الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عائلة سالم الشيخ تستقبل رمضان بـ«البرياني» و«البلاليط»

عائلة سالم الشيخ تستقبل رمضان بـ«البرياني» و«البلاليط»
26 أغسطس 2009 00:08
شهر رمضان المبارك، بقدر ما هو شهر طاعة وبركة وإيمان، فإنه مناسبة طيبة للألفة والتصافي واجتماع شمل العائلة والأصدقاء، كما أنه إحياء للتقاليد الأصيلة وفرصة كريمة تضم أفراد الأسرة وتجمع الآباء والجدود والأبناء والأحفاد حول مائدة واحدة، وفي جو حميمي مشترك من الأنس والتآلف والمودة والرحمة. وستقوم «دنيا الاتحاد» خلال هذا الشهر الفضيل بزيارة عائلات في أبوظبي وفي غيرها من المدن لتشاركهم هذا الجو الرمضاني الكريم خلال ساعة الإفطار لنتأمل فرحة الأطفال وهم يتحلقون حول آبائهم أو أمهاتهم وجداتهم، ولكي نستعيد لمحات من ذكريات الماضي دون أن ننسى واقعنا وأملنا في المستقبل. لم نجد صعوبة في الوصول إلى بيت السيد سالم بالطابق الخامس عشر في أحد أبراج أبوظبي، فقد حفرت على الباب الخشبي لوحة صغيرة تقول: «لا تنس ذكر الله» وعلى الجهة اليسرى لوحة ثانية تحمل اسم صاحب البيت سالم عبد الله الشيخ، ومن أجمل صفات الكرام أن يكون اسم الله تعالى أول ما يستقبلك على الباب. وسنعلم أن صاحب البيت تمتد جذوره إلى حضرموت، وهو من السادة المتحدرين من آل هاشم. خلال لحظة من رنة جرس الباب، أسرعت الطفلة سندس (بنت 8 سنوات) لتفتح الباب، وأطلت أختها تسنيم التي تكبرها بسنتين، ورغم صغر سنيهما فهما تعرفان كيف تستقبلان ضيوف البيت الذي يعبق بالجو الرمضاني وتتردد في جنباته آيات القرآن الكريم. تقدمت الطفلتان أمامي إلى الصالون الواسع الذي فرش بشكل بسيط وأنيق حيث جمع بين الأصالة والحداثة، في الجهة اليمنى طاولة سفرة وطقم كنبات حديث، وفي الجهة المقابلة كان الفرش العربي من سجاد وأرائك ومساند مع الستائر المناسبة، وفي وسط الصالة طاولة صغيرة معدة لكتاب الله وعليها أربع نسخ، ولم تنس سيدة هذا البيت الكريم أن تضع عدة سجادات للصلاة ضمن صندوق أثري وذلك لمن يريد أن يصلي. بينما جدران الصالة مزينة بعدة لوحات تضم آيات من القرآن الكريم بخط جميل. بالإضافة إلى اللوحات الفنية التي تجمع بين الجلد والنحت وهي من تصميم الابن الأصغر الفنان والخطاط زكريا سالم، وعلمت أن له أعمالا فنية عديدة قد اقتنتها أهم صالات العروض. جاءت السيدة أم عبدالله وهي ترحب بضيوف رمضان «يا أهلا وسهلاً زارتنا البركة، تفضلي بيتك ومطرحك»، هذه العبارات التي يستقبل بها العرب ضيوفهم لغة جميلة فيها احترام فيها عذوبة، فيها تواصل من القلب إلى القلب، شعرت أنني في بيتي لم أجد حرجاً أمام هذا الترحيب والوجه البشوش من سيدة وعميدة هذا البيت. عند ضرب المدفع كان الجميع يتحلقون حول طبق رمضان، السيدة أم عبدالله جدة تسنيم وسندس، وأم سالم والدتهما وهي تحمل بنت الشهور التسعة عائشة، بينما سالم (12 سنة) لم يحضر لأنه بمثابة شاب والشباب لا يدخلون إلى مجالس النساء، وطبعا طاولة رمضان تجمع الأحبة كلهم من الأولاد والأحفاد، ها هي السيدة مفيدة معها طفلتها فاطمة بنت 7 شهور، وأختها أم محمد لم تستطع الحضور إلى منزل أهلها لظروف صحية لكن شاركت في إرسال بعض أصناف الطعام ليكون