الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جديد الانتخابات البريطانية

12 مايو 2010 21:11
لم تأت نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية بعيدة كثيراً عن توقعات وتحليلات الصحف وأجهزة الإعلام البريطانية والعالمية التي نُشرت قبيل إجراء الاقتراع، وتوقعت صعود "المحافظين". فهزيمة حزب "العمال" البريطاني كانت متوقعة، وتكاد تكون محل إجماع كثير ممن كتبوا في هذا الشأن. كما أن فوز "المحافظين" بأغلبية مقاعد المجلس العتيق (مجلس العموم البريطاني)، كانت أيضاً متوقعة مثلما حدث بالفعل، ولكنه انتصار لن يمكن "المحافظين" من الحكم منفردين، لكن العدد الضئيل الذي حصل عليه حزب "الأحرار الديمقراطيين"، هو الشيء الوحيد الذي خالف التوقعات السابقة، فهذا الحزب بدا لأسابيع سابقة لإجراء الاقتراع مرشحاً للحصول على أكثر مما حصل عليه من مقاعد. ومع ذلك فإن لُب وجوهر التوقعات والنبوءات السابقة، وهو القول المرجح أن لا حزب سيحصل على ثقة أغلبية الناخبين البريطانيين بنسبة تمكنه من الحصول على أغلبية مريحة تجعله يستمر في الحكم، الذي بقى مسيطراً عليه لثلاثة عشر عاماً. وأن حزب "الأحرار الديمقراطي" سيصبح هو -مع قلة حظه من المقاعد البرلمانية- الذي سيمسك بميزان السياسة البريطانية والحكومة القادمة، التي هي في كلا الحالتين (إن ائتلافا مع المحافظين أو مع العمال)، ستكون حكومة أقلية مدعومة أو متحالفة مع "الأحرار". وعندما يطالع القارئ هذا المقال، ربما تكون الحكومة البريطانية الجديدة قد شكلت وأعلنت عن برامجها وسياستها، ففي ختام المطاف يبقى السياسيون البريطانيون مدفوعين بضغوط الناخبين، وضغوط الظروف العالمية، وخاصة الأزمة الاقتصادية التي يبدو أنها تتفاقم بدلاً من تحسين حالة سوق المال العالمي... حتى وإن بدا الاتفاق الذي وقعه أمس الاتحاد الأوروبي مع اليونان والتزامه بانتشالها من أزمتها خوف من انهيارها الكامل، دافعاً إلى التفاؤل بأن قليلاً من التحسن سيطرأ على الموقف وقليلاً من الانفراج للأزمة المالية. الخوف من انهيار اليونان مالياً ليس وحده الدافع وراء الخطوة الجريئة التي قام بها الاتحاد الأوروبي فحسب، إنما الخوف الأكبر أن تتصاعد الأزمة المالية اليونانية، وأن تنتقل تأثيراتها الضارة من أثينا إلى لشبونة ومدريد ودبلن وروما وباريس وأيضاً برلين التي كانت حكومتها أكثر أعضاء الاتحاد تحمساً بل وسخاءً (140 مليون يورو) التزمت بها منفردة، إلى جانب حصتها في الدعم الذي سيقدمه الاتحاد الأوروبي لليونان. وبرغم التشدد والشروط القاسية التي فرضها الاتحاد على اليونان، والتي قادت وستقود إلى مزيد من الاضطرابات والعنف الذي شهدته أثينا مؤخراً، فإن الحكومة الألمانية التي قادت "حملة الإنقاذ" الأوروبي لليونان، ووجهت بمعارضة شديدة ليس في المجلس التشريعي، بل من عامة المواطنين الألمان الذين عاقبوها فوراً بإسقاط مرشحي الائتلاف الحاكم، في الانتخابات البلدية. ما حدث في بريطانيا الأسبوع الماضي ظاهرة لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية منذ عام 1974، وأن يضطر البريطانيون إلى "تأليف" حكومة بين حزبين مختلفين حول كل شيء في السياسة تقريباً، ليس ظاهرة فريدة.. ومن ينظر اليوم لكثير من الحكومات في (القارة العجوز)، سيجد أن ظاهرة عدم انفراد حزب "ديمقراطي أوروبي" بالحكم، أصبحت القاعدة وليست الاستثناء. فالسياسة وإدارة شؤون وحياة الناس لم تعد هي الموجهات المثلى والأهداف السامية التي من أجلها ينخرط البعض في العمل السياسي. فالأحزاب الأوروبية في أكثر الحالات لم تعد هي تلك الأحزاب التي تقودها جماعات من المتنورين المدفوعين بحب الناس وخدمة مصالح الأغلبية التي هي دائماً الفقراء. الأحزاب الأوروبية (وربما معظم أحزاب العالم الأول) تحولت إلى مجموعات مصالح في خدمة الأثرياء وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى الذين يقومون بتمويل السياسيين ودفعهم إلى مقاعد السلطة، ليصبحوا خداماً لمصالحهم، وليس مصالح الناخبين... صحيح أن (الظاهرة) ليست جديدة، لكن الجديد إنها في نهايات القرن العشرين وبداية هذا القرن أصبحت قاعدة راسخة. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©