الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمين: التكفير بين المسلمين يناقض الوحدة التي أسسها الإسلام

الأمين: التكفير بين المسلمين يناقض الوحدة التي أسسها الإسلام
26 أغسطس 2009 02:33
أكد العلامة الشيعي السيد علي الأمين رفضه تكفير الخلفاء وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم أو التعالي عليهم، معتبراً أن الفتاوى التي صدرت عن بعض فقهاء الشيعة في هذا الأمر لا تعبّر إلا عن آراء أصحابها الذين اعتمدوا في فتاويهم على «خطأ في المنهج يتمثل في اعتبار الإمامة أصلا من أصول الإيمان، حتى أصبح الإيمان خاصا بهم وبأتباعهم.» وأضاف الأمين في المحاضرة التي ألقاها بعنوان «زبدة التفكير برفض السب والتكفير» بحضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مساء أمس الأول، أن منطق التكفير يقع على طرف النقيض من الوحدة التي أسسها الإسلام على النطق بالشهادتين وقد شكل هذا المنطق أكبر الأخطار التي زعزعت الوحدة الاعتقادية بين المسلمين وبنيانهم الاجتماعي. وأكد أن خطر التفرق والتشرذم هو التحدي الأكبر الذي يواجهه الدعاة اليوم لأنه الخطر الذي يفجر الأمة من داخلها، إنه خطر التفرق والتشرذم، مشيرا إلى أن الحركات الدينية المعاصرة فشلت في الانتصار على هذا التحدي لأنها تحولت من حركات للدعوة إلى حركات باحثة عن السلطة. وقال الأمين إن هناك آثارا إيجابية كبرى تترتب على التقارب بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم، لذلك أطلق العلماء والمصلحون دعوات التقريب بين المذاهب الإسلامية في فترات عديدة ومنذ مدة طويلة، لمواجهة الأخطار التي تحصل من الانقسام والتباعد التي يحاول أعداء الأمة الاستفادة منها لإيقاع النزاعات بين أبناء الأمة الواحدة لإضعافها وتفكيكها من الداخل. وشدد على أن الدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية هي من أعظم الخير والمعروف فأي خير هو أعظم من السعي إلى تقريب الأمة بعضها من البعض الآخر طلباً لوحدتها وتعزيزاً لقوتها. وأوضح أن الشعوب الأخرى استراحت من النزاعات الداخلية والصراعات الدينية، وتوجهت إلى بناء دولها ومجتمعاتها وأوطانها على أسس من العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان تحت ظل القوانين والمؤسسات التي تحفظ الوحدة والتماسك والتعاون، لافتا إلى أن هذا كان شأن الأمة الإسلامية في ماضيها المجيد عندما تعاونت أفرادها وجماعاتها على البرّ والتقوى مبتعدين عن الإثم والعدوان. وأكد الأمين أن المصدر الأساسي لدعوة التقريب التي اعتمدها المصلحون هو القرآن الكريم، حيث جاء في القرآن الحث على ذلك في آيات عديدة. علماء التكفير وانتقد العلامة الأمين بشدة بعض العلماء الذين نصبوا أنفسهم قسماء الجنة والنار، ويرى أنهم «أرجعونا إلى عهد صكوك الغرفان وميزان الكفر والإيمان وأطلقوا العنان لفتاويهم في الحكم بالتكفير والإسلام وامتلكوا بأيديهم مفاتيح الجنة والنار فمن كان من أتباعهم دخل الجنة ومن خالفهم دخل النار مع أنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.» واستعرض الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي تنفي منطق التكفير لمجرد الاختلاف في الرأي الداخل في إطار الاجتهاد المشروع في الكتاب والسنة ومنها: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم عليه النار). ومنها أيضا