الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعلان كوريا الشمالية النووي··· الحوار يُؤتي أُكله

إعلان كوريا الشمالية النووي··· الحوار يُؤتي أُكله
27 يونيو 2008 22:57
يعتبر الإعلان الأخير لكوريا الشمالية، والذي كشفت خلاله عن أنشطتها النووية، انتصاراً لذلك النوع من الدبلوماسية المعقدة والعسيرة، وأحياناً المثيرة للإحباط التي تعامل معها الرئيس بوش ومساعدوه طيلة السنوات السابقة على أنها رمز للضعف الأميركي· فعلى مدار سنتين من المفاوضات أظهر الرجل -الذي أدرج ذات مرة كوريا الشمالية ضمن ''محور الشر'' إلى جانب إيران والعراق، وتعهد بمواجهتها وعدم التفاوض مع زعيمها المستبد- مرونة كان يعتبرها منتقدوه، سواء في الداخل أو الخارج، بعيدة عن شخصيته· لذا من غير المرجح أن ينال بوش الإشادة التي يتوقعها نظير إنجازه الذي قد يكون آخر اختراق دبلوماسي يحققه خلال فترته الرئاسية· ومع ذلك لم يمر إعلان كوريا الشمالية بكشف برنامجها النووي والاستجابة الفورية للإدارة الأميركية برفع بعض العقوبات، دون انتقادات سواء من أوساط محافظة اعتبرت الخطوة الكورية غير كافية، أو من الليبراليين الذين جادلوا بأن الانفتاح الأميركي جاء متأخراً· وفي تعليق بشأن الموضوع أدلى به السيناتور ''جون كيري'' يوم الخميس الماضي، وهو المرشح ''الديمقراطي'' السابق الذي هزمه بوش في العام 2004 قال: ''إن الإعلان النووي للنظام الكوري الشمالي هو آخر تذكير لنا بأنه رغم الخطاب العدواني للرئيس بوش، فإن الحديث إلى الأعداء يؤتي أكله''، وأضاف: ''سيتساءل المؤرخون طويلاً لماذا لم تنخرط هذه الإدارة في حوار مبكر ومباشر مع كوريا الشمالية قبل أن تتمكن من جمع ما يكفي من المواد لتصنيع العديد من الأسلحة النووية، وتقوم بتجارب على معدات نووية وصواريخ قادرة على حملها؟'' والواقع أن التاريخ لن يدرج بوش ضمن الحمائم المؤيدة للأساليب الدبلوماسية بأي حال من الأحوال حتى لو تراجعت كوريا الشمالية عن مخططاتها النووية، ذلك أن الحرب على العراق وترخيصه لاستخدام تقنيات عنيفة في الحرب على ''القاعدة'' والإرهاب تطغى على تركته أكثر من أي إنجاز قد يحققه على الصعيد الدبلوماسي· ومع ذلك لا يسعنا سوى أن نلحظ التغير الواضح خلال فترة بوش الثانية وميله أكثر إلى البرجماتية في سياسته الخارجية والتراجع عن أسلوب المواجهة في القضايا المرتبطة بالأمن القومي قياساً إلى ولايته الأولى، وهو ما يرجع، حسب المراقبين، إلى صعود وجوه جديدة وانضمامها إلى إدارته مثل وزير الدفاع ''روبرت جيتس'' ووزيرة الخارجية الأميركية ''كوندليزا رايس''، والأكثر من ذلك المحادثات التي أشرف عليها مساعد وزيرة الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، ''كريستوفر هيل''· ويسعى البيت الأبيض إلى انتهاج استراتيجية مشابهة ومتعددة الأطراف لتسوية الملف الدولي الإيراني، فضلاً عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي استثمر فيه بوش مكانته الشخصية للتوصل إلى اتفاق سلام بعد سنوات من الانحياز السافر لسياسات إسرائيل العنيفة· وفي الإطار نفسه، وبعد سنوات من العزلة الدولية حول موضوع الاحتباس الحراري، تعرض الإدارة الأميركية اليوم الدخول في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق لخفض الانبعاثات على أن تشارك فيه الدول المتقدمة والنامية، وهو المسعى الذي قوبل بترحيب حار خلال جولته الأخيرة في أوروبا· وفي هذا السياق، صرح مستشار الأمن القومي للرئيس بوش ''ستيفن هادلي'' يوم الخميس الماضي قائلاً: ''أعتقد أنه من بين الأشياء التي حققناها خلال هذه العملية، ولأكون صريحاً، هو أننا تعلمنا بعض الشيء''· ومع أن الإعلان الكوري جاء متأخراً بستة أشهر عن موعده، إلا أن تصريحات المسؤولين الأميركيين باستعداد الإدارة لإبداء المزيد من الصبر تؤشر بوضوح على التغيير الواضح في الاستراتيجية الأميركية· وقد جاءت أشد الانتقادات وضوحاً من ''المحافظين'' الذين اتهموا الرئيس بوش بالتخلي عن موقفه المبدئي بعدم التعامل مع حكومة تنصلت من التزاماتها السابقة وتواصل قمعها لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية· ومن بين هؤلاء المنتقدين ''دانيال بليتكا''، نائبة المدير للسياسة الخارجية والدفاع في معهد ''أميركان انترابرايز'' قائلة: ''إن العديد من الأشخاص كانوا يفهمون أفكار بوش حتى وإن لم تسوق بشكل جيد، لأنها قامت على تصورات سليمة تعتبر جزاء أساسياً من مبادئ الحزب الجمهوري، فماذا حل بتلك المبادئ؟''· لكن الرئيس بوش كان مدركاً للانتقادات، لذا حرص بشدة على التذكير بأن الإعلان الكوري الشمالي ليس سوى الخطوة الأولى التي تحتاج إلى التحقق من صدقها قبل أن يصار إلى تقديم أي تنازلات من قبل الولايات المتحدة· والمشكلة بالنسبة للرئيس بوش هي الوقت الذي يداهمه، إذ كلما انصرمت الأيام تقل حظوظ الرئيس في تحقيق أجندته الطموحة في السياسة الخارجية التي كان يتمنى لو ترى النور خلال فترته الرئاسية· فاحتمالات تحقيق اختراق في مسار السلام الفلسطيني-الإسرائيلي التي تعهد بها بوش خلال السنة الجارية، ما فتئت تتراجع بسبب التجاذبات السياسية على الساحة الإسرائيلية· أما على الصعيد الإيراني، فإنه رغم العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي، يبدو أن طهران تسعى لكسب الوقت، منتظرة قدوم إدارة جديدة· وفي هذا السياق يقول ''جون وولفشال''، الخبير في الانتشار النووي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: ''إن الأشهر الستة المتبقية من ولاية بوش هي توقيت غير مناسب لطرح أفكار جديدة وتغيير الاستراتيجية''، مؤكداً أن إدارة بوش ''تسعى لإخراج نفسها من مجموعة من الحفر في كوريا الشمالية وإيران والعراق والشرق الأوسط، وسيكون بوش محظوظاً لو نجح في الخروج من إحداها قبل مغادرة البيت الأبيض''· ستيفين لي مايرز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©