الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء يطلبن الخلع لعدم حصولهن على هدية أو سيارة معينة

نساء يطلبن الخلع لعدم حصولهن على هدية أو سيارة معينة
19 مارس 2012
أكدت إحصاءات للتوجيه الأسري في إحدى المحاكم بالدولة أن حديثي الزواج أكثر المتزوجين خلافا، لأسباب عدة منها افتقاد مهارات إدارة مؤسسة الشراكة الزوجية بين الطرفين، بالإضافة إلى عوامل خارجية تزيد الخلافات الأسرية، وبالتالي يكون الخلع أو طلب الطلاق حلاً من وجهة نظر أحد الزوجين. وأشارت تلك الإحصاءات إلى أن الأسباب تتضمن إصرار الزوجة على الحصول على رخصة قيادة، أو سيارة معينة، أو هدية ثمينة كالتي نالتها صديقتها من زوجها، بالإضافة إلى خلافات حول السفر ومكان قضاء الإجازة، حيث تصر الزوجة على تمضيتها في بلد زارته صديقتها، في حين يعترض الزوج لعدم توافر تكاليف الرحلة. وبينت من خلال قصص واقعية أن للمسلسلات والأفلام دورا كبيرا في تغير مفاهيم مؤسسة الزواج، فهذه الأحلام الوردية والأحاديث الرومانسية التي تطرح في الأفلام تنتظرها المرأة من زوجها وإن لم يفعل، فتجدها تتبع طرقاً تضعها أمام طلب الطلاق أو الخلع. دعت الزوجة عائشة خالد من خلال قصتها إلى حل الخلافات الأسرية بعيداً عن ساحات المحاكم، مشددة على أهمية الصبر على الخلافات الزوجية خاصة في بداية الارتباط، حتى يتم التفاهم ويعرف كل طرف الآخر. وعن قصتها تقول: قبل أن يجتاز زواجي عامه الأول بدأت خلافات، نتج عنها أكثر من طلقة، كان آخرها الثالثة التي تستحيل عقبها المعاشرة الزوجية، بعد الطلقة الثالثة سأل طليقها عن إمكانية استرجاعها في كل مكان فقيل له: لا بد من أن يتزوجها رجل آخر، لأنها تعتبر مطلقةً طلاقا بائنا، فافترقا رغم الحب الذي يكنه كل منهما للآخر. بعد طلاق عائشة خالد الثالث رجعت لبيت أهلها في العين، تقدم لخطبتها أكثر من شاب، لكن كانت دائما ترفض على أمل الرجوع لبيتها، أما الطليق فظل يبحث عن الحل وسافر إلى السعودية وغيرها من البلدان طلبا للمشورة الدينية عند أهل العلم، فكان الكل ينصحه بضرورة زواجها من آخر، وبعد يأسها ومرور 6 سنوات، قبلت الزواج من ابن عمها، وبعد 3 أشهر من الزواج بدأت تشتكي من زوجها الجديد، لم يصدقها أهلها، ففضلت الصمت، إلى يوم قررت كشف سره، حيث كان يضربها ضربا مبرحا، لم يصدقها أهلها، لكن آثار الضرب والكدمات على جسدها كذبت ظنونهم، لأنه كان يظهر في صورة المهذب الحنون، وقررت رفع دعوى خلع، وتم الحكم بذلك بناء على كشف طبي أثبت ما قالته. الوصاية ابتسامتها لا تغيب عن وجهها، يحركها حسها الفني، تجاوزت كل المعيقات الحياتية، ومنها طلاقها من زوجها، بعد 10 سنوات من إجراءات الطلاق المعطلة، وفي النهاية رفعت دعوى خلع لتنهي قصة عذابها، والسبب إدمانه للمخدرات وسجنه. وعن قصتها مع الخلع تقول أم أمل: تزوجت عن قصة حب كبيرة، كان أهلي يعارضون هذا الزواج، لكن حبي، أغمض عيني عن أشياء كثيرة، فقد كنت في بداية حياتي، متميزة في عملي وهوايتي وأثبت وجودي في مدة وجيزة، فعرض علي كثير من المناصب المهمة، لكن تنازلت عن كل ذلك تحت رغبته، على الرغم من أحلامي ومشاريعي وتزوجت منه، وفي أول يوم زواج بدأت