قوله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على ثلاث: أهل لا إله إلا الله لا تكفروهم بذنب ولا تشهدوا عليهم بشرك، ومعرفة المقادير خيرها وشرها من الله، والجهاد ماض إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك جور جائر ولا عدل عادل). رفض التكفير وأكد الأمين ضرورة أن يتعاون العلماء وأولو الأمر على النهي عن ما يحدث في الأمة من انقسام بسبب التكفير، خاصة أن هذا المرض وقع في الماضي ولا يزال يقع في زماننا والعلاج لهذا المرض الخطير أن تتضافر جهود العلماء وأولي الأمر على رفض هذا النهج على ضوء الكتاب والسنة. وأوضح أن السلف الصالح من الأئمة والمصلحين أجمعوا على أنه لا يجوز تكفير أحد من أهل القبلة بذنب إلا أن يكون مستحلاً له كأن يقول حرم الله هذا العمل ورسوله وأنا أراه حلالاً والعياذ بالله، كالذي يقتل مؤمناً مستحلاً دمه فإنّ هذا من الذين غضب الله عليهم وأعدّ لهم عذاباً أليماً. وتطرق السيد علي الأمين إلى بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تحرم دم المسلم الذي نطق بالشهادتين، معتبرا أن هذه الأحاديث تفيد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل الإسلام بمجرد النطق بالشهادتين ولم يسأل عن معنى التوحيد ودقائقه وخفاياه ومصطلحات علماء الكلام والفلسفة ولم يسأل عن الإمامة ودورها. وقال: «إننا نرى أن بعض أهل العلم تحت عنوان التوحيد تخفى عليه مقاصد الشريعة في الحفاظ على الوحدة وتحت عنوان الإمامة يغيب عنه لزوم الحفاظ على الألفة والجماعة فلا يجوز تحت شعار المحافظة على التوحيد أن نخسر وحدتنا، ولا يجوز تحت شعار الإمامة أن نفرق جماعتنا» مخاطر الانقسام وانتقل السيد الأمين في محاضرته إلى الحديث عن مخاطر الفرقة والانقسام حيث كانت الفرقة في أوائل الدعوة الإسلامية من أكبر التحديات التي واجهت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نجح في توحيد العرب والمسلمين. ويرى أن معظم الحركات الدينية في العالم الإسلامي وقع في فخ التفرقة والانقسام لأنها تبحث عن السلطة والحكم، وانتشرت النزاعات والصراعات على السلطة تحت ستار الدين والمذهب وغير ذلك من الشعارات، كما هو الحال في إيران والعراق واليمن والصومال ولبنان وغزة وغيرها من الأقطار الإسلامية حيث يقع التقاتل باسم الإسلام دون رحمة لبعضهم البعض خلافاً لقوله تعالى (رحماء بينهم) . مناقشة لآراء العلماء ويرى العلامة السيد علي الأمين أنه يجب مناقشة أقوال الماضين في التكفير وعدم الإفساح لتلك الفتاوى أن تطل برأسها من جديد والدعوة إلى عدم صحة التقليد في مثل هذه الفتاوى التي لا تعبر إلا عن آراء أصحابها. وأضاف: «رفضنا في بعض الحوارات التي جرت معنا ما نسب إلى بعض فقهائنا من تكفير الخلفاء والصحابة وقلنا إن هناك خطأ في المنهج قد اعتمدوا عليه ويتمثل ذلك الخطأ في اعتبار الإمامة أصلاً من أصول الإيمان حتى أصبح مصطلح الإيمان عندهم خاصاً بهم وبأتباعهم فضيقوا واسعاً واحتكروا صفة الإيمان لهم.» وأوضح أن هناك العديد من الآيات الكريمة التي أطلقت اسم المؤمنين على الذين آمنوا بالله ورسوله واليوم الآخر، وهي ليست خاصة بطائفة أو مذهب، مشيرا إلى أن هذا المنهج الخاطئ الذي يحتكر الإيمان ويغلق أبوابه على فئة خاصة، هو مخالف لنصوص الكتاب والسنة، ويشبهه في ذلك، المنهج الذي يحصر فهم التوحيد به ويغلق أبواب الإسلام الواسعة على