الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علي محمد فخرو سنديانة الحلم العربي

علي محمد فخرو سنديانة الحلم العربي
22 يونيو 2016 23:32
عبير زيتون (رأس الخيمة) لم يفتر نشاطه الفكري، وحمية إيمانه بأهمية الوحدة العربية، والتضامن العربي من المحيط إلى الخليج، كحل وحيد لوقف تدهور الوضع العربي السريع نحو النفق المظلم من التجزئة والتفتت، مع تصاعد وتيرة الصراعات المجنونة في مكوناته، والاستباحة التامة لفكره وتاريخه، وما انفكَّ يغرس سؤاله الدامي في جسد الزمن العربي، رافضاً كعربي قومي أن يكون الزمن العربي المعاصر عاطلاً عن العمل، وخارج سياقه الحضاري الذي يملك مقوماته الذاتية لأن يكون كما يريد. ويتساءل في مقالته «أسئلة مرعبة يجب أن تطرح» الآن والعديد من الأقطار العربية الأخرى تتهيأ، وتُهيأ للدخول في النفق المظلم نفسه، هل سنرى البعض يعلن نهاية الدولة الوطنية العربية، بعد أن أعلن البعض سابقاً نهاية شعار الدولة القومية العربية الموحدة؟ هل سندخل عصر النقاش حول طبيعة «ما بعد الدولة الوطنية القطرية»، وهل ستكون مبنية على أسس قبلية، أم أسس مذهبية طائفية، أم أسس عرقية لغوية؟ إنه المفكر السياسي، والكاتب العروبي البحريني علي محمد فخرو، صاحب مسيرة طويلة ذابت في تموضعات وظيفية عدة، تجاوزت في عمرها الزمني أربعاً وثلاثين سنة. عرف كوزير للصحة في أولى وزارات البحرين بعد استقلالها، ثم وزيراً للتربية والتعليم، ثم سفيراً لبلاده في العديد من الدول الأوروبية، كما عرف كأول طبيب بحريني بالمعنى الأكاديمي، قبل أن ينقل مبضعه، من قلوب مرضاه إلى جسد الأمة العربية المريضة، مكرساً حلمه بأمة واحدة، وإيمانه بغد عربي أجمل، مع خبرته الثقافية الطويلة، لتشريح مشاكل الأمة العربية ثقافياً، وسياسياً، واجتماعياً عبر المقالات الفكرية الناقدة، والمشاركات الجريئة في الندوات والحوارات، ومراكز القرار في العديد من المؤسسات الفكرية، والعلمية، العربية والخليجية، المعنية بشؤون الثقافة والفكر، وتحولاتها العاصفة. ولد علي محمد فخرو بالمحرق في البحرين عام 1932. تفوق في دراسته، وأرسلته حكومة البحرين في بعثة دراسية إلى بيروت التي نال البكالوريوس من جامعتها الأميركية عام 1954، ودرجة طبيب عام 1958، قبل أن يكمل دراسته لمدة عشر سنوات في الطب الباطني، وأمراض القلب في الولايات المتحدة. شكلت تجربته الدراسية في بيروت، بالتزامن مع نكبة فلسطين التي بقيت في قلبه ووجدانه، انطلاقة وعيه السياسي، وتجربته الفكرية والعملية في ممارسة العمل السياسي، وكغيره من الشباب المتحمس الغيور على عروبته في ذلك الزمن الخمسيني الجميل، آمن بالوحدة العربية وتحرير فلسطين. يقول في ص 119 من كتاب «من ذاكرة البحرين: ما زلت مؤمناً بالوحدة العربية، ومدافعاً عنها، وأعتقد أنها أهم طرق الخلاص. لو أن الأمة العربية اليوم متحدة، هل تقبل هذه الإهانات التي تلحق بها اليوم، ولو كنا صوتاً واحداً بدلاً من اثنين وعشرين صوتاً لكانت المسألة تختلف، ما زلت مؤمناً بالحرية، بل تعمق فهمي للحرية أكبر، ولا زلت أؤمن إيماناً عميقاً بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية، بدونها لا حرية، ولا وحدة، وإلا ستكون ناقصة». طرح فخرو في كتاباته وحواراته مسارات جوهرية لبناء مشروع نهضوي عربي، يقوم على الوحدة العربية، والديموقراطية، والتنمية، والاستقلال عن أية تدخلات خارجية، مع التجديد الحضاري، وترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية، ويقول في أحد حواراته الصحفية عام 2014 هذه العناصر الستة أؤمن بها إيماناً قاطعاً، ويبقى أن نؤكد ضرورة أن يكون النضال العربي، باتجاه تحقيق كل ذلك نضالاً مشتركاً، لا مجزأً، بمعنى ألا يناضل كل شعب أو كل قطر لوحده، وإن لم تتوافر، عليك أن تذهب لشرائها، وإن لم تتمكن من شرائها عليك أن تصنعها، وتساءل في حواره قائلاً: «أما آن الأوان لأن نفكر من جديد، ونقيم تجربة الفكر الوحدوي العروبي، ونسأل أنفسنا: هل كان هذا الفكر خاطئاً؟ يؤمن فخرو أن الإعداد للمستقبل لا بد أن يكون من البوابة الثقافية، عبر التجديد الثقافي، والانفتاح الفكري، وإعداد الأجيال إعداداً ثقافياً، ولغوياً، يقوم على الاعتزاز بالهوية، واللغة العربية، وتراثها الحضاري، والفكري، ويقول في ندوة حول التجديد الثقافي في البحرين عام 2015: لا يوجد في هذا العالم مجتمع منظم دون وجود ثقافة، وقد تكون هذه الثقافة متخلفة، وقد تكون عدوانية أو في جوهرها ثقافة غيبية، إنما المعيار الأساسي لقيام المجتمعات هو وجود ثقافات. ورغم أن فخرو يصف نفسه برجل الأحلام الكثيرة، والخيبات المتوالية، خاصة أنه أحب الشعر ولم يكتبه، وأحب التمثيل ولم يمثل، وأحب القصة، ولم يكتبها، وعشق الموسيقا ولم يعزفها، إلا أنه ورغم تقدمه في العمر، ما زال يدافع عن حلمه العروبي، لا يكسر وطأته إلا تفاؤل الإرادة، والإيمان بقدرة الشعوب والأوطان على النهوض من جديد، يقول: «لديّ ثقة تامة وكاملة في الشعوب العربية، وتفاؤلي هذا مبني على أن الشعوب لا تموت، وشعبنا العربي من الشعوب الحية التي تمتلك حضارة كبيرة وتراثاً عظيماً أسس له الإسلام المستنير، والثورات وحركات المقاومة التي تمكنت من هزيمة الاستعمار».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©