الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المطاعم التراثية.. أطباق من التاريخ

المطاعم التراثية.. أطباق من التاريخ
19 مارس 2015 21:19
نسرين درزي (أبوظبي) تمثل المطاعم التراثية، التي بدأت تنتشر في البلاد، جزءا من هوية المجتمع المحلي، وتدخل ضمن قائمة المواقع التي يفاخر المواطنون والسكان باصطحاب زوارهم إليها. ومع الشهرة التي يكتسبها المطبخ الإماراتي بين الشعوب الأخرى، يقتحم قطاع الضيافة من باب الموائد الراقية والأطباق الشعبية، ويتألق برائحة الهيل ومذاق الزعفران. عناوين رنانة وكما أن المرافق التقليدية تعرف من عناوينها، تتخذ هذه المطاعم من المصطلحات الشعبية أسماء لها؛ فمرة «مزلاي» ومرة «فنر» و«عوشة» و«الظفرة» و«مزراب»، وسواها من المسميات قيد الإطلاق في قطاع المطاعم ذات الصبغة المحلية، التي يزداد الطلب عليها في زمن الحرص على حفظ التراث وتناقله. وهذه العناوين الرنانة بمثابة جواز عبور محبب إلى زمن يأبى أن يشيخ في أذهان الأسرة الإماراتية، فتخترق السمع من جديد وتدغدغ ذاكرة الكبار، فيما تزرع في الجيل الجديد شيئا من عطر الصحراء وأدواتها. وهناك تحت أسقف السعف تصدح موسيقى الأجداد من فلكلور أناشيد الـ«هولو» والـ«يامال» والموشحات التي تخرج من يوميات الغواصة والصيادين. خدمات 5 نجوم لأن قطاع الضيافة في الإمارات لم يترك بابا من أبواب المجد إلا وطرقه، كان لابد من تعزيز الترويج للمطبخ الإماراتي والتعريف به. وأولى هذه المبادرات جاءت مع مطعم «مزلاي» في فندق قصر الإمارات الأول من نوعه، الذي يمتاز بديكوره العربي وأطباقه التقليدية مع تركيزه على الوجه التاريخي للدولة، واللحاق بكل مظاهر التمدن الحضاري. وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على افتتاحه تحول «مزلاي» إلى عنوان ثابت على أجندة أهم الضيوف والسائحين الذين يزورونه ضمن وفود رسمية وغير رسمية للتعرف إلى مذاقات المطبخ الإماراتي المغلفة بخدمات الـ5 نجوم. وللاطلاع على أجواء الجلسات التراثية المزروعة في الموقع بأسلوب جديد يجمع بين الديكورات التقليدية وأحدث خطوط الموضة في عالم الألوان والخشبيات. ويتميز مطعم «مزلاي» الكائن في الطابق السفلي من «قصر الإمارات» بديكوره الراقي من الأسقف إلى الثريات والستائر المفتوحة على حديقة شاسعة. إلى العالمية عن فكرة إطلاق «مزلاي» العلامة الراقية في سجل الضيافة المحلية، يقول الشيف الإماراتي علي سالم البدواوي، الطاهي الرئيس في المطعم، إنه مع كل مظاهر النمو السياحي التي تنعم بها الدولة، جاء دور الإضاءة على المطبخ المحلي وتقديمه من خلال مطعم بمواصفات نموذجية. وكان ضروريا تقديم المأكولات الإماراتية في قالب مبتكر لا يخرج عن الإطار الشعبي. ولأن المطاعم الراقية تستمد سمعتها من طهاتها، تمكن «مزلاي» من إثبات نفسه بين المطاعم العالمية، بسبب ما يؤمن به الشيف البدواوي من منح المطبخ الإماراتي هوية واضحة تصل إلى الذواقة من مختلف الجنسيات. ويقول البدواوي «تمكنا من تطوير المطبخ الإماراتي لنصل به إلى العالمية، ولا بد من فتح المجال أمام جيل الشباب للغوص في غمار مهنة الطهي التي يرتكز عليها المشهد السياحي للدولة». ويعرف كل من يزور المطعم الأسلوب الرشيق للشيف في طهي الأصناف التقليدية مع التأكيد على إضافة لمساته الخاصة. ومن أطباقه التقليدية حساء «الكاجو» وحساء «ولد الولد» المصنوع من صغار سمك القرش، ولحم الغنم المدفون. ذاكرة الوطن ووسط الأجواء التراثية تتألق سلسة مطاعم «فنر»، التي افتتحت أكثر من فرع لها في الإمارات، وأحدثها في مركز تاون سنتر بالجميرا. وهي تأتي ضمن منظومة الحفاظ على الهوية الوطنية، فضلا عن دوره في تعريف الأجيال الجديدة بالمأكولات التقليدية. والتي يخشى أن تندثر في ظل عولمة المأكولات. ومطعم «الفنر»، الذي يستوحي اسمه من عبق الماضي، صمم بحسب الطراز العربي المفعم بتفاصيل البيئة الخليجية بدءا من الألوان الترابية التي توحي بدفء الصحراء، إلى الأرضيات الناشفة الأقرب إلى حياة البدو. وكلها مؤثرات تضاف إلى النكهات الأصلية للأطباق التي لا يسعد المواطنون بتذوقها وحسب، وإنما تعتبر مفخرة تقدم على موائد الضيوف من العرب والأجانب المقيمين والزوار. ويستضيف المطعم معارض فنية متنوعة تروي لوحات من التاريخ، منها «ذاكرة الوطن»، الذي يعتبر فكرة مكملة لرسالة الترويج التراثي للموقع. ويتم تنظيم هذه المعارض بالتعاون مع الأرشيف الوطني للتأكيد على أهمية الحضارة الإماراتية، وتعريف الأجيال بكل إنجازات البلاد ومراحل تطورها. أطباق وذواقة ننتقل إلى مطعم «عوشة» في مدينة مصدر والذي لم يمض على إطلاقه أكثر من 4 أشهر، إلا أن صيت أطباقه الشعبية سبقه إلى الذواقة. وهو يرتكز بمفهومه على الترويج للمطبخ الإماراتي بمظهر عصري مع الحفاظ على النكهات الأصيلة تماما كما يحبها الضيوف. ويكفي للزائر أن يتناول «الجشيد» أو «المالح» في مطعم «عوشة» حتى يعاود زيارته من جديد ليطلب أصنافا أخرى مثل «البرياني» و«الصالونة» و«الهريس»، وفوقها «الكلوب سندويش» المعد بخبز «الرقاق» وعلى الطريقة التقليدية. ويشكل المكان مناسبة جيدة ليتعرف غير الإماراتيين إلى مذاقات الأصناف المحلية ضمن أجواء عصرية التركيز فيها على الطعم وحسب. مع رفاهية الجلسات التي تؤكد مضي المطبخ الإماراتي باتجاه الانتشار من خلال الأثاث الراقي وتفاصيل الخدمات عالية الجودة التي يثمن الضيوف دورها في رفع قابليتهم وجذبهم لتذوق المزيد. عصرية جاذبة يروي يوسف المرزوقي، صاحب مطعم «عوشة»، فكرته من وراء هذا المشروع، معتبرا إياها فرصة للمساهمة في الترويج للمطبخ المحلي بصيغة عصرية. وهذا ما أصر عليه عند تأثيث «عوشة» بديكور متنوع فيه من التصاميم الفرنسية والإيطالية والبرازيلية. ولاسيما أنه يوحي بالحداثة، إذ لا يمكن الربط دائما بين المأكولات الإماراتية والصبغة الشعبية. وكما أن التطور يلحق بكل مجالات المجتمع، فإن الطعام المحلي يجب أن يشمل هذا النمو ولاسيما أنه يدخل في تركيبة الجذب السياحي الآخذة في الاتساع. ويقول المرزوقي إن ضيوف «عوشة»، الكائن في مدينة مصدر، يمكنهم زيارة الموقع من دون تصريح مسبق، فالمطعم مفتوح بدءا من الساعة 12:00 ظهرا. ويوضح أن قائمة الطعام تتضمن مأكولات إماراتية وخليجية وأطباقا متنوعة تم ابتكارها بما يتناسب مع فكرة المكان. ويشمل مفهوم الحداثة في «عوشة» المشروبات المحلية أيضا، ومنها شاي «الكرك» والعصائر الطازجة والقهوة العربية. وتقدم كلها مع التمور واللقيمات وحلوى «الجباب». تمور وبخور تعتبر المطاعم التراثية في البلاد رمزاً من رموز حسن الضيافة في المجتمع المحلي. وهي تضم مجالس أنيقة لاستقبال الضيوف لا تخلو من التمور والقهوة العربية وعطر البخور. وتضم لوحات تترجم المجد الحضاري الذي مرت به الإمارات إلى أن أصبحت من أكثر المدن استقطاباً للسياح. «مزلاج» وقنديل مطعم «مزلاي»، يعني بالمحلية «مزلاج». والمعنى الأصلي للمطعم هو القفل الذي كان يوضع قديما على الأبواب. أما اسم مطعم «الفنر»، فيعني قنديل الضوء الذي يغذى بالزيت، ويعتبر قطعة تراثية، ويشير اسم مطعم «عوشة» إلى أحد الأسماء التقليدية في المجتمع الإماراتي، وهو مناداة مختصرة لاسم عائشة. قيمة سياحية ويرى هاشم المرزوقي، مؤسس مطعم «فنر»، أن الإمارات تحتاج إلى مزيد من المشاريع الوطنية، التي تنتقل بمفهوم الطعام الإماراتي إلى مستويات تحاكي القيمة السياحية للدولة. لاسيما أن كبريات العواصم السياحية تتنافس على تعزيز مطابخها المحلية من خلال تأسيس العلامات النافذة في قطاع الضيافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©