الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«أبوظبي للتعليم»: 500 معلم مواطن مقابل 6 آلاف مواطنة من أصل 14 ألفاً بمدارس الإمارة

«أبوظبي للتعليم»: 500 معلم مواطن مقابل 6 آلاف مواطنة من أصل 14 ألفاً بمدارس الإمارة
12 مايو 2010 00:25
يعزف مواطنون عن الالتحاق بمهنة “مربي الأجيال”، في ظاهرة باتت تتزايد مؤخراً بسبب ما يعتبره معلمون “ضآلة في المردود المادي وكثرة في الأعباء”، على الرغم من جهود الجهات المشرفة على قطاع التعليم لجعل مهنة المعلم جاذبة. وينخرط 500 مواطن في مهنة التعليم بالمدارس التابعة لمجلس أبوظبي للتعليم بمناطق أبوظبي والعين والمنطقة الغربية، مقابل 6000 معلمة مواطنة، من أصل 14 ألف معلم وإداري يمثلون إجمالي عدد الهيئات الإدارية والتعليمية بالمجلس، بحسب الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم. وأكد الدكتور الخييلي الاهتمام الكبير الذي يوليه المجلس بظاهرة عزوف الشباب المواطنين عن العمل بمهنة التدريس، وكشف في هذا الصدد عن دراسة مستفيضة يجريها المجلس حول الظاهرة وأبعادها ووضع الآليات الكفيلة بعلاجها، لافتاً إلى أن هناك إجراءات وتدابير جديدة سيعلن عنها قريباً تهدف لتوفير بيئة تعليمية جاذبة قادرة على استقطاب شباب الوطن وتهيئة السبيل امامهم للإبداع والابتكار والتدرج في سلم الترقي. وشدد الخييلي على أن وجود المعلم المواطن في الميدان التربوي يمثل ضرورة بالغة لاعتبارات الهوية الوطنية وثقافة المجتمع وما يتصل بهما من عادات وتقاليد أصيلة متوارثة يجب التشبث بها والمحافظة عليها وترسيخها في نفوس الأجيال المتعاقبة وتلك غاية لا يمكن تحقيقها بعيداً عن المعلمين المواطنين باعتبارهم الأقدر والأكثر تفهماً لتلك العادات والتقاليد الأصيلة المتوارثة. وأكد مدير عام المجلس أن التعليم يعد مطلباً أساسياً لكل شرائح المجتمع لأنه يمثل حجر الزاوية والركيزة الأساسية في تحقيق التنمية ونهضة المجتمع ورقيه وهو ما يعكس بجلاء هذا الحرص والاهتمام الكبير الذي توليه القيادة العليا الرشيدة بتطوير التعليم والارتقاء بمستوى طرائقه وآلياته وفق أرقى المعايير العالمية، مشيداً في هذا الصدد بدعم ومتابعة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم للخطط ومشاريع تطوير التعليم بمدارس الإمارة. بحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم، فإن عدد المعلمين المواطنين في الدولة يبلغ 840 معلماً لا يشكلون أكثر من 11% من إجمالي المعلمين الذكور، في حين يبلغ عدد المعلمات المواطنات 11070 معلمة مواطنة، يشكلن ما نسبته 71% من إجمالي عدد المعلمات في مدارس وزارة التربية. وطالبت فوزية حسن بن غريب مديرة منطقة الشارقة التعليمية بضرورة إيجاد منظومة متكاملة للتعاون والتنسيق بين سوق العمل المتمثل في وزارة التربية ومجالس التعليم وبين مؤسسات التعليم العالي في الدولة بحيث تنسجم مخرجات تلك الأخيرة وتتواءم مع الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل من خلال اعتماد برامج أكاديمية وتربوية حديثة منتقاة تكفل إعداد وتأهيل المعلمين المواطنين لرفد الميدان التربوي بالكفاءات المواطنة القادرة على تحمل أعباء ومسؤوليات تربية الأجيال الصالحة التي تدين بالولاء والانتماء للوطن. وتابعت: “إننا إذا أردنا إيجاد الحلول والعلاج الناجع لتلك المعضلة الوطنية، فإنه يتعين علينا النظر بعين الاعتبار إلى واقع ومعطيات سوق العمل في