السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

على طريق الانهيار !

25 يونيو 2008 22:31
إن فكرة التحول من نظام الحكم الشمولي والحزب الواحد، إلى نظام ديمقراطي تعددي تتنافس فيه أحزاب سياسية تنافساً سلمياً، وتحتكم إلى صندوق الانتخاب، هي مشكلة صعبة الحل ليس في ''زيمبابوي'' وحدها، ولكنها تشمل كثيراً من بلدان القارة الأفريقية التي تحاول عبر مخاض مؤلم تأسيس أنظمة ديمقراطية تحتاج إليها شعوبها التي عانت من آلام تجارب الحكم الشمولي والحزب الواحد والثورة الدائمة والقادة التاريخيين المخلدين· التطورات المؤسفة الجارية في ''زيمبابوي'' اليوم، والتي انتهت إلى لجوء زعيم حركة التغيير الديمقراطي المنافس الأساسي للرئيس ''موجابي'' في الانتخابات التي تجري إعادتها غداً الجمعة طلباً للحماية في سفارة هولندا في ''هراري'' بعد أن أعلنت حركته الديمقراطية انسحابه من إعادة الانتخابات، مؤسساً انسحابها بالحجة الدامغة واتهام الحزب الحاكم باغتيال وقتل بعض أعضائها الناشطين واعتقال سكرتير الحركة العام واتهامه بالخيانة العظمى ستكون لها آثار سلبية ولن تنعكس هذه الآثار على زيمبابوي وحدها· إن سلوك الرئيس ''موجابي'' وحزبه نحو خصومهم السياسيين قد فتح الباب واسعاً للتدخل الأجنبي (الدولي والإقليمي) ولن يفيدهم الحديث عن اتهام المعارضة بالعمالة للقوى الاستعمارية القديمة واستغلال المشاعر الوطنية التاريخية ضد بريطانيا والولايات المتحدة، فمعركة الرئيس وحزبه هي في الأساس بين غالبية شعبهم الذي يتعرض وطنهم للانهيار ولأخطار الحرب الأهلية· إن دور الرئيس ''موجابي'' التاريخي في قيادة معركة شعبية من أجل التحرير والاستقلال دور ليس منكورا، ولكن السنوات (بل العقود) الطويلة من تربعه على قمة السلطة وما شهده من فساد وإفساد لم تعد شفعة له باستمراره بالقبض بيد من حديد على حاضر ومستقبل بلده وشعبه، خاصة لهذه الأجيال من الشباب الذين لم يشهدوا ولم يشاركوه في معارك التحرير والاستقلال والذين يطمحون مثل غيرهم من البشر إلى حياة أفضل لهم ولبلدهم· و''موجابي'' مثل غيره من ''الزعماء التاريخيين'' في أفريقيا لم يعودوا قادرين على مواكبة العصر ومتطلباته وتلك مأساة كثير من (القيادات التاريخية) الأفريقية· إن أزمة ''زيمبابوي'' الخانقة لم تعالج منذ البداية العلاج السليم، ليس من الغرب الداعي للتحول الديمقراطي وحده، ولكن أيضاً من القادة الأفريقيين ومن جيران ''زيمبابوي'' وهي مسألة تكشف عن هشاشة وضعف المنظمات الأفريقية القارية والإقليمية التي ترفع شعارات الوحدة والاتحاد؛ والمحاولات الأفريقية الجارية اليوم وخاصة من جنوب أفريقيا لجمع طرفي الصراع (موجابي ومورجان) قد جاءت متأخرة جداً، ويشك المرء في نجاحها بالوصول إلى حل وفاقي ينقذ البلد الأفريقي الذي يقف على حافة الانهيار وأن يدخلها في دوامة الحرب الأهلية· فالرئيس ''موجابي'' والجنرالات الذين يساندون حكمه ويعتبرونه نظامهم سيظل مصراً على إجراء الانتخابات غداً الجمعة، ولن يعنيه هو وأنصاره كثيراً، حديث بريطانيا وغيرها عن سحب الشرعية عن الرئيس وحكومته، ولن يعنيهم كثيراً التهديد بإحكام الحصار الدولي والأفريقي على بلدهم وهم يعلمون أن معركتهم هي معركة حياة أو موت لنظامهم وسيبقى الضحية الأولى والأخيرة شعب ''زيمبابوي''· إن شهوة السلطة -المصحوبة ببعض الأوهام العقائدية- مرض خطير يجري مجرى الدماء في عروق كثير من حكام أفريقيا وليس الرئيس ''موجابي'' وحده؛ والشعوب الأفريقية التي تعيش حقاً وليس مجازاً في مستنقعات الجهل والمرض والفقر قد أنهكتها ليس فقط سنوات الحكم الاستعماري القديمة، ولكن أيضاً سنوات الحكم الاستعماري القديمة وسنوات الحكم الوطني وما صحبه من فساد وإفساد وفقدان القدرة على الخروج من دوامة الأزمات المتكررة·· والمؤسف حقاً أن بلداً مثل ''زيمبابوي'' ورجلا مثل ''موجابي'' قد أصبحا اليوم مثالا لفشل وتفسخ الدولة الوطنية الأفريقية التي كانت يوماً حلماً من أحلام القادة الأفارقة المؤسسين لحركة التحرر والثورة الأفريقية· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©