اليومية· وفي محاولة منه لفهم دواخل نفسه واستيعاب حقيقة المجتمع الياباني قرر كتابة مذكراته· ولقد خرجت مذكراته إلى النور في كتاب بعنوان ''رجل بلا موهبة··'' صدرت نسخته الإنجليزية عن جامعة كورنيل الأمريكية بعد أن ترجمه من اليابانية البروفيسور ''إدوارد فولر'' أستاذ الأدب المعاصر في كلية شرق آسيا بكاليفورنيا والباحث المتخصص في الثقافة الاجتماعية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية في اليابان· وكان اختيار البروفيسور ''إدوارد فولر'' للقيام بهذه المهمة موفقا للغاية، لكونه مؤلف دراسة بعنوان ''أحزان سانيا'' التي تتناول حياة العمال في ذلك الحي المنسي الكئيب ذاته· ولقد فازت النسخة اليابانية من ''رجل بلا موهبة'' بجائزة ''كايكو تاكيشي'' المرموقة للآداب· ويضم الكتاب 139 صفحة من القطع المتوسط مقسمة إلى ستة فصول تتقدمها رؤية تحليلية للمترجم· سيرة وتجربة وتعود قيمة المذكرات إلى صدق التجربة الإنسانية وعمق التحليل الاجتماعي والاقتصادي للظاهرة· أما النسخة المترجمة فتستمد أهميتها من الصورة الصادمة التي تحملها للقارئ عن اليابان كدولة اشتهرت بالضمان الوظيفي والنقابي لموظفيها وعمالها مدى الحياة مقابل إخلاصهم ومرونتهم وإتقانهم للعمل· وأن العمال اليابانيين يحميهم نظام البدلات الإضافية السخية وزيادة الأجور والخبرة والأقدمية· الأمر الذي أدى إلى قيام مجتمع عمالي متميز في اليابان تحسدها عليه دول شرق آسيا المجاورة· لكن الكتاب جاء ليقدم للقارئ غير الياباني فرصة غير مسبوقة لإلقاء نظرة فاحصة على حياة العمال في حي ''سانيا''· وذلك بعيني رجل عاش 12 عاما في هذا الحي الفقير الذي يجمع كل أصحاب الحظ العثر· إلا أنه شخص يختلف عن كل الذين يعملون في حي ''سانيا'' فهو يرى بعيني المفكر والمراقب والمتعلم· وفي المذكرات يتناول ''أوياما'' ثلاثة محاور رئيسية· الأول يدور حول بدايته كموظف في شركة كبرى يتقاضى فيها راتبا شهريا· إلا أن ضغوط العمل المستمرة جعلته يشعر بأنه لم يخلق لحياة الوظيفة وغرق في كآبة دفعته إلى ترك العمل وقطع أواصر الصلة مع أسرته والهروب من نفسه والاختباء في حي ''سانيا''· أما المحور الثاني فيدور حول زملائه· ومعظمهم رجال مهمشون كبار في السن تم إقصاؤهم عن أسرهم بسبب إدمان الخمر أو لعب الميسر أو لمجرد القهر وسوء الحظ· وفي حي ''سانيا'' تحسب الحياة يوما بيوم· ففي كل يوم ينتظر الرجل منهم أن تأتيه فرصة ويكلف بعمل مؤقت لا يتطلب مهارة نظير أجر زهيد· ويعيش هؤلاء العمال كل ثمانية في غرفة في ثكنات تدعى ''دويا'' تتراص فيها الأسرة جنبا إلى جنب، لا يفصلها عن بعضها سوى ستارة خفيفة· ويحكي ''أوياما'' عن المعاناة اليومية من أجل هامش بسيط من الخصوصية· ويستعرض ''أوياما'' نماذج من رفاق عنبره· فهناك ''تسوكاموتو'' العامل المهووس بالخوف من الأشباح والذي يخفي هويته الحقيقية عن كل من حوله ويخطط لأن تكون وفاته عملية اختفاء كلي عن سطح الأرض دون أن يعرف له أثر· وهناك ''كاتو سان'' المناضل العمالي الفاشل والمدمن على الخمر والذي لا يتقن أي عمل يقوم به· وهناك ''كيم'' العامل الكوري