الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عام على رئاسة أوباما... وعود فوق الإمكان!

عام على رئاسة أوباما... وعود فوق الإمكان!
2 يناير 2010 01:31
دويل ماكمانوس كاتب ومحلل سياسي أميركي عندما حل باراك أوباما بالبيت الأبيض، بعد حملة انتخابية شرسة، كان قد خط لنفسه قائمة طويلة من الطموحات والوعود التي يتعين الوفاء بها وإنجازها. فلم يكن لأوباما أن ينجح في استمالة الناخبين وكسب أصواتهم بدون الإعلان عن إصلاحات جوهرية في وقت كانت الأزمة المالية تزحف فيه على الاقتصاد وتهدد بأضرار بليغة وتداعيات خطيرة. وفي هذا الإطار تعهد أوباما بإنقاذ الاقتصاد والوصول به إلى بر الأمان، كما وعد الأميركيين الذين لا يتمتعون بتغطية صحية بإعادة هيكلة النظام الصحي في الولايات المتحدة، وتنظيم القطاع المالي عبر فرض مزيد من القوانين المقيدة لعمليات المضاربة والاستثمارات عالية الخطورة التي كانت وراء الانهيار المالي وإفلاس العديد من المؤسسات الحيوية في الاقتصاد الأميركي. هذا فضلا عن بلورة سياسة طاقة جديدة، ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، ثم صياغة قانون جديد للهجرة، وتدشين حقبة جديدة من التعاون الحزبي تقطع مع فترة الاستقطاب السياسي وتدفع الأميركيين بجميع حساسياتهم الأيديولوجية إلى الالتفاف حول القضايا الوطنية الكبرى. ولم تتوقف وعود أوباما عند هذا الحد، بل واصل قائمته الطويلة والمرهقة متعهداً بإغلاق معتقل جوانتانامو، وتنظيم انسحاب مشرف من العراق، وإبعاد شبح الهزيمة الأميركية في أفغانستان بعد تعثر العمليات العسكرية وتنامي حدة التمرد هناك، علاوة على مواصلة جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتفاوض مع إيران، وإقناع العالم الإسلامي بصداقة أميركا وعدم معاداتها له، ثم إطلاق جهود مكثفة للتخلص من الأسلحة النووية على الصعيد العالمي، دون أن ينسى أخيراً التعهد بضمان تنظيم الألعاب الأولمبية لعام 2016 في شيكاجو. ومع أن الكثير من تلك الوعود كانت صادقة وجديرة بالمحاولة، كما أن بعض التدخلات والإصلاحات ضرورية تفرضها الأزمة المالية وتبعاتها ولا يمكن بالتالي تفاديها، إلا أن البعض الآخر كان من اختيار الرئيس نفسه وقد أضافها بمحض إرادته إلى قائمة الوعود التي حددها دون حاجة حقيقية، وهو ما نتج عنه سلسلة طويلة من التعهدات والالتزامات تفوق في طموحها وتطلعها قدرة الكونجرس والبيت الأبيض على تنفيذها والتعامل معها؛ لصعوبتها أولا ولكلفتها السياسية ثانياً. وإذا كان أوباما قد فرض نفسه كمتحدث بارع يملك من أساليب الخطابة الكثير، وهو ما ساعده على صياغة سياساته الجديدة وعرضها على الأميركيين، إلا أنه مع ذلك لم ينجح في تمريرها جميعاً، بحيث بقي العديد منها مجرد كلمات يكررها الرئيس في المناسبات دون أن تعرف طريقها إلى التطبيق. ويبدو أن رئاسة أوباما في ظل هذا الواقع مهددة بالسقوط في نمطية مكرورة قد تطيح بإنجازاته، فهو يبدأ بالإعلان عن أهدافه السامية وتطلعاته الكبيرة لكنه يفوض مسؤولين من الدرجة الثانية للقيام بالعمل، وعندما تتعثر الأمور وتُخلف المواعيد التي كانت قد حددت سلفاً يتدخل الرئيس على وجه السرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للحصول على نتائج غير واضحة يعقبها خطاب أو تصريح للإعلان عن نصر ملتبس. ولنأخذ كمثال خطة الإنقاذ الاقتصادي التي أقرها البيت الأبيض والتي تقدر تكلفتها بحوالي787 مليار دولار، فرغم حجمها الكبير والصراع الذي خاضه أوباما وفريقه للدفع بها قدما وسط الجمهوريين المتشككين لتمرر أخيراً في الكونجرس بعد جهد جهيد، فإنها من الناحية السياسية كانت فشلا ذريعاً بالنسبة لأوباما والبيت الأبيض. والمشكلة ليست في عدم جدوى الأموال الحكومية، ذلك أنه حسب الخبراء ساهمت تلك المبالغ الكبيرة في إنقاذ نصف الوظائف الأميركية، بل تكمن المشكلة في عدم إقناع أوباما لأغلبية الناخبين بالتأثير الإيجابي والحقيقي لخطته من أجل إنقاذ حياتهم المعيشية، لاسيما بعد تعثر برنامج الحد من فقدان العائلات الأميركية لمنازلها بسبب العجز عن سداد الديون المتراكمة ليبقى الإنجاز الظاهر الوحيد أمام الرأي العام هو إنقاذ "وول ستريت" واستفادة مديري الشركات، رغم المسؤولية التي يتحملونها في اندلاع الأزمة المالية. وتأتي استطلاعات الرأي لتؤكد فشل أوباما في إقناع الناخبين وعموم الرأي العام بإنجازاته وما يتسبب فيه ذلك من خسارة سياسية قد يدفع ثمنها خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، أو حتى خلال الحملة الرئاسية القادمة. فقد كشف استبيان أجرته مؤسسة "بيو" خلال الشهر الماضي أن 30 في المئة فقط من الأميركيين يعتقدون أن سياسات أوباما ساهمت فعلا في تحسين الاقتصاد، بحيث يبدو أن أوباما الذي صنع اسمه كمتحدث بارع وخطيب مفوه فشل في التواصل مع الأميركيين وإقناعهم بجدوى سياساته. ولربما كان بإمكانه أن يخدم نفسه أفضل لو قام بزيارات أقل إلى اسكندنافيا، وتفقد أكثر مواقع البناء في وسط أميركا، ووقف على المشاريع الكثيرة التي توقفت جراء الأزمة. وبالطبع لم تقتصر تداعيات هذا القصور في عملية التواصل على خطة الإنقاذ الاقتصادي، بل كانت له تداعيات على باقي الميادين التي حاول أوباما التدخل فيها، إصلاحاً أو تعديلا، مثلما هو عليه الحال بالنسبة لمشروعي إصلاح التغطية الصحية وتأهيل قطاع الطاقة الأميركي، بعدما فقدت خططه التأييد الشعبي اللازم لتمريرها. وبالمقاييس التاريخية لم يقصر أوباما في سنته الأولى بعد ما نجح في وقف التدهور الاقتصادي ووضع برنامجه لإصلاح النظام الصحي على السكة الصحيحة، كما رسم بداية صحيحة في كل من العراق وأفغانستان وتجنب الأسوأ، وهو ما يحسده عليه الرؤساء السابقون... لكن بالمقارنة مع حجم الوعود التي أطلقها يظل أداؤه متواضعاً، والمفارقة أن تلك التطلعات المتضخمة والتي كانت من صنيعته، غطت على الإنجازات الحقيقية التي قام بها طيلة الفترة السابقة وأضعفت نجاحاته الأخرى. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©