الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان..«عرض خاصّ» للتسامح

رمضان..«عرض خاصّ» للتسامح
25 أغسطس 2009 00:13
تأخذنا الحياة بمشاغلها ونلهث وراء زينتها ومتعتها، وبسببها نقاطع الأخ ونقسوا على الصديق، ليصبح شعارنا: «أنا.. ومن بعدي الطوفان».. ثم يأتي الشهر الفضيل فنتوقف قليلا لنراجع أنفسنا ونحاسبها، أين أنا وماذا قدمت لنفسي وما فعلت بأهلي وخلّاني؟ بروحانياته العالية وفضله العظيم من الأجر والمغفرة يقدم لنا شهر رمضان فرصة، أجمل ما فيها أنها تتكرر سنويا، فرصة كي نتصالح مع الآخرين والنفس، ولنتطهر من المعاصي والذنوب وليجدد حبنا لمن حولنا، فبقربهم والإحسان إليهم نتقرب إلى الله، ونفرح معا بلقاء الشهر ونتذوق حلاوة طعمه. توجه ديني «شهر رمضان يمنحنا فرصة كبيرة للتصالح مع النفس والآخرين في آن معا، إذ تكثر فيه فترة التواجد في البيوت واللقاءات بين الناس، كما أن زيادة التوجه الديني وقراءة القرآن تجعلان الناس تحاسب أنفسها وتتذكر أخطاءها»، هذا ما يقوله جلال فضل، مدير مصنع، لافتا إلى أن الناس تصبح قلوبها أحنّ ويزول الحقد فيما بينها. ويضيف جلال إن النفوس تهدأ في هذا الشهر الفضيل وتصبح الأجواء مفعمة بالحب والتسامح ويتسابق الناس إلى فعل الخيرات، كما أن تجمع الأهل والأصدقاء على ولائم الإفطار وفي البيوت والمساجد يمنح الناس فرصة الالتقاء معا ورأب الخلافات وتقريب وجهات النظر. «وأنا شخصيا، يتابع جلال، أحب أن أتصل بأهلي وأقاربي وأصلهم في هذا الشهر الكريم ناسيا كل الأشياء السلبية، خاصة أنني في الغربة وبعيدا عنهم لذلك يجب أن تظل علاقتي بهم جيدة». شحنات إيجابية وتنظر سراب محسن إلى شهر رمضان باعتباره شهرا دينيا واجتماعيا أيضا، وهو بمثابة شحن إيجابي لبقية العام.. تقول: «إنه شهر خير وتسامح وهو مناسبة للتجمع والالتقاء إذ لا يستغني الناس عن بعضهم البعض، وهو فرصة لكي يعيد الإنسان النظر في أخطائه التي ارتكبها بالماضي والحاضر، إنه فرصة كبيرة للتأمل وحساب النفس والتوبة إلى الله». وكونه عازبا ومغتربا يتحدث فادي عبدالسميع عن أهمية شهر رمضان بالنسبة له قائلا: «نحن العزاب أهم شيء بالنسبة لنا في الغربة هو العلاقات الاجتماعية، فهي المؤنس والمسلّي بعد فراق الأهل، ولهذا نحرص وخاصّة في شهر رمضان على إصلاح أية علاقة متوترة أو خلاف بين الأصدقاء من خلال التجمعات والولائم الرمضانية، أما عن نفسي فأحرص على دعوة أصدقائي ومعارفي على الإفطار من أجل تعميق العلاقات وتوثيقها». حلّ الخلافات من جهته يقول عيسى محمود: «كنت أنتظر قدوم الشهر الفضيل على أحرّ من الجمر، لكي أختلي بنفسي قليلا أحاسبها وأعنفها إذا لزم الأمر على ما اقترفته من أخطاء بحقّ نفسي وحقّ الآخرين وللعودة إلى أداء الفروض والطاعات»، يستطرد قائلا: «والأهم من ذلك أن لدّي خلاف مع صديق عزيز وقد انتهزت فرصة قدوم شهر رضمان وبادرت لمصالحته رغم أني لست المخطئ بحقه». وكذلك الحال بالنسبة لأيمن بشير الذي قال إنه لديه مشكلة كبيرة مع طرف آخر، لم يذكره، ويتمنى أن يحلّها في رمضان حيث تكون النفوس هادئة وأقرب إلى الله، فهو فرصة للتفكير الهادئ العقلاني وتقريب وجهات النظر بين الأطراف وحل المشاكل. خلق المسلم ويؤكد الدكتور عارف الشيخ، دكتوراه في الدراسات الإسلامية وخبير تربوي، أن التسامح يجب أن يكون خلق المسلم ليس فقط في رمضان وحده، وإنما في كل الأحوال لأن دين الإسلام يدعو إلى الحلم والصفح والعفو عند المقدرة والصبر والتحلي بالأخلاق الفاضلة والترفع عن سفاسف الأمور. يضيف الشيخ، هذه المبادئ يفترض أن تكون ديدن المسلم في كلّ الأيام، صحيح أن شهر الصوم يعلّم الصبر والأناة لكن المسلم مطالب بالتحلّم وترك الغضب في كل الأوقات، لذلك نجد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام يوصي أحد الصحابة بقوله: «لا تغضب»، لأن الإنسان عندما يغضب يفقد صوابه ولا يصدر أي حكم بشكل صائب. يتابع قائلا: فنحن مطالبون بأن نحكّم عقلنا وليس عاطفتنا وإذا لم نستطع التحلي بهذه الأخلاق ولم نستطع أن نمسك أنفسنا في 11 شهرا فعلى الأقل ينبغي أن نجدد العزيمة في رمضان لكي نعود إلى رشدنا وحلمنا الذي لم نستطع أن نطبقه في سائر الشهور. يضيف الشيخ، لحكمة خصّص الله خلال السنة شهرا واحدا، هو رمضان، ليكون بمثابة تذكير للمسلم بأن يعيد حساباته، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ولا نستطيع أن لا نغضب ولكن المطلوب أن لا نبقى على الخطأ، «فكل ابن آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون»، نحن ربما نقع في معاص كثيرة ونرتكبها بحق أنفسنا والناس طوال السنة، فالذي يدخن ويشرب الخمر على سبيل المثال تجده يمسك عنها في رمضان احتراما للشهر وهذا يعني أنه يستطيع أن يمسك عنها دائما وقس على ذلك أمورا أخرى كثيرة، فبإمكان الإنسان استرجاع ماضيه وحساباته مع الناس وإصلاح أخطائه فيعود بقلب صاف كما خلقه الله.. إذ ليس من المفروض الردّ على الناس الصاع صاعين، فإذا استطعت أن أمسك نفسي عن الطعام والشراب وإمساك لساني عن العثرات يعني ذلك أن باستطاعتي أن أتجاوز عن أشياء كثيرة بيني وبين إخواني في الإسلام أو في الإنسانية لكن الذي أتمناه أن لا تكون هذه العبادة عادة عند الناس بحيث إنهم يفعلون ذلك في السنة مرة، نحن نريد من رمضان أن يكون مذكرا فقط لتصحيح الأخطاء التي ارتكبناها طوال العام وليس مناسبة نحتفل فيها بالتوبة ثم نعود لارتكاب نفس المعاصي بعد انتهاء الشهر، وأيضا التسامح يجب أن يكون مبدأ للمعاملة عند جميع الناس، ويكون الإنسان سمحا مع نفسه وغيره.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©