الذي يحلم باليوم الذي تتفوق فيه كوريا على اليابان· أما المحور الثالث فيدور حول حي ''سانيا'' وأحياء العمال الأخرى· وكما يشرح المترجم ''فولر'' للقارئ فإن ''أوياما'' دخل سوق العمالة اليومية في عصر التردي الذي ضرب الاقتصاد الياباني في الثمانينات والتسعينات· وأنه عاش 12 سنة كعامل، ست منها في فترة التضخم والفقاعة الاقتصادية والست الأخرى بعد الركود الاقتصادي وانفجار الفقاعة في النصف الثاني من التسعينات· بينما كان الطلب على العمالة اليومية متزايدا جدا في الفترة ما بين الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي· تأملات مذهلة ويفاجئ ''أوياما'' القارئ في الفصل الأخير من الكتاب بمجموعة من التأملات العميقة المذهلة التي تؤكد أنه غير نادم على هذه التجربة رغم قسوتها· وأنه يشكر الظروف التي جعلته يتواجد في بلد رأسمالي متطور كاليابان أتاح له أن يعيش الحياة كما يريد· وأنه مدين بالشكر إلى انهيار حلم الاشتراكية الخيالي والذي كان يضع الإنسان في قوالب صماء يستحيل الخروج عنها· وأشار إلى إدراكه لأهمية التعليم بعد أن عمل كتفا إلى كتف مع غير المتعلمين· وأكد أن كل ما يكتب من عبارات براقة عن الوضع المثالي لعمال اليابان في وسائل الإعلام أبعد ما يكون عن الواقع· وبفوز مذكراته بجائزة ''كايكو تاكيشي'' المرموقة للآداب دخلت حياة ''أوياما'' منعطفا حاسما· فبعد أن أنهى كتابة مذكراته أرسل بها إلى دار نشر ذائعة الصيت· والتي تحمست لها وتقدمت للمشاركة بها في جائزة الآداب· وكانت مفاجأة عندما علم ''أوياما'' بفوزه· والمثير في الأمر أنه لم يحضر حفل استلام الجائزة· بل تبين أن ''أوياما شيرو'' هو اسم مستعار لرجل لا يحب الظهور إلى العلن· وإلى الآن تبقى الشخصية الحقيقية لمؤلف هذا الكتاب مجهولة· أما قيمة الجائزة فأرسلت إليه بالبريد· ومنذ ذلك الوقت هجر ''أوياما'' حي ''سانيا'' ليس لينتقل إلى حي أرقى، بل ليعيش مشردا وهو في الثالثة والخمسين من عمره في منطقة ''شينجوكو'' بالعاصمة اليابانية طوكيو متجنبا أي تعامل مباشر مع جنس البشر· الإصلاحات الديمقراطية بين حاجة الداخل وإملاءات الخارج الاندماج السياسي والثقافي في عصر العولمة د· أحمد الصاوي القاهرة - في كتابه ''ثقافة الحرية والديمقراطية'' يقدم الدكتور حامد عمار رؤيته كتربوي لعمق العلاقة بين العمل التربوي والإطار المجتمعي متناولاً عدداً كبيراً من الموضوعات التي طرقها في مقالات ودراسات مختلفة· ويتألف الكتاب من ستة فصول، يحوي الأول نصوص أهم مبادرات الإصلاح الديمقراطي وهما وثيقة الاسكندرية التي صدرت في مارس 2004 عن مؤتمر قضايا الإصلاح العربي الذي عقد بمكتبة الإسكندرية والوثيقة الثانية هي نص مبادرة جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح والصادرة في مارس عام ·2004 ويعطي الدكتور عمار الفصل الثاني عنوان ''التراجع في وعود الإصلاح الديمقراطي'' ويرجع إلى أن الحكومة والمعارضة في مصر قد اتفقتا ضمناً على إرجاء إجراء إصلاحات دستورية وديمقراطية الى ما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في عام ·2005 