الدولة فيما يتعلق بالفرص المتاحة للمواطنين الخريجين في الدوائر والمؤسسات الحكومية والإغراءات والمزايا الوظيفية الكبيرة التي توفرها لهم بعض الجهات التي تمنــح رواتب عالية، إضافة إلى المزايا الوظيفية الأخرى كالسكن والتأمين الصحي والبدلات ما يغري الشاب المواطن ويجعله ينصرف عن مهنة التدريس التي يرى البعض أنها مثقلة بالأعباء أكثر من غيرها”. وقدرت بن غريب نسبة المواطنين العاملين ضمن الهيئة الإدارية والتدريسية بمنطقة الشارقة التعليمية بأنه يتراوح بين 15 - 20% من إجمالي عدد العاملين في المدارس وإدارة المنطقة من معلمين وإداريين. رؤية الميدان التربوي واتفق مواطنون عاملون في الميدان التربوي على أن مهنة التدريس صارت في ضوء المعطيات الراهنة رغم حساسيتها “مهنة طاردة”، ليس فقط قياساً بعزوف المواطن عنها بل بمدى استعداد الذين يمتهنونها وتحينهم الفرصة لهجرها والبحث عن مهن أخرى، عازين السبب إلى عوامل يتصدرها العامل المادي بالقياس بتدني الرواتب وغياب البدلات والتدرج الوظيفي وغيرها من المزايا العديدة والإغراءات التي توفرها غالبية الدوائر والمؤسسات الحكومية، خصوصاً المحلية منها لمنتسبيها من المواطنين. ولفت سالم علي الكعبي، أخصائي اجتماعي، إلى أن غياب سلم الترقي وقلة المزايا الوظيفية التي يحصل عليها العاملون في الميدان التربوي بالقياس بتلك التي يحصل عليها أقرانهم العاملون بالدوائر والمؤسسات الحكومية الأخرى كالبلديات والقوات المسلحة والشرطة يجعلهم يشعرون بعدم الاستقرار وعدم تقدير المعلم رغم نبل وسمو الرسالة التي يضطلع بها، في حين يتمتع موظفو الدوائر الأخرى بالأمن والاستقرار الوظيفي الذي يفتقد إليه التربويون. وتساءل الكعبي عن عوامل الجذب التي يتعين على الجهات المعنية توفيرها لاستقطاب المعلمين المواطنين وتحفيزهم نحو العطاء ومنحهم الدافعية للاستمرار والتشبث بها، على الرغم من كل ما يكتنفها من أعباء بما في ذلك التعامل مع طلاب بمختلف الأعمار وغياب اللوائح التي تعزز من موقف المعلم وتدعمه حتى يتمكن من القيام بواجبه كتربوي ومعلم. واتفق خليفة محمد الكعبي، مدرس اجتماعيات، مع زميله سالم فيما ذهب إليه، مؤكداً أن تدني رواتب المعلمين المواطنين وافتقادهم للحوافز والمزايا الأخرى الوظيفية لا يتناسب أبداً مع قدسية المهنة التي يعملون بها وكثرة الأعباء والواجبات المنوطة بهم وعناصر الجذب اللازمة التي تجعل المواطن يعشق المهنة ويتشبث بها. وقال أحمد محمد مبارك، وكيل مدرسة، إنه يعمل في الميدان التربوي منذ العام 1985، ويحمل مؤهلاً جامعياً وعلى الرغم من ذلك لم يتحصل على زيادة مادية تذكر، في المقابل أنهى أحد أبنائه دراسته الجامعية والتحق منذ أشهر بوظيفة براتب شهري يعادل ضعف راتب والده الذي يتقاضاه بعد كل هذه السنوات الطويلة، نظراً لغياب الترقيات والعلاوات، مشيراً إلى أنه ومن المفارقات أن المعلمين المواطنين القلة الذين يجري تعيينهم الآن يحصلون على رواتب ومزايا أعلى من نظرائهم القدامى. وروى إبراهيم عبد الله الجراح، مدير مدرسة، إنه بدأ حياته العملية قبل 25 عاماً كمعلم في الميدان التربوي ثم رقي إلى مساعد مدير ثم إلى وظيفة مدير قبل 22 عاماً، “ومنذ ذلك الحين وأنا على ذات الدرجة الثالثة، وأتقاضى ذات الراتب في حين توجد هناك دوائر أخرى لا يوجد لها سقف محدد للترقيات ورغم كثرة المطالبات وطول الانتظار إلا أننا لم نحصل على شيء يذكر”. وأضاف الجراح، الذي يدير