المشاكل، ولأنني كنت أحبه، كنت أبحث له عن كل المبررات لأقبل بتصرفاته. وتضيف أم أمل: تعلمت الصمت حتى لا أبوح لأهلي بما يدور في بيتي من تطاحنات، ولكن لم أستطع الصمود أكثر فهو مدمن مخدرات وكان يضربني ضربا مبرحا،، وكما هو معروف فالمخدرات تفتح أبواب كل المحرمات، كما أنني اكتشفت أنه بخيل ولا يريد الإنفاق على البيت. وتوضح أم أمل أنها طلبت الطلاق أكثر من مرة لكن ظلت هذه القضية تتعطل لعدة أسباب وتأخرت لمدة عشر سنوات، وبعد فترة طويلة من طلبها الطلاق للضرر، دخل السجن بسبب المخدرات فرفعت دعوى الخلع. وتوضح أم أمل أنها خلعت زوجها بعد أن تسببت لها هذه العلاقة في أذى نفسي كبير، لكن تقول إنها ارتاحت من جانب، ولم تتحقق لها الراحة من جوانب أخرى، تخص الأبناء وحياتهم، مشيرة إلى أن أفعال الزوج تدفع المرأة إلى رفع دعوى خلع، بحيث يضيق عليها الخناق، ويضربها أو يهينها أو يكون بخيلا. بخل وتقول سيدة أخرى رفضت ذكر اسمها اكتفت بالكشف عن قصتها مع زوجها: بعد سنوات من الزواج أنجبت خلالها 4 أولاد، قررت رفع دعوى خلع على زوجي، لأنه لا يريد تطليقي، كما أنني لم أستطع إِثبات الضرر الذي كان يلحقه بي وبأولادي، لأنه كان بخيلا، لا ينفق على البيت، مع العلم أن دخله جيد. وتضيف: حاولت إخفاء معاناتي عن أسرتي وأولادي وعائلتي، لكن لم أستطع الاستمرار في الحال الذي تسبب لي في حالات نفسية وتراجع صحي، فهو بخيل إلى حد الاقتصار على الضروريات جدا، لذلك قررت رفع دعوى الخلع رغم استياء المحيطين بي، وتنازلت عن كل شيء، واستأجرت بيتا آخر، أعيش فيه اليوم وأنا أشعر براحة نفسية كبيرة. طاقم أسنان هناك قصص كثيرة بها من الغرابة الكثير تروى عن الخلع وأسبابه، فمن هذه القصص، قصة سيدة رفعت دعوى خلع من زوجها بسبب تركيبه لطاقم أسنان بدل أسنانه الطبيعية التي تآكلت بفعل الزمن، لكن الظاهر أنها النقطة التي أفاضت الكأس، حيث كانت هناك مشاكل كثيرة قائمة نتيجة زواج غير متكافئ، بحيث تقول (ش. س) منذ البدايات الأولى للزواج كانت هناك مشاكل كثيرة بيني وبينه، فأنا أنتمي لأسرة راقية، اعتبرت النظافة جزءا أساسيا جدا في حياتها، وأنا أهتم بمظهري، وأتطيب كثيراً. وتضيف: درست في بريطانيا، وشغوفة جدا بالموضة، كنت أرقب زواجا مختلفا، لكن تدخل الأهل جعلني أقبل بزوجي بعد التخرج، وبعد ذلك اكتشفت أنه سبق وتعرض لحادث سيارة وفقد على إثره مجموعة من أسنانه وتم تركيب طاقم أسنان، وأصبحت تصدر من فمه رائحة كريهة، كرهت عشرته ورفعت دعوى خلع في المحكمة وتنازلت عن كل شيء مقابل راحتي النفسية. قضايا كثيرة ترتبط بالخلع وتحركه النساء من خلالها، من قبيل الأشياء التي تؤدي إلى كره الزوجة لزوجها، مما يؤدي إلى استحالة العشرة فتطلب المرأة خلع زوجها، ومن هذه الحالات حالة خاصة، وفي هذا الصدد تقول نورة التي تزوجت قرابة سنة ثم أخبرت أهلها بالموضوع، ولكن أخفت القضية عن الناس تجنبا للإساءة. وصبرت سنة كاملة على هذا الحال، ولم تبح بسره أبدا لأي أحد حتى لأقرب الناس إليها، إلى يوم قررت رفع دعوى خلع، وعندما عرف أهلها بالموضوع صعقهم الخبر، لكن قررت أن تتنازل عن كل شيء مقابل تخليص نفسها من هذا الموقف. المرأة