وعود ومرت الأيام والشهور والشعب المصري يتوقع الوفاء بالوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها ولكنها لم تتقدم بأي مبادرات لتحقيق وعودها بل ظهرت في الأجواء سحابات داكنة وعواصف مثل حبس بعض الصحفيين رغم الوعود المقطوعة وانتهكت حرمة القضاء بإحالة بعضهم إلى التحقيقات· ويعقد الدكتور عمار بعض المقارنات الموحية مثل مقارنته بين بيان صادر عن المصريين في الولايات المتحدة بشأن ملامح الإصلاح السياسي وبرنامج الحزب الوطني الحاكم الذي اطلق الأمنيات وتجاهل الأولويات، وايضاً مقارنته بين فساد التعليم وفساد بورصة الانتخابات، ولاسيما من جهة التشابه في ضخامة الانفاق على الدروس الخصوصية (15 مليار جنيه سنوياً) وانفاق الملايين على الحملات الانتخابية والتشابه في أسعار بورصة الدروس والرشاوى الانتخابية وأوجه الغش والتزوير في الامتحانات ونتائج الانتخابات· هيمنة وفي الفصل الثالث يتحدث المؤلف عن هيمنة العولمة ومخاطر الجمود الثقافي، ويؤكد أن ثمة ترابطاً بين السياسة والثقافة، وخاصة منذ اجتياح العولمة وثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الاتصالية، التي أدت إلى نوع جديد من الاندماج بين السياسة والثقافة إلى الدرجة التي تبيح لنا أن نصوغ فيها مقولة: ''الثقافة عملية سياسية في جوهرها، كما أن السياسة عملية ثقافية في حركتها'' ويتطرق الدكتور عمار إلى سرد بعض مظاهر الهيمنة المصاحبة للعولمة في التعليم ومن أهمها صيغة الشرق الأوسط الجديدة ودورها في تفكيك روابط العروة الوثقى، لغة وتاريخاً وثقافة بين دول الجامعة العربية ومعها كل المفاهيم والقيم المرتبطة بالأمة والقومية العربية ورصد صندوق مالي خاص لتنفيذ الإصلاحات التعليمية المطلوبة ووضع برامج لخطوات التنفيذ بالعمل على إنشاء مدارس خاصة أميركية وتنفيذ برامج تدريبية من خلال الجامعات الأميركية وإرسال مجموعات مختارة من قيادات التعليم وأساتذة الجامعات والصحفيين في زيارات للتعرف على ما يجري في أميركا لاتخاذه نموذجاً في التطوير الثقافي والتعليمي والإداري واشتراط الدول المانحة للمعونات أن يكون لها دور في رسم السياسات التعليمية وخفوت صوت تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية في معظم الخطابات والسياسات الرسمية والمواعظ الأجنبية وتاهت مسؤولية التعليم في تكوين ثقافة وطنية وقومية للتماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية والوشائج الثقافية بين أقطار الوطن العربي· المرأة أما الفصل الرابع فهو يدور حول ''تحرير المرأة'' ويتعرض فيه الدكتور عمار الى تغلغل البعد الذكوري الواحد في التكوين الاجتماعي، ولاسيما من زاوية تأثير هذا البعد على جهود ادماج المرأة في التنمية لتحقيق حركة مستقلة للقرار· وجاء الفصل الخامس من كتاب الدكتور حامد عمار ليخوض في مناقشة معالم الاضطراب في إصلاح التعليم، وخاصة انعكاسات الحاح الولايات المتحدة على إملاء صيغة لإصلاح التعليم العربي، حيث لاحظ أن كل خطب الرئيس بوش وايضاً تصريحات مطبخه السياسي والعسكري تؤكد الارتباط الوثيق بين التعليم ومناهجه وتحقيق أغراض