مدرسة تضم 60 معلماً من بينهم 5 مواطنين، أنه وعلى الرغم من أعباء المهنة والمسؤوليات الكثيرة الملقاة على عاتق المعلم، إلا أنه لم يجد حتى الآن التقدير المناسب، لافتاً إلى أن الآمال معقودة على مجلس أبوظبي للتعليم لكي يعيد ترتيب الأمور ويضعها في نصابها الصحيح. هوّة واسعة بين طموح المعلم وواقعه أشار محمد راشد الكندي، معلم اقتصاد، إلى غياب التدرج الوظيفي وسلم الرواتب، على الرغم من كثرة الأعباء والمهام والواجبات المدرسية والتي لا تقارن أبداً مع المردود المادي، خصوصاً عند المقارنة بما توفره وتمنحه الدوائر الحكومية الأخرى للمواطنين ما يجعل المعلم المواطن الذي ما يزال صامداً في الميدان يشعر بنوع من خيبة الأمل والإحباط. وأضاف الكندي الذي يعمل في الميدان التربوي منذ 9 سنوات، أن يصادف أحياناً بعض الطلبة المواطنين الذين سبق أن درسهم، وما إن يبادر بالسؤال عن أحوال طلبته حتى تعتريه مشاعر مختلطة، فكثير منهم التحقوا بدوائر حكومية برواتب مجزية وتدرجوا وظيفياً خلال سنوات قليلة، في حين ما يزال مربي الأجيال يكابد كثرة الأعباء التي تتوزع بين الإشراف والمراقبة وتصحيح الامتحانات والاجتماعات... وغيرهامن الأعباء التي باتت تدفع التربويين المواطنين إلى ترك المهنة وهجرها إلى مهن أخرى تأمن لهم رواتب محترمة ومزايا وظيفية. وقال حميد ناصر الحساني، مساعد مدير مدرسة، إنه بدأ عمله مدرساً للتربية الرياضية ثم تدرجت إلى وظيفة مساعد مدير، والآن يتطلع لشغل وظيفة مدير مدرسة، التي تمثل السقف الأعلى لطموحات أقرانه، لافتاً إلى أن مهنة التعليم باتت مهنة طاردة مادياً ومعنوياً. وتابع الحساني: “مقارنة بالآخرين نجد أن هناك هوة مادية واسعة بين العاملين في المهنة وأقرانهم العاملين بالدوائر والجهات الحكومية الأخرى وهو ما توجد معه دوافع موضوعية للتربويين المواطنين للتفكير جدياً في الانسحاب من الميدان” مطالباً بإعادة النظر في واقع الحال وإعطاء المعلم المواطن حقه في التدرج الوظيفي والترقي والتمتع بكل الامتيازات الوظيفية التي يتمتع بها العاملون في الدوائر والمؤسسات الحكومية المحلية الأخرى، كونه الأجدر قياساً برسالته التي تتعلق ببناء وتربية الأجيال. وشكا أحمد صالح البلوشي، مدرس تربية إسلامية، ويعمل بإحدى المدارس الحكومية منذ 3 سنوات من الأعباء الكثيرة التي تثقل كاهل المعلم المواطن والتي لا تقتصر على ساعات الدوام بل يحملها معه إلى المنزل حيث يتعين عليه التحضير لليوم التالي. كما تطرق البلوشي إلى خصوصية مهنة التدريس التي تحد بدرجة كبيرة من فرص المعلم في الاستمتاع بالإجازات فهي محصورة في مدة العطلة الصيفية لأنه لا يمكنه التفكير في الحصول على إجازة خلال العام الدراسي لاعتبارات عديدة معروفة. وعزا سعيد عبيد اليماحي، أخصائي اجتماعي، عزوف الشباب المواطنين عن مهنة التدريس إلى عدة أسباب منها تغير نظرة المجتمع للمعلم، بالمقارنة مع المهن الأخرى، وهو ما يجعل المعلم المواطن يبحث عن فرص أخرى في الجهات التي تمنح رواتب ومزايا وظيفية مغرية في ظل اختلاف المعطيات. ورأى محمد نجيب الكثيري، مدرس تربية اسلامية، يعمل في الميدان منذ عامين فقط أن النظرة الدونية للمعلم ما تزال تعتبر من التحديات الكبيرة من وجهة نظره والتي تجعل من مهنة التدريس مهنة غير محببة للمواطنين، إضافة إلى زيادة الأعباء المدرسية التي تجعل المهنة غير مرغوبة.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©