تفدي نفسها من جهته، يقول عبدالله الحمداني من مكتب محاماة واستشارات قانونية عن الخلع ويفسره، إن الحقوق الشرعية التي تتنازل عنها الزوجة مقابل تطليقها خلعاً هي مؤخر الصداق وعرض مقدم صداقها على الزوج، وكذلك نفقة المطلقة بجميع أنواعها عدة ومتعة، أما منقولات الزوجية التي تسلمها الزوج بموجب قائمة منقولات فلا شأن لها بالحقوق السابقة التي تتنازل عنها الزوجة، ويظل للزوجة الحق في المطالبة بقائمة المنقولات بعد تطليقها خلعاً. ويضيف: الخلغ في اللغة بضم الخاء طلاق المرأة من زوجها بمقابل تلتزم به المرأة، أما تعريفه شرعا عند الفقهاء فهو أن يتفق الرجل والمرأة على الطلاق مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها لا يتجاوز ما دفعه إليها من صداق ولافرق في إيجاب الخلع أن يكون من قبل الزوج أو من قبل الزوجة، غير أن الفرقة لا تقع إلا بعد القبول لأن الخلع عقد على الطلاق بعوض ولايستحق العوض من دون قبول. ويتحدث عبدالله الحمداني عن الشروط: الخلع عقد ثنائي الطرف أواتفاق بين الزوج والزوجة الصغيرة المميزة على مهرها وقبلت ويشترط ما يشترط في الطلاق من شروط وأركان ومجمل القول، فالشروط تتلخص فيم أن يقع من زوج يصح طلاقه، وأن يكون على عوض ولو مجهولا مما يصح تملكه لو عضلها ظلما لتختلع لم يصح، أن يقع مُنجزاً، أن لا يقع بلفظ الطلاق بل بصيغته الموضوعة له، أن لاينوي به الطلاق فمتى توافرت هذه الشروط كان فسخاً، لا ينقض به عدد الطلاق. آثار الخلع ويضيف الحمداني: إذا تم الاتفاق على الخلع تترتب عليه الآثار التالية: يقع به طلاق بائن عند جمهور الفقهاء، لزوم المال المسمى بوجوبه بالتزامها مالم تكن محجورا عليها أو مكروهة، يسقط الخلع حقوق الزوجين مثل الصداق المؤجل وحق النفقة الواجبة، إلا النفقة المتعلقة بالعدة ويرى المالكي أن الخلع لا يسقط حقا من الحقوق إلا ما اتفق عليه. النفقات ورداً على سؤال هل يحق للزوج المطالبة بتعويضه عما أنفقه من الأموال التي صرفها في العرس؟ يقول الحمداني: يجوز أن يكون الخُلع على مبلغ أقلّ من المهر، ويجوز أن يكون على مبلغ أكثر، إلا أن القاعدة والأغلب أن يكون على مقدار ما دفعه من مهر. وأشار الحمداني إلى تزايد معدّلات الخلع في الوطن العربيّ، فمثلاً في دولة عربية شقيقة تؤكّد دراسة رسمية أنّ الطّلاق في تزايد مستمرّ حتى وصل إلى 40% من نسب الزّواج في كثير من مناطقها، وقد زادت هذه النّسبة بعد قانون الخلع الذي يعدّ الوسيلة السّريعة لإنهاء الزّواج من جانب المرأة، والتّحذير نفسه من تزايد الطّلاق أطلقته دراسات خليجيّة أكدّت أن نسبة الطّلاق بالخلع في دول مجلس التّعاون الخليجيّ وصلت إلى نسب مرتفعة. وأكد تقرير صدر مؤخّراً عن دولة أخرى أنّ واحدة من كلّ أربع زيجات انتهت بالطّلاق، وأعلاها كان في مدن رئيسية. ورقة الخلع وأكدت المحامية إيمان الجابري أن هناك حالات كثيرة لطلب خلع الزوج، من قبل بعض النساء المتقدمات أمام محكمة الأحوال الشخصية في دائرة المحاكم، لإنهاء الرابطة الزوجية بأزواجهن، مشيرة إلى أن توجه بعض النساء لذلك المبدأ يرتبط غالبا بصغيرات السن والزوجات حديثات العهد بالزواج، كما أشارت إلى أن بعض النساء