سياسية مثل مكافحة الإرهاب والترويج للديمقراطية وإقرار حقوق الإنسان· ويؤكد المؤلف ان الخطاب الرسمي في التعليم العربي به العديد من المراوغات اللفظية التي تستخدم على نطاق واسع لتبرير الأخطاء مثلما يعاني ايضاً من صور مختلفة للتزييف سواء في التعليم الابتدائي وما بعده وصولاً إلى التعليم الجامعي· ويتعرض لتقييم مشروعات قوانين مصرية تجري صياغتها لإقرار نظام الاعتماد وجودة التعليم رابطاً بين هذه المشروعات وطبيعة الظروف السياسية والاجتماعية والأوضاع الديمقراطية في البلاد وينتهي إلى ضرورة التأني في إصدار قوانين التعليم حتى تستوفي أغراض دراستها للاحتياجات الفعلية للعملية التربوية· وجاء الفصل السادس تحت عنوان ''نحو تطوير ديمقراطي لمنظومة التعليم'' وهو يحوي برنامجاً مقترحاً لتطوير المنظومة التعليمية العربية انطلاقاً من حالة مصر، يلبي احتياجات التطور العلمي دون إخلال بملامح الهوية الثقافية العربية· سجال حول الثقافة والمحلية والعولمة والمستقبل في كتاب مستقبل العلاقة بين المثقف والسلطة أبعاد فلسفية للسمنة والهزال عمّار أبو عابد هل يمكن للمثقف العربي أن يدرك أن لا قيمة لمحليته وهويته وانتمائه ما لم يحول قيمها ومعاييرها وأفكارها إلى قيم ومعايير وأفكار عالمية؟· وهل يدرك هذا المثقف أن الثقافة والهوية والوطنية اللتين تتشكلان في ظل حكومات مستبدة مآلهما إلى الانقراض تاريخياً، وأن العقل الثقافي بحاجة إلى الحرية، كي يتجاوز لعبة التكفير والتخوين، وإلى الحوار الداخلي والخارجي كي يتم التصالح مع الهوية الوطنية والانتماء الفكري· وفي هذا العصر بما يحمله من تحولات كبيرة على الصعيدين الفكري والتقني، حيث أصبحت الصورة والمعلومة والربح هي المحركة لرؤوس الأموال، وفي ظل تراجع كبير للمبادئ في بناء العلاقات بين الدول والثقافات، كيف يمكن أن يكون مستقبل العلاقة بين المثقف العربي والسلطات الحاكمة؟· حول هذه الأطروحات دار سجال فلسفي معمق بين مفكرين عربيين بارزين الأول هو الدكتور خليل أحمد خليل الأستاذ في الجامعة اللبنانية والثاني هو الدكتور محمد علي الكبسي الباحث في الفلسفة السياسية العربية، وذلك في كتاب صدر حديثاً تحت عنوان ''مستقبل العلاقة بين المثقف والسلطة''· دفاع وهمي ويرى الدكتور خليل أن العالم متوجه إلى معرفة أحادية عنوانها الراهن ''العولمة الأميركية'' مما يعني مداورة: أن ثقافة هذه العولمة ''السمينة'' مقبلة على أكل ثقافتنا الهزيلة، ومنها الثقافة الدينية الإسلامية ـ كما يتصور مؤدلجو الغرب ـ وهذا يعني مباشرة أن ثقافتنا المحلية العربية والإسلامية هي في حالة تنافس وصراع، إن لم نقل في حالة حرب مع ثقافة الغرب، حيث إن ''أوليفيه كارّي'' اعتبر الثقافة الغربية في حالة دفاع وهمي عن الذات أمام الإسلام المحارب!· ويشير الدكتور خليل إلى أن العلاقة بين المثقف والسلطة هي علاقة تأثيم متبادل، حدّاه التكفير في مستوى العقل الديني، والتخوين في مستوى العقل السياسي، فيما عقلنا الثقافي يحتاج إلى الحرية لتجاوز لعبة التكفير والتخوين معاً إلى لعبة التفاكر أو التعارف، أي الحوار من الداخل، إلى الحوار في الخارج الإقليمي أو العالمي، إن كان الآخر مستعداً لمعرفتنا أولاً، وللاعتراف بنا ثانياً، وإلا ما جدوى التحاور مع آخر لا يعرفك ولا يؤدي لغير الاعتراف بك إلا كضحية!