السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا ومصير «ديمقراطية» المجر

12 ابريل 2018 01:28
ما الذي يحتاج إليه الاتحاد الأوروبي للدفاع عن المبادئ الديمقراطية التي يزعم أنه يعززها؟ وإلى متى سيسمح بأن يتم التلاعب به وبدافعي الضرائب الذين يمولونه؟ لقد فاز «فيكتور أوربان» -أكبر نصير للموجة العالمية الجديدة من الاستبداد- لتوه بالولاية الرابعة في انتخابات قبيحة. وستقوم بلاده الآن بتسريع مسيرتها بعيداً عن القيم المنصوص عليها بوضوح في وثيقة الاتحاد الأوروبي –حتى وإن كان أوربان قد استفاد لحسن حظه من المساعدات الأوروبية لتعزيز مسيرته السياسية. لقد حان الوقت لكي تغلق بروكسل الصنبور. كان من المفترض أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر من نادٍ للنمو الاقتصادي. ويشير ميثاقه للحقوق الأساسية إلى أن الاتحاد يقوم على قيم مشتركة، «على مبادئ من الديمقراطية وسيادة القانون». ويطالب الميثاق الأعضاء باحترام «الحرية والتعددية في الإعلام»، وأن يمتنعوا عن التمييز على أي أساس تقريباً، سواء الدين أو العرق أو الجنسية. وباختصار، فهو يطالب أعضاءه بالالتزام بالمثل والممارسات التي هاجمها أوربان بصراحة. وربما كانت حملة أوربان الانتخابية، المليئة بالحيل وتهديدات الخوف من المهاجرين، وإحياء المناهضات المعادية للسامية والهجمات العلنية ضد الاتحاد الأوروبي، هي آخر نَفَس في الديمقراطية المجرية. فقد خضعت تلك الدولة، التي كانت يوماً ما تدفع نحو المستقبل الليبرالي، لأجندة أخرى بعيدة عن قيم الاتحاد الأوروبي. لقد كان قانون الانتخابات بالفعل غير متوازن، ما جعل عضواً مؤسساً في المحكمة الدستورية للبلاد يستنتج أن «المجر ليست دولة ديمقراطية». فقد كانت انتخابات الأحد مليئة بالمخالفات. إنها مصادفة غريبة أن يفوز حزب «فيديسز» بزعامة أوربان وحلفاؤه، حتى كتابة هذه السطور، بـ134 مقعداً، أي أكثر من حد الثلثين الذي يسمح لهم بالسيطرة على البرلمان، ويتيح لهم حرية كاملة في العمل. وعلى رغم أن عدداً أكبر من الناس صوتوا ضد حزب «فيديسز» أكثر من هؤلاء الذين صوتوا له، فإن التلاعب في الانتخابات الذي صممه أوربان كان يعني أن الحزب ما زال يحظى بأغلبية ساحقة في البرلمان، بيد أن الديمقراطية المجرية كانت بالفعل تعاني سكرات الموت قبل انتخابات الأحد. وقام أوربان ومؤيدوه بشكل مستمر بتفكيك المؤسسات الديمقراطية والليبرالية. ولم يعد هناك مزيد من الضوابط والتوازنات. فقد سيطر الحزب على القضاء، حيث تمكن أنصاره المختارون من اختيار قضاة البلد. ونفس الشيء حدث مع الصحافة، حيث يسيطر أوربان وحزب «فيديسز» على المنظمين لوسائل الإعلام. وتحت الضغط، تم بيع معظم وسائل الإعلام المستقلة لأنصار أوربان، بينما تتحول المنافذ التي تديرها الدولة تدريجياً إلى الدعاية. كما قام أوربان بتشويه صورة المهاجرين باعتبارهم جحافل معتدية، وحول مشاهده الشعبوية الجديدة المثيرة للجماهير ضد «جورج سوروس»، الرجل الذي اختاره باعتباره تجسيداً للعدو. لقد أنفقت مؤسسة «سوروس» ملايين الدولارات لتمويل المشروعات الليبرالية في المجر. ولكن أوربان أنفق عشرات الملايين من الدولارات من أموال الحكومة لتصوير «سوروس» في الظلال الشريرة لنظريات المؤامرة القديمة المعادية للسامية، كفزاعة خطيرة تهدد البلاد. ووصف أوربان نظامه بأنه «ديمقراطية غير ليبرالية» –ولكن من الصعب الآن رؤية ما تبقى من الجزء الديمقراطي من هذه المعادلة. كما أعلن أن الإجماع الليبرالي في أوروبا قد انتهى، وهاجم الاتحاد الأوروبي علانية باعتباره يشكل تهديداً للمجر. فلماذا يواصل الاتحاد الأوروبي، إذن، تحويل مليارات الدولارات لمساعدة رجل يصف الكتلة الأوروبية بأنها عدو؟ إن لدى الاتحاد الأوروبي آلية واضحة لطرد أي عضو. وتنص المادة السابعة من معاهدة الاتحاد الأوروبي على أنه يجوز تعليق بعض حقوق أي دولة إذا كانت تنتهك قيمه بشكل خطير. إن تعليق عضو صعب بشكل خاص لأن قواعد الاتحاد الأوروبي تتطلب الإجماع على المقترحات الرئيسية. وتعليق بعض من حقوق المجر من شأنه أن يترك باب الاتحاد الأوروبي مفتوحاً في حالة تمكن المجريون الذين يريدون إعادة بلادهم إلى مسار الديمقراطية الحقيقية من هزيمة آلة أوربان. وهناك تكتيك أكثر فاعلية: وقف تدفق المساعدات التي تحولها بروكسل إلى بودابست. وتعد المجر واحدة من أكبر المستفيدين من الاتحاد الأوروبي. وقد ساعدت المليارات التي حصل عليها من دافعي الضرائب الأوروبيين على بناء الدعم لأوربان. وسهلت أموال الاتحاد الأوروبي عليه إيجاد المال في موازنة الحكومة لتقديم مدفوعات للطبقة المتوسطة، بهدف تعزيز دعمه. كما سمحت أيضاً هذه الأموال لأوربان بأن يترأس اقتصاداً آخذاً في النمو، ما كان ليصبح كذلك لولا دعم الاتحاد الأوروبي. ولكن السبب الأهم لقطع هذه الأموال عن المجر هو إرسال تحذير لغيره من المستبدين المحتملين الذين يرون في أوربان مثالاً يحتذى. ويجب أن يوضح الاتحاد الأوروبي أنه قد لقي ما يكفي من السخرية والاستغلال وأنه جاد الآن في الدفاع عن قيمه الديمقراطية. وينبغي أن يوضح أن هؤلاء الذين اختاروا الابتعاد عن القيم العالمية التي يقول الاتحاد الأوروبي إنه يمثلها سيدفعون الثمن. *كاتبة عمود في مجلة وورلد بوليتيكس ريفيو وشبكة «سي. إن. إن» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©