الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دولة مبكرة»... قبل مفاوضات الوضع النهائي

12 مايو 2010 21:11
كانت الفكرة التي اجتاحت واشنطن خلال الأسابيع الماضية أن يطلق الرئيس "خطة أوباما" أو مجموعة مبادئ أو بيانا يحدّد فيها الخطوط العريضة لموقف الولايات المتحدة حول جميع القضايا الجوهرية في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي (القدس، اللاجئون، الحدود، الأمن). ويبدو أن مستشار الأمن القومي، جيمس جونز، والعديد ممن سبقوه، يفضلون هذه الفكرة، وكذلك العديد من خبراء الشرق الأوسط والمسؤولين السابقين. وهو مفهوم له جاذبية كبيرة خاصة إذا أخذنا بالاعتبار الإحباطات التي تواجهها الولايات المتحدة في محاولاتها جعل الطرفين يتكلمان معاً، ولو بشكل غير مباشر في "محادثات التقارب" التي سترعاها الولايات المتحدة. وبما أن الإدارة لم تستطع بدء المفاوضات، أو هزّ الطرفين وإجبارهما على التركيز على القضايا بدلاً من الإجراءات للتحرك قدماً، حسب الجدل الدائر، فلماذا لا نلقي خطة في وجوههم وسوف يبدأون بتركيز الاهتمام. لا شك أن جَسر المقترحات أو الأفكار الأميركية المُقدّمة بشكل خاص يمكنه إنقاذ المحادثات، وسوف يكون أمراً ضرورياً دون شك، سابقاً وليس لاحقاً عند بدء المفاوضات. تم تقديم أطر كلينتون، والتي قد تشبهها خطة كهذه، بشكل خاص إلى الطرفين خلال الأسابيع القليلة الماضية للإدارة. كان من الممكن أن تنجح لو وصلت الأطراف تلك المرحلة في فترة مبكرة من إدارة الرئيس. لكن في وضع لا يثق فيه الطرفان، وخاصة قيادتيهما، ببعضهما البعض، ويشكون في معسكر أوباما وينشغلون بمشاكلهم الداخلية، فإن فرص قبول أي من الطرفين بخطة أوباما محدودة بالتأكيد. والسيناريو الأكثر احتمالية هو أن يرفض الطرفان توجه أوباما كلياً ويتركانه أكثر ضعفاً وأقل قدرة على تنظيم المحادثات. وإذا أطلق الرئيس "خطته" وتم رفضها، أين نذهب من هناك؟ بدلاً من ذلك، أقترح توجهاً مختلفاً. كانت إدارة أوباما على حق عندما ضغطت باتجاه محادثات التقارب التي تأجلت لأسابيع طويلة، بينما تجادلت الولايات المتحدة مع إسرائيل حول أعمال البناء في القدس الشرقية. لكن الآن وقد بدأ نتنياهو يفرض تجميداً بحكم الواقع وبهدوء على أعمال الإعمار في القدس الشرقية، يبدو أن المحادثات أوشكت على البدء أخيراً. تلك أخبار جيدة، لكن يتوجب على الولايات المتحدة متابعتها على أساس أجندة جديدة. وبدلاً من التركيز على القضايا المركزية بهدف حل النزاع نهائياً، يتوجب على الحوار أن يبنى على مقترحات مفيدة عديدة، وثمة مقترحات مثيرة قدمها مؤخراً فلسطينيون وإسرائيليون على حد سواء، لإيجاد دولة فلسطينية ناشئة بسرعة، ومن ثم البناء على ذلك الإنجاز للتعامل مع القضايا الجوهرية بأسلوب جديد أعيد النظر به من المحادثات المباشرة. فما هي هذه الأفكار؟ اقترح رئيس الوزراء الفلسطيني، فياض، استخدام التقدم الذي يحرزه الفلسطينيون في مجال بناء المؤسسات في الضفة الغربية، من الأمن إلى الهياكل الاقتصادية، للإعلان من طرف واحد عن دولة فلسطينية في عام 2010. ويقترح شاؤول موفاز، وزير الدفاع المتشدد السابق "الإنشاء المباشر والفوري لدولة فلسطينية منزوعة السلاح"، تتبعها ضمانات بإجراء محادثات حول قضايا الوضع النهائي. وهو يقترح توسيع مساحات الضفة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون بسرعة بحيث يصبح للفلسطينيين "60 في المئة من مناطق الضفة الغربية و49 في المئة من السكان". ويقترح إيهود يآري، المحلل الرئيسي للشؤون العربية في التلفزيون الإسرائيلي، "التفاوض فوراً على إنشاء دولة فلسطينية داخل حدود هدنة عام 1948 قبل التوصل إلى سلام شامل". تقترح جميع هذه الأفكار دولة فلسطينية مبكرة على جزء من الضفة الغربية كمقدمة لمفاوضات الوضع النهائي، التي يرونها وقد تم تنشيطها لتصبح أكثر قدرة على البقاء عند إنشاء الدولة الفلسطينية. يتحدث يآري عن إخلاء ما بين 40 و50 ألف مستوطن. ويشير موفاز بشكل أكثر غموضاً إلى تعويضات وإخلاء للمستوطنين. يعتقد يآري أن "حماس" قد توافق بهدوء على هذا التوجه. أما موفاز فهو على استعداد لمحادثة "حماس" إذا تم انتخابها مرة أخرى من قبل الجمهور الفلسطيني، وعلى استعداد لبحث قبول قوة دولية من الدول الغربية إذا احتاج الأمر ذلك منذ البداية. تحاول جميع هذه المقترحات التغلب على المخاوف الفلسطينية القائمة منذ فترة طويلة بأن تحل دولة جزئية، لا أن تستبق، تسوية نهائية من خلال ضمان المزيد من المحادثات. هذه جميعها أفكار تشكل تحدياً، وهي تختلف بشكل ملحوظ عن السياسة الأميركية القائمة. يعترف جميع هؤلاء الذين يقدمون هذه المقترحات، وغيرهم ممن يقدمون الأفكار، أن القادة على الجانبين لا يقبلون حالياً هذه المفاهيم. أما رئيس الوزراء، فياض، فقاعدته الشعبية محدودة جداً. لكنهم جميعاً يقدّمون فرصة أفضل لإنجازات حقيقية تحت الأوضاع الراهنة بدلاً من ترك سياستنا ترتكز على خطة أوباما غير الجاهزة أو على تكريس محادثات التقارب بشكل كامل على القضايا الجوهرية. والآن وقد أصبحت محادثات التقارب إمكانية قريبة، لنحاول شيئاً له فرصة أفضل في النجاح. لنعمل مع الفلسطينيين والإسرائيليين للبدء في إيجاد دولة فلسطينية الآن، ثم ننهي العملية بمفاوضات مباشرة تكون لها فرص نجاح أفضل بكثير في جو جديد. ستيفن سبيغل أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©