يستخدمنه بسبب العوامل النفسية والعاطفية والاجتماعية، ويتخذنه وسيلة لإنهاء الرابطة الزوجية، وخاصة من قبل صغيرات السن، وحديثات الزواج. وأكدت أن الزوجات اللواتي لهن أولاد لا يرغبن دائما في استخدام ورقة الخلع، نظرا لكون المرأة تتنازل عن كل حقوقها، لذلك “فمن خلال عملي فإنني ألاحظ أن عدد طالبات الخلع من الأمهات قليل بالمقارنة مع باقي حالات الطلاق، لأن الأم لا تريد في غالب الأحيان التخلي عن أولادها، لكن هناك حالات تستحيل معها العشرة، فترفع ورقة الخلع، رغم ما لها من نتائج”، وتوضح الدكتورة إيمان في سياق آخر أن الزوج يستخدم الأولاد في قهر زوجته، فيمنعها من السفر معهم بحيث يحتفظ بكل الأوراق التي تهمهم، وذلك نظير ما يشعر به الزوج من إهانة ودونية كون المرأة تنازلت عنه ببدل مالي. ضوابط وقال الدكتور موسى شلال، من قسم الاجتماع جامعة الإمارات: نعلم جميعاً أن الشارع قد نظم كل أمور الأسرة بدقة متناهية ووضع لها كل الضوابط التي تجعل منها أسرة أكثر تماسكا وأكثر وحدة بين أفرادها لتسود المودة والرحمة بين كل أطرافها، فقد أفرد الشارع كثيراً من الحدود التي تنظم علاقات أفراد الأسرة وبشكل دقيق، يصل أحياناً إلى تحديد أوقات التواصل اليومي بين الآباء والأبناء إلى ما هو أبعد من ذلك فيما يختص بكيفية تماسك الأسرة والإبقاء على وحدتها والتحام أفرادها، وذلك بتحديد كيفية إنهاء عقد الشراكة بين الزوج والزوجة، وعلى من تقع مسؤولية القوامة وما إلى ذلك من حدود. وحدد الشارع وبصورة واضحة أن يكون قرار إنهاء عقد الشراكة بين الاثنين في يد الزوج كما يقوم هو بولاية المرأة لما فضل بينهم في الرزق. ولكن الشارع لم يجعل هذه الوصاية وهذا القرار بصورة مطلقة لا مجال للزوجة في إنهاء هذا العقد بين الاثنين. انتشار الظاهرة ويعزي الدكتور موسى شلال، قسم الاجتماع بجامعة الإمارات، أسباب انتشار هذه الظاهرة هذه الأيام في كثير من الدول العربية إلى عوامل اقتصادية وثقافية واجتماعية، اقتصادياً نجد المرأة اليوم في كثير من الدول العربية، قد حظيت بمستويات عالية من التعليم أتاحت لها أن تتبوأ مناصب مختلفة في كل القطاعات تدر عليها دخلاً كبيراً يزيد على حاجتها، وأتاح لها هذا الوضع الجديد أن تستقل اقتصادياً عن الزوج لحد كبير وبالتالي فإن خلع الزوج أو الطلاق منه لا يعد مشكلة اقتصادية تهدد مستقبلها ومستقبل أطفالها إن كان لديها أطفال، ولذلك فإن المرأة تلجأ إلى قرار الخُلع باطمئنان أكثر مما كان في الماضي عندما كان الرجل هو الذي ينفق عليها، وتعتبر الحرية الاقتصادية للمرأة ورقة رابحة في يدها لكي تقدم على قرار الخُلع عندما يصبح الزوج لا يطاق وأنها لا تستطيع العيش معه، أو عندما يتحكم في دخلها من عملها، أو عند فرض رأيه عليها أن تبقى بالبيت وأن لا تعمل خارجه. ويضيف شلال: أما ثقافياً فالمرأة العربية أصبحت اليوم أكثر معرفة وأكثر انفتاحا على ثقافات العالم التي تناصر قضايا المرأة وتنادي بحريتها وأكثر دراية بكل ما يتناوله الإعلام من تمكين المرأة من أمورها، بفضل آليات العولمة من إنترنيت وتلفزيون وخلافه، حيث تحفل هذه الآليات بتقديم نمازج متعددة للمرأة العالمية التي