الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المصريون يترقبون «عاصفة» غلاء جديدة خلال الصيف

المصريون يترقبون «عاصفة» غلاء جديدة خلال الصيف
19 مارس 2012
محمود عبد العظيم (القاهرة) - حذر اقتصاديون وخبراء ماليون بالإضافة إلى اتحاد الغرف التجارية في مصر من موجه جديدة من ارتفاع الأسعار مع التحرك المستمر لمؤشر التضخم لأعلى على مدى الأسابيع الماضية بفعل عوامل داخلية تتعلق ببنية الاقتصاد المصري الهشة. ورغم أن مؤشرات هذه الموجه التضخمية الجديدة بدأت الظهور في العديد من القطاعات والسلع الرئيسية فإن الخبراء يؤكدون أن هذه الموجة سوف تواصل ارتفاعها خلال أبريل المقبل حتى تصل إلى ذروتها خلال موسم الصيف الذي يشكل تقليدياً فترة انتعاش استهلاكي تدفع لمزيد من ارتفاع الأسعار. ويتراوح معدل الارتفاع المتوقع لأسعار السلع الغذائية بين 30 و50% بينما سوف تدور معدلات الارتفاع بين 10 و15% في السلع الوسيطة والمنتجات الصناعية ومواد البناء والأجهزة المنزلية والمعمرة وستنعكس هذه الموجة التضخمية على أسعار الخدمات التي سترتفع أيضا بمعدلات تتفاوت حسب الطلب على كل خدمة واحتياج المصريين إليها. وارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في فبراير الماضي بنسبة 0,7% مقارنة بشهر يناير بينما سجل هذا الرقم ارتفاعاً بنسبة 9,9% مقارنة بشهر فبراير 2011، وهو متوسط الارتفاع السنوي في العديد من السلع الاستهلاكية الرئيسية مما يعني أن هناك سلعاً سجلت ارتفاعاً أكثر من ذلك وهو ما حدث لمعظم السلع الغذائية وفي مقدمتها اللحوم والخضراوات والأسماك إلى جانب أسعار مجموعة الطاقة التي سجلت انفلاتاً غير مسبوق رغم أن معظم السلع المندرجة تحت مجموعة الطاقة سلع مدعومة أو شبه مدعومة حكوميا مما يعكس استمرار الخلل في منظومة التوزيع وسطوة حلقات الاحتكار والاختناق على خريطة التجارة الداخلية في مصر. وتعود أسباب الموجة الجديدة من ارتفاع أسعار السلع الرئيسية في السوق المصرية إلى استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار وبقية العملات الأجنبية أمام الجنيه والقيود التي تفرضها البنوك على عمليات الاستيراد من الخارج، إلى جانب انعدام الرقابة على حركة التجارة الداخلية وتراجع الإنتاج المحلي للعديد من السلع الأساسية. وعلى صعيد أسعار العملات الأجنبية الرئيسية التي يجري الاستيراد بها من الخارج وخاصة اليورو والدولار، فقد سجل كل منها ارتفاعا ملموسًا خلال الأسابيع الماضية بسبب تراجع موارد مصر من العملات الأجنبية وتراجع قدرة البنك المركزي المصري على مساندة سعر صرف الجنيه بسبب استمرار تناقص الاحتياطي النقدي الأجنبي والذي بلغ 15,7 مليار دولار مقابل 36 ملياراً خلال الفترة المماثلة من العام الماضي. وهذه الأسباب دفعت بسعر صرف اليورو ليكسر حاجز ثمانية جنيهات بينما يدور سعر صرف الدولار حول 605 قروش مما انعكس على أسعار السلع المستوردة والمنتجة محليًا والتي يدخل في مكوناتها مواد خام أو سلع وسيطة مستوردة. ويرتبط بارتفاع سعر صرف اليورو والدولار تلك القيود التي بدأت البنوك وبتعليمات من البنك المركزي في وضعها على عمليات الاستيراد من الخارج لاسيما استيراد السلع الاستهلاكية التي تدخل تحت بند الترفية لتخفيف الضغط على الدولار. وأدت هذه القيود إلى تجدد مخاوف المستوردين من عرقلة عمليات الاستيراد بصفة عامة سواء كان استيراداً ضرورياً أو غير ذلك وبدأ القلق في الازدياد بين أوساط المستوردين مما انعكس على أسعار السلع التي لا تزال في طريقها إلى البلاد أو التي جرى