السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«هيرتزل» وضع مشروع إبادة المكان والسكّان

«هيرتزل» وضع مشروع إبادة المكان والسكّان
12 مايو 2010 21:58
بات مؤكدا أن إسرائيل تقوم بعملية منظمة لتهويد القدس، بعد أن أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عن خطة واسعة لبناء عدد ضخم من الوحدات الاستيطانية بالمدينة المقدسة، وما يقوم به نتنياهو ليس جديدا على إسرائيل ولا هو غريب على الفكر الصهيوني. ويعود الباحث والمؤرخ المصري أنور زناتي في كتابه الجديد “تهويد القدس” إلى الوثائق والإحصائيات ليؤكد ذلك. وهناك عبارة تنسب إلى “هرتزل” مؤسس الحركة الصهيونية يقول فيها: “إذا حصلنا يوما على القدس، وكنت ما أزال أحيا وقادرا على القيام بأي شيء فسوف أزيل ما ليس مقدسا لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار التي مرت عليها القرون”. تغيير ديموغرافي وهكذا كان المشروع الصهيوني منذ بدايته يستهدف تهويد القدس، الواقع انه استهدفت فلسطين بالكامل، لكن التركيز كان على القدس أكثر، وتقول الحقائق ان الحي اليهودي في القدس كانت مساحته لا تتجاوز خمسة آلاف متر قبل إعلان قيام دولة إسرائيل وكان يقطنه حوالي 90 أسرة، لكن سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين ومعها قادة الصهيونية رسموا حدود بلدية القدس بطريقة ترتبط بالوجود اليهودي كي يمكن ضم واستيعاب أحياء يهودية جديدة، وبعد إقامة الدولة العبرية بشهرين فقط تم تقسيم القدس إلى قسمين غربي لليهود تماما وشرقي للعرب، لكن القسم الشرقي أو ما بات يعرف باسم “القدس الشرقية” أو “القدس العربية” يضم المسجد الأقصى والأماكن المقدسة، ويضم أيضا ما يقول اليهود إنها أماكنهم المقدسة من حائط المبكى والهيكل القديم ولذا ما أن استولت إسرائيل على القسم الشرقي في حرب يونيو 1967 حتى شرعت في تنفيذ ما وعد به وتمناه من قبل “هرتزل”، ففي 25 يونيو أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارا بسريان القانون الإسرائيلي على القدس العربية وبعد يومين مباشرة أقر الكنيست ثلاثة قوانين تتعلق بالقدس، الأول تطبيق القرار السابق بسريان القانون الإسرائيلي على القدس بكاملها، والثاني توسيع حدود بلدية القدس العربية من 6.5 كيلو متر إلى 72 كيلو مترا على حساب الأراضي الفلسطينية، وجعل هذه المساحة بالكامل ضمن بلدية القدس الإسرائيلية وتخضع لإدارة محافظ المدينة اليهودي وحل المجلس العربي للبلدية “أمانة القدس”، والثالث يتعلق بحرية العبادة وقانون حماية الأماكن المقدسة وكان هذا يعني السماح لليهود بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك بدعوى أن الهيكل المقدس أسفله. وهدمت سلطات الاحتلال جزءاً من “حي المغاربة” بالقدس وطردت سكانه، ثم طردت عددا من سكان “حي الشرف”، وهناك وحدة خاصة تسمى “وحدة إيعوم” كانت خاضعة “لإدارة أراضي إسرائيل” وقامت هذه الوحدة بدفع العرب إلى ترك بيوتهم وأراضيهم، وفي نفس الوقت منعت أي فلسطيني من شراء أراض أو بيوت في المدينة المقدسة أو حولها. وتقول الأرقام انه بعد الحرب مباشرة تم اقتطاع 20 في المئة من مساحة البلدة القديمة، مما أدى إلى طرد أكثر من 7500 مواطن فلسطيني خارج أسوارها وجرت مصادرة 630 عقارا وهدم 135 آخر وحتى سبتمبر 1967 بلغ عدد الذين اضطروا للنزوح من المدينة حوالي 23.193 