أخذت أماكن مرموقة في المجتمع العالمي وحازت على أسمى جوائز المجتمع العالمي. وكثرت المنظمات المحلية والإقليمية والعالمية المنادية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة، كما التفت الأعلام العالمي لقضايا المجتمعات العربية خاصة تلك التي تخص المرأة والطفل، حيث أدى كل هذا الزخم الثقافي الإعلامي والتكنولوجي إلى وعي المرأة بحقوقها ومعرفة الكيفية التي يمكن أن تنالها بها، ليس ذلك فحسب، بل إن المرأة اليوم تجد كثيراً من المؤسسات القوية وذات الصوت العالي في المجتمع العالمي التي تستطيع أن تدافع عنها لنيل حقوقها وحريتها. وكان لهذا الوضع الأثر الكبير في زيادة وتيرة ظاهرة الخُلع. ويقول: أما اجتماعياً، فقد أدى انفتاح المجتمعات العربية وتمازجها بكثير من الثقافات الأخرى واختلاط أفرادها مع مجموعات تشبه إلى حد ما ثقافاتها وإلى حد ما كبير تختلف عنها، أدى هذا إلى رفع كثير من الحواجز التي كانت قائمة بين الجنسين بسبب هذا التقدم التكنولوجي الذي ساد المجتمعات العربية اليوم. ونتجت من ذلك سهولة قيام العلاقات بين الجنسين بمختلف أنواعها، وتمادي بعض الرجال في هذه العلاقات التي أصبحت تهدد تماسك الأسرة. وأثار هذا الوضع الاجتماعي الجديد حفيظة المرأة المتزوجة وخرجت عن صمتها تنادي بحقوقها المشروعة وحفاظاً على كرامتها وكرامة أسرتها. وكان نتيجة ذلك أيضاً زيادة حالات الخُلع في هذه المجتمعات العربية والإسلامية. حالات ويقول شلال إن ظاهرة الخُلع تترك آثاراً جانبية لا تقل حدة من آثار الطلاق ويضيف في نفس السياق: فالخُلع نوع من الطلاق ويعني تفكك أوصال الأسرة ونهاية العلاقة الزوجية، وعند المقارنة بين حالة الخُلع والطلاق نجد أن الطلاق يقوم به الرجل متى ما شاء وأين ما شاء وليس على المرأة إلا الانصياع لهذا الأمر الواقع، وعادة ما ينتهي الطلاق من دون ضجيج. ويختلف الأمر في حالة الخُلع فإنه لا يتم إلا بفرقة عالية الصوت تقع آثارها على كثيرين، لأن المرأة هي التي تقوم بذلك بمساعدة القانون والقضاء والمحاكم في معظم الحالات، وجرت العادة أن تستمر قضايا الخُلع لفترات طويلة مما يجعلها في بعض الحالات قضايا اجتماعية يتدخل فيها الإعلام بأنواعه. ويعزى السبب الرئيس في ذلك إلى أن الرجال المخلوعين يصيبهم نوع من الهستيريا عندما تُقدم المرأة على رفع قضية الخُلع. ويعتقد الكثيرون منهم أن الزوجة قد أصابت مقتلا في رجولتهم وبالتالي لا يتقبلون الأمر بسهولة. وقال: يخطئ الرجال المخلوعون عندما ينظرون للخُلع من وجة نظرهم وليس من منظور الزوجة، ويواجهونها بالسؤال “كيف تتجرئين على ذلك؟”، مما يعني أن المسألة مرفوضة من قبلهم جملة وتفصيلا. ويمكن تبرير موقف الزوج المخلوع بأن ذلك قد يؤثر في وضعه الاجتماعي بشكل سلبي كبير، فقد يخسر أبناءه إن كانت مسببات الخلع مسيئة حقاً لأمهم، وقد يفقد عمله خاصة إذا طالت قضية الخُلع وظهرت في الإعلام، لأن أصحاب العمل يودون المحافظة على سمعة مؤسستهم التي ينتمي إليها الزوج المخلوع، ويفقد بعض الأسر الصديقة التي كانت تتعامل مع الطرفين كوحدة واحدة في الماضي، فقد يصعب على هذه الأسر الآن بعد الخُلع أن تقف مع أحدهما ضد الآخر