السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هارون الرشيد يغزو مدينة هرقل ويلزم الروم بالخراج

هارون الرشيد يغزو مدينة هرقل ويلزم الروم بالخراج
22 يونيو 2016 19:09
القاهرة (الاتحاد) هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه، أكثر من تعرض تاريخه للتشويه، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهاداً واهتماماً بالعلم والعلماء، وعلى الرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب، ونسجوا القصص الخرافية، بينما قال عنه المؤرخ ابن خلكان في «وفيات الأعيان»، إنه كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي. كانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، مختلفة البيئات، متعددة العادات والتقاليد، معرضة للفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة، فأحاط نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة، أمسك بزمام الدولة وهو في الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ إلى مجدها وقوتها وازدهار حضارتها. تولى الرشيد الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي سنة سبعين ومئة، وكان ذا فصاحة وعلم بأعباء الخلافة، وله نظر جيد في الأدب والفقه، يحب العلماء ويعظم الحرمات. كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريباً، وقام بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل، وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، ولأهميتها لا يولي عليها إلا كبار القادة أو أقرب الأقربين إليه. عمّر الرشيد مدن الثغور، وأحاط كثيراً منها بالقلاع والحصون والأسوار والأبواب الحديدية، وأنشأ مدينة جديدة عرفت باسم «الهارونية»، وأعاد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام داراً لصناعة السفن، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم. اضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت ملكتهم «إيريني» صلحاً معه، مقابل دفع الجزية السنوية، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها «نقفور» إمبراطور الروم، وفي رمضان سنة سبع وثمانين ومئة جاء للرشيد كتاب منه بنقض الهدنة، وفيه: من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها أحمالاً، وذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وإلا فالسيف بيننا وبينك. لما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضباً حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه أو يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف، فدعا بدواة وكتب على ظهر كتابه: بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه، ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل، وكانت غزوة مشهورة وفتحاً مبيناً، فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة. ولكن نقفور نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله، وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفاً، وجُرح نقفور نفسه. غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت حين قاد جيشاً ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية، وحاصر «هرقلة» وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت، وعاد نقفور إلى الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه وقادته وسائر أهل بلده.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©