· ويؤكد الدكتور خليل الحاجة إلى الحرية الإنسانية في مطلع الألفية الثالثة، مما يستدعي إعادة النظر في علاقة المجتمع نفسه بالسلطة، لجهة تمكين المجتمع من المشاركة بحرية في إنتاج ثقافته واختيار استهلاكه الثقافي وغير الثقافي، فلا يحق مثلاً لأحد أن يفرض على العالم الإسلامي استهلاك رواية سلمان رشدي ''الآيات الشيطانية''، ولا يحق لأحد أن يفرض عليه استهلاك لحوم أبقاره ''المجنونة'' ولا أسلحة تدميره الشامل والفاسد معاً، ولا أي استهلاك آخر مثل استهلاك التنمية والخصخصة ثم استهلاك المديونية، وتأييد التبعية الاقتصادية، وكل أشكال المعلوماتيات الراهنة، ومع ذلك فنحن لا نقول للغرب: لكم عالمكم ولنا عالمنا وحسب، بل نقول أيضاً: لكم ثقافتكم واستهلاكاتكم وعواقبها، ولنا ثقافتنا ومجتمعها وعالمها؟ ولكن أين الاستواء في التبادل بين ثقافتنا وثقافتهم؟! قفزات في أزمات وينتهي الدكتور خليل إلى أن ثقافتنا العربية الإسلامية ليست في خطر، وليست خطراً على أحد بسبب من محليتها أو تأصلها، فهي ثقافة تمارس تحضرها على طريق العولمة أو العالمية، من خلال تطورها الذاتي الذي شهد قفزات في أزمات، ولو قارنا نتاجنا الثقافي في القرن العشرين بما كان عليه الحال عندنا في القرن التاسع عشر، لاكتشفنا أننا حققنا نهضة عربية وإسلامية، على الرغم من تعطيل الاستعمار لعقولنا ومدارسنا، ومن نهب ثرواتنا وقتل مواردنا البشرية بالحروب المعروفة· ويخلص الدكتور خليل إلى أن الاستعمار نفسه الذي ادعى لنفسه صفة ''البطل المحضِّر'' مارس علينا سياسة ''البطل المدمِّر'' ومازال بأشكال أخرى، ويؤكد أن استقلالات بلادنا أتاحت للمثقف العربي أن يكون مواطناً في وطنه أولاً، وأن مجتمعاتنا هي القادرة ثانياً على إعادة تأهيل المواطن للتوجه تلقائياً من مواطنته على المواطنة العالمية· ويضيف الدكتور خليل أنه لا يرى منذ الآن أن ثقافات الألفية الثالثة ستكون أو قد تكون ثقافة واحدة ذات حراك دائم بلا مركزة، فالثقافة العالمية بوجهيها الأوروبي والأميركي مثلاً لا تخفي مركزتها ولا مركزيتها، وإن بدت في صورة ''نواة العولمة'' بدءاً من أميركا، وما يجب أن نراه بعين الرأس والعقل هو حاجة عالمنا العربي والإسلامي إلى ''نواة عولمته'' وإلى مركزية علاقاته ببعضه، تمهيداً لكل علاقة تجاور وتحاور مع عولمة ثقافتهم، مع القبول بأن تكون ثقافتنا وثقافتهم مشتركة إن هم رغبوا حقاً في الشراكة والتسالم، وفي السلام العالمي· ثم يطرح الدكتور خليل سؤالاً هاماً: لماذا هذا التهويل بعولمة ''متوحشة'' تأكل كل شيء حتى الإنسان وثقافته ؟! مفاهيم خاطئة أما الدكتور محمد علي الكبسي فيتناقض في طروحاته مع الدكتور خليل، ويبدو منسحباً من واقع الثقافة العربية الإسلامية، داعياً إلى عدم التوقف عند أصحاب الكهف ـ على حد تعبيره ـ وهو يدعو صراحة لإزاحة مفاهيم اعتقدنا صحتها ردحاً كبيراً من الزمن، وأنه يجب النظر في المتغيرات