فلسطينيا وقامت إسرائيل بعد ذلك بسحب هويات عدد كبير من المقدسيين وبذلك لا يسمح لهم بدخولها أو الإقامة بها. وفي عام 1968 تمت مصادرة مساحات واسعة من الاراضي الفلسطينية خارج أسوار مدينة القدس، وأقيمت على تلك الأراضي أحياء المستوطنين الجدد وأقيم حزام المستوطنات الأول حول القدس وفي العام 1969 بدأ إنشاء حزام الاستيطان الثاني حول القدس وهو عبارة عن 15 مستوطنة جديدة، ومعها ظهر تفاصيل مشروع القدس الكبرى، وبمقتضاه يتم حصار المدينة بالمستوطنات فيجد السكان العرب أنهم في حصار فيضطرون إلى ترك مدينتهم، وكان الهدف في ذلك الوقت، أن يصبح العرب 25 في المئة من سكان القدس. تهويد المكان التهويد لا يقوم فقط على طرد السكان العرب واستبدالهم بالسكان من اليهود، لكنه يشمل تهويد المكان نفسه والمباني والآثار المعمارية وتهويد الأماكن المقدسية والتاريخ ذاته، لقد لجأت إسرائيل في حرب 1948 إلى تدمير القرى المقدسية واستعملت حجارتها في المباني الجديدة، مثل مستشفى “هداسا” وبعض أجزاء من مباني الجامعة العبرية، كي يخيل للزائر أن هذه المباني ليست حديثة وإنما بنيت قبل مئات السنين. ونشرت صحيفة “ها آرتس” الاسرائيلية يوم 6 يوليو 2007 تقريرا جاء فيه أن المؤسسة الإسرائيلية قامت بعد حرب 48 وطوال سنوات الخمسينيات وبأوامر من قادة الجيش وتأييد كامل من دافيد بن جوريون بتفجير العديد من المساجد بهدف محو التاريخ العربي والإسلامي في البلاد، وقد أصدر قائد المنطقة الجنوبية عام 1950 “موشيه ديان” أوامر بهدم عدد من المساجد بينها “مسجد عسقلان ومسجد أسدود ومسجد يُنبا” وهي مساجد تاريخية يعود بعضها إلى ما قبل ألف عام. وقامت اسرائيل بتحويل مساجد إلى كنس يهودية، كما في مسجد “النبي داود” حيث أزيلت منه الزخارف الإسلامية والآيات القرآنية، أما مسجد “النبي صموئيل” شمال غرب القدس فقد تم تحويل جزء منه إلى كنيس، كما تم إزالة مساجد نهائيا الإسلامي كما وقع في قرية “صريحة” التي تم تدميرها قرب القدس. أما ما وقع في المسجد الأقصى وتحته بهدف هدمه فهو معروف بدءا من “حائط البراق” الذي جعلته إسرائيل “حائط المبكى” وهو يقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم القدسي بارتفاع 17 مترا وطول 47 مترا، ويسمح لليهود بالصلاة عنده، رغم انه لاتنطبق عليه قواعد مكان الصلاة في الديانة اليهودية. اليهود الذين يصلون بجواره يقولون إنهم يصلون هناك لقربه من الهيكل المقدس، ومنذ عام 1967 بدأت اسرائيل حفريات أسفل المسجد الأقصى بحثا عن الهيكل المزعوم، وفي عام 1968 أجريت حفريات جنوب المسجد الأقصى نتج عنها اكتشاف آثار أموية ورومانية وبيزنطية، وتواصلت الحفريات عام 69 جنوب غرب الأقصى ونتج عنها تصدع بمجموعة الأبنية الإسلامية، ولم تتوقف الحفريات إلى اليوم، رغم ان عالم الآثار الإسرائيلي في جامعة تل أبيب “فلنكشتاين” شكك في وجود أي صلة قديمة لليهود بالقدس وقد طالبت منظمة اليونسكو إسرائيل أكثر من مرة باحترام الآثار الإسلامية والتوقف عن عملية التشويه التي تقوم بها. والخلاصة ان ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية الحالية ليس جديدا، بل هو يسير وفق خطة منهجية قديمة من أيام هرتزل لتهويد المدينة، وما بقي في يد العرب منها 14 في المئة، فهل يتم الحفاظ عليها؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©