وبالتالي تفضل الانزواء والابتعاد عن كليهما أو الانحياز إلى جانب الزوجة لأنها مغلوبة على أمرها، ويدفع هذا بالرجل لأن يحاول بشتى الطرق تبرير هذا الموقف المدمر له بأن يرمي اللوم كله على زوجته ويبرئ نفسه تماماً مما جاءت به. وأوضح أن بعضهم يرى أن سبب الخُلع هو ضعف رجولة الزوج، وبالتالي يقوم بعضهم بدفع مبالغ طائلة للمحاماة أملاً في تغيير مجرى القضية لصالحهم. ونعلم أن المجتمع يتقبل قضايا الطلاق من غير جدال يذكر، ولكنه يتوقف كثيرا عند قضايا الخُلع لأنها ومع ازدياد أعدادها لم تزل أقل من قضايا الطلاق. والخلاص من معضلتي الخُلع والطلاق معاً هو الإحسان بين الزوج والزوجة. ونعلم أن كل الأسر تقوم على أساسين قويين، الأول المودة وهي العاطفة الجياشة بين أطراف الزواج، والثاني الإحسان وهو احترام الآخر، ويقول في ذلك سيدنا عمر بن الخطاب ما معناه ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الإحسان والإسلام، وهذا يعني أنه لم تعد للمودة مساحة بين أطراف الزواج فليحسن كل منهما معاملة الآخر والاستمرار في العلاقة الزوجية من أجل أهداف سامية أخرى. وقد جاء في محكم التنزيل “وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم”. وإن كان لا بد من فض الشراكة فليكن ذلك ولكن من دون أذى الآخر. وأخيراً يوصي خير البشر الرجال بالنساء خيراً. الخلع في القانون نص قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 على الخلع في المادتين 110/111 على النحو الآتي: المادة/ 110 : الخلع عقد بين الزوجين يتراضيان فيه على إنهاء عقد الزواج بعوض تبذله الزوجة أو غيرها. يصح من مسمى بدل الخلع ما تصح تسميته في المهر. ولا يصح التراضي على إسقاط نفقة الأولاد أو حضانتهم، إذا لم يصح البدل في الخلع وقع الخلع واستحق الزوج المهر. الخلع فسخ.?استثناء من أحكام البند (1) من هذه المادة، إذا كان الرفض من جانب الزوج تعنتا، وخيف ألا يقيما حدود الله، حكم القاضي بالمخالعة مقابل بدل مناسب. أما المادة/ 111: يشترط لصحة البدل في الخلع أهلية باذل العوض، وأهلية الزوج لإيقاع الطلاق. من بينها 187 طلب طلاق و19 حالة خلع «توجيه أسري» رأس الخيمة: 712 خلافاً أسرياً خلال العام الماضي أشار جاسم مكي رئيس قسم التوجيه والإصلاح الاسري في محكمة رأس الخيمة إلى أن القسم استقبل خلال العام الماضي 712 خلافاً أسرياً، من بينها 187 حالة إصرار عن الطلاق من طرف الزوجة، ومنها أيضا 19 حالة طلب خلع. ولفت جاسم مكي إلى أنه خلال نظره في القضايا المطروحة أمام قسم التوجيه والإصلاح الأسري لدى المحكة في رأس الخيمة خلال هذه السنة كان من بينها 10 حالات طلب طلاق قبل الدخول، أما الإصرار على الخلع قبل الدخول فتمثل في حالة واحدة من بين 712 حالة خلاف أسري معروضة على القسم، موضحاً أن حديثي الزواج هم من أكثر المتزوجين خلافا، وأعزى ذلك إلى عدة أسباب منها انعدام التثقيف في أمور الزواج، وافتقاد التوفر على مهارات لإدارة هذه المؤسسة، مشدداً على أن العوامل الخارجية تساعد على الزيادة في الخلافات الأسرية. وقال إن وسائل الإعلام لها دور كبير في تراجع مفاهيم المؤسسة والأدوار المنوطة بها، مبيناً