استيرادها في وقت سابق وتخزينها انتظاراً لمثل هذه الإجراءات التي كانت متوقعة وبالتالي حصد أرباح إضافية. والعامل الآخر وراء الموجه الجديدة من ارتفاع أسعار السلع الرئيسية في مصر هو تراجع معدلات إنتاج هذه السلع محلياً بسبب استمرار عمليات قطع الطرق والانفلات الأمني التي تحول دون انسياب حركة البضائع والمواد الخام بين محافظات مصر إلى جانب استمرار موجه الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية وارتفاع تكلفة الإنتاج خاصة بالنسبة للسلع الزراعية. وزاد على ذلك أسباب طارئة تتعلق بظهور أمراض وبائية سواء التي تصيب النباتات والمحاصيل أو تصيب الثروة الحيوانية والداجنة مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعارها ولأسباب غير اقتصادية وهو ما انعكس على أسعار سلع أخرى مرتبطة بها. ويجمع تجار ومتعاملون في الأسواق على أن الموجه التضخمية الجديدة سوف تكون الأسوأ من نوعها منذ اندلاع ثورة يناير، حيث يشيرون إلى أن ارتفاع الأسعار التي شهدتها الأسواق طيلة العام الماضي كانت بسبب تحكم قوى الاحتكار في عمليات توزيع السلع بينما كانت السلع متاحة في مخازن التجار، إلا أن الموجه الجديدة يزيد عليها عامل آخر أكثر خطراً ويتمثل في نقص حقيقي من المعروض بالسلع أي أن الاحتكارات يصاحبها هذه المرة نقص في المعروض. ويقترح الخبراء والتجار ضرورة ترشيد قرارات الاستيراد بنوع من الشفافية حيث تعلن قوائم السلع غير المرغوب في استيرادها حتى لا تشكل ضغطاً على موارد العملة الأجنبية بالبلاد والزام البنوك بهذه القوائم حيث إن ما يجري حالياً هو نوع من الانتقائية والتمييز بين العملاء من جانب بعض البنوك التي لا تلتزم حرفيا بتعليمات البنك المركزي في هذا الشأن. كما يقترح هؤلاء استمرار العمل بقواعد تغطية الاعتمادات المستندية من جانب المستوردين من دون استثناءات مما يخفف الأعباء عن الجهاز المصرفي. ويؤكد أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، أن البداية الحقيقية للتصدي للموجة التضخمية المتوقعة في أسعار السلع الرئيسية خاصة السلع الغذائية تتمثل في العمل بجدية من أجل تنظيم حركة التجارة الداخلية والتصدي للعشوائية التي تتحكم في مفاصل هذه الحركة بدءاً من عمليات التسعير والتخزين والنقل، لا سيما وأن نسبة النشاط غير الرسمي وغير المسجل في مجال التجارة الداخلية كبيرة ومن أعلى المعدلات في المنطقة ومن ثم فإن تنظيم حلقات التوزيع المختلفة يسهم في القضاء على الاحتكار ويعزز شفافية السوق وينعكس على التسعير لأنه في هذه الحالة سوف يتم التعرف بدقة على كميات السلع المتاحة وتكلفتها. ويضيف أن هذا التنظيم يؤدي إلى دمج التجارة غير الرسمية في النشاط الاقتصادي العام مما يتيح للقائمين على هذه التجارة فرص الحصول على تمويل من البنوك لتوسيع تجارتهم وإتاحة المزيد من السلع للمستهلكين بصورة أفضل وبمعدلات ربح غير مبالغ فيه. ويشير محمد المصري، رئيس الغرفة التجارية في بورسعيد، إلى ضرورة تعزيز قدرات الإنتاج المحلية خاصة في مجال السلع الغذائية حيث أن الفوضى الراهنة واستمرار الاحتجاجات الفئوية والاعتصامات والإضرابات أدت إلى نقص الإنتاج وصعوبة نقل السلع والمواد الخام من منطقة لأخرى في التوقيتات الملائمة وبالتالي هناك من يستغل ذلك برفع أسعار البضائع التي تكون في حوزته. ويشدد على أهمية الدور الحكومي الرقابي في المرحلة القادمة لكسر حلقات الاحتكار وفك الاختناقات في شبكات التوزيع لا سيما في مجال السلع الحيوية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©