العميقة التي عرفتها الإنسانية في ظل ما يظهر من تباشير العولمة في هذه الألفية الجديدة، مقرراً أنه لم يعد يجدي موقف القبول أو الرفض بقدر ما يجب أن نحدد الرهانات المستجدة أمام المثقف والسلطة، وبيان كيفية الاستفادة من الوجه الحضاري للعولمة، حيث يعتبر الدكتور الكبسي أن العولمة ليست تياراً أو مدرسة أو مذهباً بإمكاننا الانتماء إليه أو معاداته مستغنين عنه بموروثنا الحضاري! ولهذا فهو يدعو إلى عدم تضخيم ذواتنا وإلى عدم إعطائها حجماً لا يناسبها، لأن طموح العولمة ـ حسب رأيه ـ هو تكوين ثقافة المصير المشترك والمشاعر المشتركة في هذا العالم القرية!· ويقترح الكبسي النظر إلى المحلية لتوجيهها لوجهة تتوافق والأبعاد الإنسانية التي تطرحها هذه الألفية، فنكون بذلك قد فتحنا جسور الحوار بين الثقافات وداخل ثقافتنا المحلية· ويعتقد الدكتور الكبسي أن مواردنا الثقافية لا يمكن أن تكون البديل عن التكنولوجيا الرقمية، ولا يمكن أن تحمينا من السوق العالمي وسيولة رؤوس الأموال، ولا يمكنها أن توقف ضخ النفط إلى الاحتكارات المالية والسياسية ؟! ويتوقف الدكتور الكبسي عند موضوع الهوية العربية والإسلامية فيدعو إلى مراجعة ما استقر في ثقافتنا حول الهوية والأنا، لأن الهوية ـ حسب رأيه ـ هويات(!)· وهي انتماء يستمد حضوره ودلالته من خصوصية المحلية التي هي محليات (!) خصوصية التنوع ويصل إلى القول: إن خصوصيتنا كعرب تنوع ينحدر أساساً من تنوع محلياتنا، وإن التحول الثقافي الذي علينا استيعابه هو تأسيس التوافق الداخلي بتفجير الهوية وإخراجها من التشاكل الداخلي بالإبانة عن طبيعتها التنوعية، فانغلاق المحلية علة الثقافة العربية (!) بينما يضع التنوع الهوية وضعاً أفقياً من جهة كونها انتماء مخالطاً لغيره من الانتماءات التي تعترف بأحقية وشرعية الحضارة التي تمثل الأفق الجامع لها، كما تعترف بأحقية وشرعية الثقافات والحضارات الأخرى· ويعتبر الدكتور الكبسي أن الألفية الثالثة وتباشيرها تؤكد أن الإنسانية هي فلسفة المستقبل في هذه القرية الكونية· لهذا يجب أن يقوم الإبداع على تمثل المشاعر المشتركة (!) وتمثل الإحساس بكوننا أسرة واحدة (!) يهمها مصير كوكبنا (!) ذلك أن الإبداع في الألفية الثالثة ممارسة تعلمنا كيف نحيا الانفصال عن المنظومة الكلاسيكية، ونتبنى حواراً مع الآخر باسم تنوع العائلة الإنسانية، فذلك إغناء لنا، لأننا تجاوزنا الأفق الذي ارتهنا فيه كثيراً وأعدنا صياغة محليتنا بإقرار خصوصية تنوعها، فتغتني ثقافتنا العربية الإسلامية بانفتاحها، فنوجهها نحو تطلعات الإنسانية· ويصر الدكتور الكبسي على أننا قادمون على عصر جديد ومشكلات جديدة، وتصورات جديدة، وبالتالي مستقبلون لإنسان جديد· وفي قراءة موجزة لهذا السجال الفلسفي الذي ضم بحثين معمقين في كتاب ''مستقبل العلاقة بين المثقف والسلطة'' نرى عربياً مشرقياً يتمسك بالمحلية سبيلاً إلى الندية والمشاركة في العولمة، بينما نرى عربياً مغاربياً يدعو إلى الانعتاق من الموروث والالتحاق بالعولمة وحسب شروطها ومعطياتها!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©