منهج معين أو مذهب محدد تحت شعار الفرقة الناجية. وقال إن الفرقة الناجية هي الداعية إلى الخير والنابذة للفرقة والانقسام والباحثة عن نجاة الأمة كلها من خلال دعوة الخير التي تتضمن وحدتها وترفض عوامل فرقتها وهي التي تحدث عنها القرآن الكريم بقول الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). عدم التقليد في التكفير وأكد العلامة السيد علي الأمين أنه لا يصح التقليد للعلماء في مسائل التكفير لأنها من المواضيع ومسائل التاريخ التي لا تعبر عن حكم شرعي، موضحاً أن الأخذ برأي العلماء إنما يكون في الأحكام الشرعية وليس في الموضوعات الشخصية والخارجية التي يترك فيها التشخيص والتحقق منها لنفس الشخص وليس لغيره. فالعالم يقول مثلاً: الماء طاهر والخمر حرام، ولكن تطبيق عنوان الماء على المائع الخارجي أو الخمر لا يكون برأيه وتشخصيه، وإنما يكون بيد العامل بهذا الحكم فقد يثبت لديه أن هذا ليس ماءً أو ليس خمراً وهكذا. موقف الحكومات وحول دور الحكومات وأولي الأمر لمواجهة فتاوى التكفير ودعاوى التفرقة في الأمة أوضح السيد علي الأمين أنه لا يجوز أن تقف الحكومات وأولياء الأمور موقف اللامبالاة إزاء الفوضى العارمة في عالم الفتاوى الذي أمسكت به الأحزاب والتنظيمات الدينية التي أصبحت لها سلطة التوجيه والارشاد للمسلمين في الشارع الإسلامي. وقال: «في الوقت الذي يسعى فيه أولو الأمر لإقامة أحسن العلاقات بين الدول الإسلامية وشعوب العالم، تسيء تلك الفتاوى إلى علاقات المسلمين بعضهم مع البعض الآخر فضلاً عن العلاقة مع الشعوب الأخرى.» ضبط الفتاوى اختتم السيد الأمين محاضرته بتقديم بعض المقترحات لضبط الفتاوى والدراسة الدينية: ? تنظيم السلك الديني بإنشاء هيئة علمية إسلامية تمنح الشهادات الدينية حسب درجات التحصيل العلمي كخطوة أولى على صعيد تنظيم السلك الديني في العالم الإسلامي. ? إنشاء لجنة عليا للإفتاء يرجع إليها المسلمون في أحكامهم الشرعية ومناسباتهم الدينية. ? إنشاء جامعة مشتركة بين مختلف المذاهب والفرق الإسلامية يدرس فيها علم الفرق والمذاهب الإسلامية. ? التعليم الديني في المدارس يكون بإنشاء كتاب يتحدث عن المشتركات من القيم الدينية والأخلاقية العامة التي تركز على وحدة الأمة وأما الخصائص المذهبية فهي مهمة المعاهد الدينية ومراكز العبادة والتوجيه. وبعد انتهاء المحاضرة، وجه الحضور أسئلتهم إلى العلامة السيد علي الأمين والتي تركزت على موضوع المحاضرة. الحضور شهد محاضرة السيد علي الأمين، والتي كانت أولى محاضرات الموسم الرمضاني الجديد التي ينظمها مجلس سمو ولي عهد أبوظبي خلال ليالي شهر رمضان المبارك في كل عام، سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، ومعالي عبدالعزيز عبدالله الغرير رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والعميد الركن الدكتور الشيخ سعيد بن محمد آل نهيان نائب المفتش العام بوزارة الداخلية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة، والشيخ محمد بن نهيان آل نهيان، ومعالي الدكتور حنيف حسن علي وزير الصحة، ومعالي حميد محمد عبيد القطامي وزير التربية والتعليم، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي وأصحاب الفضيلة العلماء ضيوف رئيس الدولة وعدد من كبار المسؤولين في الدولة والشخصيات المهمة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©