الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بكين ··· الأولمبياد تحولها إلى مدينة بوليسية

بكين ··· الأولمبياد تحولها إلى مدينة بوليسية
25 يونيو 2008 22:31
''بكين ترحب بالعالم'' شعار لا يكاد يخلو منه مكان في العاصمة الصينية، وهي على مشارف الألعاب الأولمبية، لكن مع اقتراب لحظة الانطلاقة بدأت الابتسامة العريضة التي لُقنت للمضيفات الصينيات تبدو أقل جاذبية في ظل الإجراءات المتشددة المصاحبة للاستعدادات الجارية على قدم وساق، فقد أرخت السلطات الصينية بستارة أمنية سميكة على العاصمة تحسباً لأي هجمات إرهابية، أو احتجاجات محرجة قد تعيق سير الحدث الرياضي الأهم الذي تشرف الصين على تنظيمه· ويوضح هذه الإجراءات الاستثنائية ''جيلبرت فان كيركهاف'' -أحد سكان بكين لفترة طويلة ومستشار المدينة للشؤون التنظيمية- قائلا: ''إنهم لا يتركون أي شيء للصدفة حتى لو كان ذلك على حساب السكان المحليين، أو الأجانب، والحقيقة أنهم مفزوعون بالكامل، ولا توجد كلمة أخرى للتعبير عن ذلك''، فقد قامت الحكومة الصينية، لإنجاح حفلها الرياضي الأهم في تاريخها، بتشديد إجراءات الحصول على التأشيرة للتحكم في أعداد الزوار الأجانب، كما ضيقت على وسائل الإعلام واستعدادات البث المباشر، فضلا عن ترحيلها للباعة المتجولين وإغلاقها لمجلة ناطقة بالإنجليزية في محاولة منها -على ما يبدو- لإحكام السيطرة على الحدث· هذا التشدد في الإجراءات الأمنية استرعى انتباه اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية التي تسهر على تنظيم الحدث إلى حد دفع رئيسها ''جاك روج'' -مطلع الشهر الجاري- إلى حث السلطات في بكين ''بإقامة نوع من التوازن بين الاعتبارات الأمنية وتنظيم الألعاب الأولمبية، وأنا متأكد بأنهم يستطيعون القيام بذلك''، ولعل الأكثر لفتاً للانتباه من بين كل الإجراءات التي اتخذتها الصين، هي القوانين المتشددة لمنح تأشيرات الدخول للأجانب والرامية -حسب مسؤولي وزارة الخارجية- إلى ضمان أمن الألعاب الأولمبية، والواقع أنه في ظل اللوائح الجديدة أصبح من الصعب على الأجانب دخول الصين، أو البقاء لفترة طويلة بعد وصولهم· وأثرت تلك الإجراءات بشكل خاص، مثل فرض أنواع متعددة من التأشيرات واشتراط مغادرة الأجانب لتجديد الإقامة، وتقديم إثباتات عن المؤهلات المهنية، على فئات الشباب الذين تستقطبهم ''بكين'' كمكان عالمي يغري بالإقامة· ولأن تلك الفئة من الزوار يحتمل أن تشارك أكثر من غيرها في المظاهرات التي تسعى الحكومة إلى كبحها، فإنهم ليسوا بالأشخاص المرحب بهم في بكين في شهر أغسطس المقبل، لكن الإجراءات الأمنية المشددة امتدت أيضاً إلى رجال الأعمال الدوليين، ما حدا بالعديد منهم إلى رفع شكاوى إلى غرف التجارة الأجنبية في العاصمة، وفي هذا السياق حذرت الغرفة الأوروبية للتجارة في رسالة موجهة إلى السلطات الصينية من مغبة ''إهدار فرص الاستثمار، لأن القوانين الصارمة تضيع الوقت والمال''، ويضيف الأمين العام للغرفة ''مايكل أوسوليفان'': بأن ''العديد من الشركات الدولية سواء الكبيرة، أو المتوسطة والصغيرة تواجه صعوبات في الحصول على تأشيرة العمل، ولم نلحظ بعد أي تغير في طبيعة الإجراءات منذ أن وجهنا الرسالة''، ومن جهتهم تعاني طواقم الإرسال التلفزيوني التابعة للقنوات الفضائية من بيروقراطية السلطات الصينية في استخراج التراخيص الضرورية لإدخال معداتهم والبث المباشر للحدث الرياضي، لا سيما النقل الحي لما يجري في الأماكن المشهورة مثل ساحة ''تيانامين'' وغيرها· لم تتأكد وسائل الإعلام بعد ما إذا كانت السلطات الصينية ستتخفف من إجراءاتها، وهو ما يتخوف منه ''جون بارتون'' -مدير القسم الرياضي في اتحاد البث الآسيوي- قائلا: ''ما لم تستجب السلطات في بكين لمطالب الإعلاميين وتضمن حريتهم، فإنها ستعرض تغطية الألعاب الأولمبية للخطر''، ولا تقتصر الإجراءات الصارمة على الأجانب الذين يريدون المشاركة في الحدث العالمي، بل تمتد أيضا إلى سكان ''بكين'' من المواطنين العاديين، فقد لجأت السلطات إلى فرض قيود جديدة على خدمة البريد، بحيث لا يستطيعون إرسال الأجهزة الإلكترونية، أو مواد سائلة، فضلا عن حظر بيع الألعاب النارية، ووضع نقاط أمنية على غرار المطارات في محطات المواصلات الداخلية، ويبدو أن هذه الإجراءات التي تطال المواطنين تهدف إلى تخفيف العبء على 100 ألف من عناصر الأمن المجندين في الصين بهذه المناسبة منهم رجال الشرطة والشرطة العسكرية وحراس الأمن، بالإضافة إلى المتطوعين، ناهيك عن 300 خبير مختصين في الهجمات النووية والبيولوجية والكيماوية يوجدون رهن الإشارة ابتداء من 1 يوليو القادم· وحسب الشرطة تتصدر الهجمات الإرهابية الانشغالات الأمنية للسلطات الصينية، لا سيما الأخطار والتهديدات التي يمثلها مقاتلو محافظة ''كزينجيانج'' الغربية ذات الغالبية المسلمة المطالبة بالانفصال، ويبدو أن الحكومة متخوفة أيضاً من المناسبات الاحتفالية الكبيرة التي تجذب أعداداً غفيرة من الجماهير، حيث قامت في الشهر الماضي بإلغاء مهرجان للموسيقى الغربية الذي عادة ما يستقطب الأجانب، والأكثر من ذلك ألغت الحكومة مؤتمراً علمياً نظمته مؤسسة هولندية للدراسات الأنثربولوجية بعدما وجهت الدعوات لأكثر من 6500 أكاديمي حول العالم، ويعلق على هذه الإجراءات الأمنية المتشددة ''هين فيربروجين'' - المسؤول في اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية- قائلا: ''إن ما صاحب الشعلة الأولمبية من مظاهرات في العديد من المدن العالمية دفع السلطات في بكين إلى رفع يقظتها الأمنية، بحيث أصبحت الاعتبارات الأمنية تتحكم في اتخاذ القرار الرياضي''، لكن المسؤول يضيف محذراً ''الخوف أن تتحول بكين إلى مدينة بوليسية، وتفقد حيويتها لأن كل شيء تحت المراقبة الأمنية''· بيتر فورد-بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©