السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بكين... علاقة مقلقة مع بيونج يانج

11 مايو 2010 22:46
بعد إغراقه لسفينة تابعة للبحرية الكورية الجنوبية وإزهاقه أرواح 46 بحاراً، معظمهم من الشباب، استقل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج إيل قطاره الخاص المدرع الأسبوع الماضي من أجل زيارة ودية لداعميه في بكين. هل يعد ذلك تفسيراً قاسياً ومجحفاً للأحداث؟ أجل لأن ثمة تفاصيل دقيقة وتوضيحات؛ ولكنه أيضا تفسير يناسب جدا الحقائق المتاحة- ويثير أسئلة بشأن أمل إدارة أوباما المستمر (على غرار أمل إدارة بوش من قبلها) في الحصول على مساعدة الصين، ليس فقط في كبح جماح كوريا الشمالية، وإنما جماح إيران وغيرهما من اللاعبين المثيرين للجدل عبر العالم أيضاً. لقد انفجرت السفينة الحربية "شيونان"، وشُطرت إلى قسمين ثم غرقت قبالة الساحل الغربي لكوريا الجنوبية تحت جنح الظلام في السادس والعشرين من مارس، وقُتل أو فقد 46 من أفراد طاقمها المتكون من 104 أفراد. ورسميا، مازال سبب الانفجار موضوع التحقيق؛ وحتى الآن، لم يوجه الرئيس الكوري الجنوبي "لي ميونج باك" أية اتهامات لأي جهة. غير أن شطري السفينة انتُشلا، وتم استبعاد احتمال الانفجار الداخلي كسبب للحادث؛ بينما أفادت بعض الصحف الكورية الجنوبية الأسبوع الماضي بأنه قد تم العثور على آثار لطوربيد. وهو ما يجعل قائمة المشتبه فيهم المنطقيين محدودة وضيقة. "لي"، الذي يواجه غضباً عاماً بين الكوريين الجنوبيين، سعى جاهداً إلى إرساء أسس رد متعدد الأطراف يركز على العقوبات الدبلوماسية أو الاقتصادية؛ وذلك على اعتبار أن الرد العسكري لن يؤدي إلا إلى إمكانية اندلاع حرب أوسع. ولهذا الغرض، ناقش "لي" موضوع غرق السفينة مع الرئيس الصيني هو جنتاو في شنغهاي في الثلاثين من أبريل الماضي؛ حيث كان المسؤولون الكوريون الجنوبيون يأملون أن تساهم الصين في البعث برسالة إلى حليفها في بيونج يانج مؤداها أن إغراق السفينة ليس رياضة مقبولة بين الدول المتحضرة. ولكن بدلاً من ذلك، وبعد ثلاثة أيام ومن دون إشعار لكوريا الجنوبية، بسطت الصين السجاد الأحمر لـ"الزعيم المحبوب" كيم، كما يسمي نفسه. ولم يُسمح للصحافة الصينية بالكتابة حول الزيارة التي دامت أربعة أيام أثناء وقوعها أو حتى الإعلان عن حدوثها. وبعد عودة "كيم" سالماً إلى بلاده، أعلنت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" أن "هو" أقام مأدبة عشاء على شرف "الزعيم المحبوب"؛ ونقلت الوكالة عن الرئيس الصيني قوله "إن الصداقة التقليدية التي تجمع الصين وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية هي الكنز المشترك للحكومتين والحزبين والشعبين". فماذا عسانا نستنتج من كل هذا؟ المحللون الذين يعتقدون أن الصين تمارس تأثيرا مفيداً ومعتدلاً على كوريا الشمالية، وجدوا العزاء في مقترح لـ"هو" يتألف من خمس نقاط. ويدعو هذا المقترح، على سبيل المثال، البلدين إلى "تعزيز التنسيق حول الشؤون الإقليمية والدولية"، وهو ما يؤشر ربما إلى استياء الصين من قيام "بيونج يانج" بإغراق سفن في المنطقة من دون إشعارها. وحسب وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "شوسون إيلبو"، فإن "كيم" غادر بكين بشكل غير متوقع قبل أن يستعمل تذكرته المرغوب فيها لحضور النسخة الكورية الشمالية من الأوبرا الكلاسيكية الصينية "حلم المنزل الأحمر"؛ وربما غادر الصين مستاء بعد أن عبَّر له المسؤولون الصينيون (ربما) عن تحفظهم بشأن إغراق السفينة. ولكن من جهة أخرى، أفادت "شوسون إيلبو" أيضاً بأن "كيم" عاد إلى بلاده مع وعود بـ100 ألف طن من المواد الغذائية و100 مليون دولار من المساعدات من الصين للاقتصاد الكوري الشمالي المشلول، وهو ما يعكس الدور الحقيقي للصين في كوريا الشمالية. فعلى الرغم من كل الوقت الذي أُمضي في المحادثات سداسية الأطراف خلال السنوات الأخيرة، وكل النقاشات حول دور الصين الجديد كـ"لاعب مسؤول" و"شريك استراتيجي"، فإن إنجازها الرئيسي هو الحفاظ على نظام كيم جونج إيل . وهي تفعل ذلك عبر ترحيل اللاجئين الكوريين الشماليين الذين ينجحون في عبور نهر يالو إلى كوريا الشمالية، حيث يكون مصيرهم في كثير من الأحيان هو الإعدام، وهو ما يحول دون الهروب الجماعي إلى الخارج الذي كان سيحدث لو أن هذه العقوبة لم تكن قائمة. وعلاوة على ذلك. ففي الوقت التي تقيد فيه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان مساعداتها لكوريا الشمالية لأسباب سياسية، تتكفل الصين بسد الفراغ. ونتيجة لذلك، فإن برنامج كوريا الشمالية النووي لم يكبح؛ ومن المرجح ألا تواجه عواقب خطيرة لإغراقها سفينة شيونان. كل هذه الأمور تعد مهمة جداً بالنسبة للـ24 مليون كوري جنوبي المحبوسين داخل دولة "كيم" التي تشبه "الجولاج" (معسكرات العمل الإجباري في الاتحاد السوفييتي السابق). أما إلى أي مدى يهم ذلك كوريا الجنوبية وحلفاءها، ومنهم أميركـا، فذاك أمر قابل للنقاش، على اعتبار أن كوريا الجنوبية، من إحدى النواحي، قد فازت في الحرب أصلاً؛ ذلك أن اقتصادها نما إلى حوالي 28 ألف دولار للفرد من حيث القوة الشرائية، حسب تقديرات "سي. آي. إيه"، بينما تقدر الاقتصاد الكوري الشمالي في 1900 دولار للفرد. بيد أن الأمر قد يكون مهماً أكثر كمؤشر لمدى المساعدة التي يمكن أن يتوقعها أوباما من الرئيس الصيني وزملائه. والحال أنه بالنسبة لحكومة أميركية تأمل في أن تكبح الصين جماح برنامج كوريا الشمالية وتدعم عقوبات قوية بما يكفي للتأثير على سلوك إيران، فلا بد أن احتضان "هو" لـ"الزعيم المحبوب" بعد حادث شيونان كان مثبطا للعزائم. فرِيد حياة محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©