الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علم البيان «14»

22 يونيو 2016 23:40
في باب الاستعارة، عرفها الرُمّاني بأنها تعليق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإنابة، وفرق بين التشبيه والاستعارة، فما كان من التشبيه بأداة التشبيه في الكلام فهو على أصله لم يغير عنه في الاستعمال وليست كذلك الاستعارة؛ لأن مخرج الاستعارة مخرج ما ليست العبارة له في أصل اللغة، وكل استعارة فلا بد فيها من مستعار ومستعار له ومستعار منه، فاللفظ المستعار قد نقل عن أصل إلى فرع للبيان، وكل استعارة بليغة فهي جمع بين شيئين بمعنى مشترك بينهما يكسب بيان أحدهما بالآخر كالتشبيه، إلا أنه بنقل الكلمة أو التشبيه بأداته الدالة عليه في اللغة، وكل استعارة حسنة، فهي توجب بلاغة بيان لا تنوب منابه الحقيقة، وذلك لو كان تقدم مقامة الحقيقة كانت أولى به ولم تجز الاستعارة. والفرق بين التشبيه والاستعارة أن الاستعارة هي تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه «المشبه والمشبه به»، فإذا لم يحذفا فهذا تشبيه. ومن الأقسام العشرة التي حصرها الرُمّاني في البلاغة «التلاؤم» وهو نقيض التنافر، والتلاؤم في تعديل الحروف في التأليف، والتأليف على ثلاثة أوجه: متنافر، ومتلائم في الطبقة الوسطى، ومتلازم في الطبقة العليا، والمتلائم في الطبقة العليا القرآن كله، وذلك بين لمن تأمله، والفائدة في التلاؤم حسن الكلام في السمع، وسهولته في اللفظ وتقبل المعنى له في النفس لما يرد عليها من حسن الصورة وطريق الدلالة، ومثل قراءة الكتاب في أحسن ما يكون من الخط والحرف، قراءته في أقبح ما يكون من الحرف والخط، فذلك متفاوت في الصورة، وإن كانت المعاني واحدة. وأيضاً من الأقسام العشرة (الفواصل)، وقد عرفها الرُمّاني بأنها حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني، والفواصل بلاغة، والأسجاع عيب، ذلك أن الفواصل تابعة للمعاني، أما الأسجاع فالمعاني تابعة لها، وهو قلب ما توجبه الحكمة في الدلالة، إذ كان العرض الذي هو حكمة إنما هو الإبانة عن المعاني التي الحاجة إليها ماسة. ومن الأقسام العشرة «التجانس» وهو بيان بأنواع الكلام الذي يجمعه أصل واحد في اللغة، والتجانس عنده وجهان: مزاوجة ومناسبة، فالمزاوجة تقع في الجزاء كقوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) أي جازوه بما يستحق على طريق العدل، إلا أنه استعير للثاني لفظ الاعتداء لتأكيد الدلالة على المساواة في المقدار فجاء على مزاوجة الكلام لحسن البيان، وهو الوجه الذي يعرف عند البلاغيين باسم «المشاكلة» والوجه الثاني من المجانس وهو المناسبة، وهي تدور في فنون المعاني التي ترجع إلى أصل واحد، فمن ذلك قوله تعالى: (انصرفوا صرف الله قلوبهم)، فجونس بالانصراف عن الذكر صرف القلب عن الخير، وأما قلوبهم فذهب عنها الخير، وهذا الوجه ضرب من الجناس عند البلاغيين. ومن الأقسام المذكورة في الكتاب «التصريف»، وهو عند الرُمّاني يعني تصريف المعنى في المعاني المختلفة، ويأتي لوجوه من الحكمة منها التصرف في البلاغة من غير نقصان عن أعلى مرتبة، ومنها تمكين العبرة والموعظة، ومنها حل الشبهة في الموجزة. أما «تضمين الكلام»، فيعني حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم أو صفة هي عبارة عنه، وهو على وجهين: أحدهما ما كان يدل عليه الكلام دلالة الإخبار، والآخر ما يدل عليه دلالة القياس، فالأول كذكرك الشيء بأنه محدث، فهذا يدل المحدث دلالة الإخبار. أما التضمين الذي يدل عليه دلالة القياس، فهو إيجاز في كلام الله عز وجل خاصة؛ لأنه تعالى لا يذهب عليه وجه من وجوه الدلالة، فنصبه لها يوجب أن يكون قد دل عليها من كل وجه يصح أن يدل عليه، فمن ذلك «بسم الله الرحمن الرحيم» قد تضمن التعليم لاستفتاح الأمور على التبرك به، والتعظيم لله بذكره، وأنه أدب من آداب الدين وشعار للمسلمين. أما المبالغة عنده، فهي الدلالة على كبر المعنى على جهة التغيير عن أصل اللغة لتلك الإبانة، ولها ستة أوجه هي: المبالغة المعدولة عن الجارية بمعنى المبالغة، لها ابنية كثيرة منها فعلان، فعال، وفعال، وفعول، ومفعل ومفعال والمبالغة بالصيغة العامة في موضع الخاصة، كقوله تعالى: (الله خالق كل شيء). وإخراج الكلام مخرج الإخبار عن الأعظم الأكبر للمبالغة، كقوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) فجعل مجيء دلائل الآيات مجيئاً له على المبالغة في الكلام. وإخراج الممكن إلى الممتنع للمبالغة، نحو قوله تعالى: (لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط). وإخراج الكلام مخرج الشك للمبالغة في العدل والمظاهرة في الاحتجاج، فمن ذلك: (وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) ومنه (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين). وحذف الأجوبة للمبالغة كقوله تعالى: (لو ترى إذ وقفوا على النار) و(لو يرى الذين ظلموا حين يرون العذاب) ومنه (ص. والقرآن ذي الذكر) كأنه قيل لجاء الحق أو لعظم الأمر أو لجاء الحق بالصدق كل ذلك يذهب إليه الوهم لما فيه من التفخيم، والحذف أبلغ الذكر، لأن الذكر يقتصر على وجه، والحذف يذهب فيه الوهم إلى كل وجه من وجوه التعظيم، لما تضمنه من التفخيم. وأخيراً «باب البيان»، وقد عرف البيان بأنه الإحضار لما يظهر به تميز الشيء من غيره في الإدراك، والبيان عنده أربعة أقسام: كلام، وحال، وإشارة، وعلامة. تلك هي أقسام البلاغة العشرة كما أوردها الرُمّاني وفصل في القول في كل منها، واستشهد لها من كتاب الله بما بين وجه البلاغة فيه. * المرجع البيان العربي - دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى - تأليف الدكتور بدوي طبانه طبعة منقحة 1972م. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©