رمضان فعلا يجمع الأهل تحت جناح بركته. بعد أن ضرب المدفع كل بدوره أخذ شربة ماء مع كلمة بسم الله ثم تبادل الجميع مع بعضهم كل عام ونحن بخير وبلدنا بخير. كانت الجلسة على السفرة حسب الطريقة العربية وأنواع الطعام متنوعة، لكن الصحن الرئيسي (برياني) مع الدجاج والخضرة، بينما جاءت اللقيمات والسنبوسك إضافة إلى الحساء وهو شوربة باللوبياء، وهناك المقبلات مثل (باقية) فلافل (منتازي) يعني زليبية فقط تكون عجينتها جامدة أكثر: طبعا (بلاليط) بالإماراتي (عطرية) باليمن، في بلاد الشام (شعيرية). وقد ضمت سفرة الإفطار أيضا (روليز) أكلة أندونيسية هي لفائف من العجين محشوة بالخضرة، إضافة إلى أنواع المعكرونه مع السلاطات، وهناك من الحلويات الجلي بأنواعه والعصائر الطبيعية، طريقة الأكل كذلك على الطريقة العربية بأصابع اليد. بعد الإفطار كانت رائحة الشاي تتخمر في الركن الذي أعد له بشكل دائم في المجلس حيث الكؤوس المرصوفة والأباريق البلورية الجميلة إضافة إلى علب مخصصة لقطع السكر وهذه المعرفة في أصول إعداد الشاي كنت قد رأيتها فقط في الصين عند مختصين به، في هذا المنزل كل شيء يعمل على أصوله، كل شيء منظم فيه، وأهم ما لاحظته هنا أن الخادمات يعاملن مثل أي فرد موجود، فقد جلسن إلى الإفطار وكان لهم كل الاحترام وهذا يدل على عظمة الإسلام في التعامل مع الآخرين. بعد هذه الجولة الرمضانية كان لا بد أن نستمع إلى شيء من عادات رمضان، تقول السيدة أم عبدالله: دائما في رمضان كان بيتنا فيه ضيوف وعزائم على الإفطار، أبو سالم شيخ قبيلة، كان عندي أربع خادمات يساعدنني في الطبخ ذلك بعد أن أدربهن، أما في الحفلات الكبيرة في اليمن الرجال هم يذبحون الذبائح ويطبخون والخدم يعدون السفرة ويقدمون الأطباق. نحن في أول يوم برمضان يأتي الأولاد لعندنا لبيت الأب، وفي يوم 15 من رمضان يأتي الأخوة والأخوات لأن أبو عبدالله هو الكبير، نحن جميعا نزور كبير العائلة. بعد الإفطار تأتي صلاة المغرب ثم التراويح، بعدها شرب الشاي مرة ثانية، وقد تذكرت مع هذه الذكريات القديمة في اليمن كان مع ضرب مدفع السحور يدور (مقيم) يعني مسحراتي وكان يحفظ اسماء الناس وينادي على كل باسمه عند وصوله أمام بيته، نحن في السحور لازم يصحوا الأولاد كلهم من عمر تسع سنوات يصوم بعدين وجبة السحور هي طبخ مثل الإفطار، ثم صلاة الفجر. كذلك في رمضان يوجد تبادل بين الجيران في سكب الأكلات حتى لو كانوا غرباء وما في معرفة، لأن رمضان محبة وتعارف مع الناس، وهناك في أبوظبي اهتمام بحصص النواطير من الإفطار، كذلك التوزيع في المساجد، وعبدالله يخصص يوما في الشهر يعزم فيه شبابا أهلهم غياب ويعمل لهم إفطارا فرمضان فيه الخير والرزق والرحمة. وبعد هذا الحديث المشوق مع سيدة وكبيرة هذا البيت العامر بالخير كان لا بد من أن نتوقف مع تسنيم الفنانة الصغيرة بنت 10 سنوات وبعض من رسومها وهي لوحة ظهر فيها اللون الأزرق وكأنها تعكس لون مياه الخليج بينما النصف الثاني من اللوحة كان اللون الأخضر والبيت الصحراوي وكأنها بيئة وملامح اليمن، هل الطفل يتأثر بالطبيعة التي ينتمي إليها دون أن يشعر؟. كل رمضان والجميع بخير.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©