أن دور القسم هو توجيهي إصلاحي بالدرجة الأولى، وهكذا فإنهم يحاولون الاستماع للطرفين، ويصرون على الإصلاح بينهما بتقريب وجهات النظر والتدخل للرجوع عن حالات الإصرار على طلب الطلاق أو الخلع. وأضاف: نصادف من خلال المشاكل التي يطرحها الطرفان أن طلب الطلاق أو الخلع يكون أحياناً بسبب إصرار الزوجة على الحصول على رخصة قيادة، أو حصولها على سيارة من نوع معين، أو هدية نالتها صديقتها من زوجها، وهناك بعض الخلافات عن السفر ومكان قضاء الإجازة، بحيث تصر الزوجة على تمضيتها في بلد معين زارته صديقتها، في حين يعترض الزوج لعدم توفر تكاليف الرحلة، كما أن لتأثير المسلسلات والأفلام دورا كبيرا في تغيير مفاهيم مؤسسة الزواج، فهذه الأحلام الوردية والأحاديث الرومانسية التي تطرح في الأفلام تنتظرها المرأة من زوجها وإن لم يفعل فهي تتحين الفرصة لطلب الطلاق أو الخلع، وهناك بعض السيدات من تضع شروطاً تعجيزية، فتقول مثلا الفيلا أو الطلاق، السيارة أو الطلاق، وغيرها من الأمور الأخرى. أما بالنسبة للزوجات كبيرات السن واللواتي يصررن على طلب الطلاق، فقال مكي إن ضغوط الحياة وتراكم المشاكل قد تدفع بهن إلى طلب الطلاق أو يصررن على الخلع. أما فيما يخص طلب الخلع فقال مكي إن المرأة تعتبره الورقة النهائية في يدها، بحيث يمكن للزوج المماطلة إذا طلبت المرأة الطلاق، بينما الخلع فهو ورقة في يد المرأة يمكنها استعمالها، لكن بصعوبة. وأضاف: هو ليس بالقرار اليسير أو الهين على المرأة اتخاذه، وعن شعور الرجال بعد استعمال الزوجة لهذا القرار فإن بعضهم لا يبالي بذلك، في حين هناك من الرجال من يتعامل مع الموضوع بصعوبة ولا يتقبل الأمر بسهولة. تغيرات اجتماعية تستهدف كيان الأسرة العربية قال الدكتور موسى شلال قسم الاجتماع جامعة الإمارات إن المجتمعات الإسلامية، تجتاحها كثيراً من المتغيرات غير السياسية المعروفة التي أدت إلى تغيير بعض النظم في هذه المجتمعات، والخطير في هذه التغيرات الاجتماعية أنها تستهدف الأسرة. ويضيف: كلنا يعلم أن الأسرة العربية الإسلامية هي آخر ملاذ لهذه المجتمعات، وقد ظلت صامدة لأجيال عديدة دون أن تلين أو تخنع لكل هذه العواصف التي تهب عليها من الثقافات الأخرى في محاولة اقتلاع جذورها وبصورة مقصودة في أحيان كثيرة، وأكثر ما تستهدف هذه التغيرات في الأسرة المرأة، والتي تعتبر رأس الخيمة للأسرة العربية والإسلامية، فالنيل منها يعني النيل من الأسرة والنيل من الأسرة يعني النيل من مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ومن هذه الظواهر التي أصبحت تطفو على سطح المجتمعات العربية الإسلامية ظاهرة الخُلع. ويعرف شلال الخلع بقوله: تعني الكلمة أن يتاح للزوجة أن تفصم العلاقة بينها وبين زوجها بصورة لا رجعة فيها إلا إذا قبلت الزوجة بذلك وبشرط تحرير عقد زواج جديد، ولكي تستمتع الزوجة بحق الخُلع فلا بد من استيفاء شروط بعينها أهما كراهية الزوجة لزوجها لأي من الأسباب، أو أن يكره الزوج زوجته ولا يريد أن يطلقها فيجعلها كالمعلقة، أو سوء خلق الزوج مع زوجته، أو إذا خافت الزوجة الإثم بترك حق زوجها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©