الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الصحيفة السويدية: استغلال إسرائيلي مفرط

أزمة الصحيفة السويدية: استغلال إسرائيلي مفرط
26 أغسطس 2009 02:36
جاء الرد على مقال نشرته إحدى الصحف السويدية ويتهم الجيش الإسرائيلي بالاتجار بأعضاء الفلسطينيين، واضحاً وصارماً: يتعين على الحكومة السويدية التنديد بما نشرته صحيفة «أفتونبلاديت»في الأسبوع الماضي. لكن من وجهة نظر ستوكهولم فإن الجواب بسيط وواضح أيضًا: على إسرائيل أن تقبل بأنه في الديمقراطيات تتمتع الصحف بكامل الحرية لنشر ما تريده وأنه ليس من اختصاص الحكومة التدخل في شؤونها. وبين وجهتي النظر هاتين تتراءى الهوة بين فهمي الطرفين، والتي تؤسسها الاختلافات الثقافية بين أوروبا والشرق الأوسط. فقد بدأ السجال خلال الأسبوع الماضي عندما نشرت الصحيفة السويدية مقالا للصحفي «دونالد بوستروم» قال فيه إنه عندما كان يعمل في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1992 سمع إشاعات عن قيام عناصر في الجيش الإسرائيلي بانتزاع أعضاء من المعتقلين الفلسطينيين، وأن موظفاً أمميا لم يذكر اسمه أكد له بأن «سرقة الأعضاء البشرية حصلت بالفعل»، وهو ما دفع الصحفي إلى مطالبة السلطات الإسرائيلية بفتح تحقيق في الموضوع وإعادة النظر فيما يُتداول من تسريبات، لاسيما بعد إلقاء القبض في الشهر الماضي على يهودي أميركي اتهم بالتخطيط لشراء كلية من أحد الإسرائيليين لبيعها لمريض أميركي. لكن المقال أثار انزعاج المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم وزير الخارجية «ليبرمان» الذي شبه المقال بما كان يوجه لليهود في القرون الوسطى من تهم قتل الأطفال المسيحيين واستخدام دمهم في صناعة فطيرة تقليدية يعدها اليهود في عيد الفصح، بل اعتبر سكوت الحكومة السويدية عن إدانة ما نشرته الصحيفة أمراً يذكر بصمت السويد خلال الهولوكوست. ومن جانبه أعلن وزير المالية الإسرائيلي «يوفال شتينتز» أن المسؤولين السويديين «ربما لن يكون مرحباً بهم في إسرائيل». والمشكلة أن السويد تترأس الاتحاد الأوروبي في دورته الحالية، وكان من المقرر أن يزور وزير خارجيتها «كارل بيلت» إسرائيل مطلع شهر سبتمبر القادم. وفي تعليقه على الجدل الدائر بين السويد وإسرائيل، قال «يورام بيري»، رئيس معهد «تشيم هيرزوج» للإعلام بجامعة تل آبيب، إن التقرير وضع أصبعه على وتر حساس بالنسبة للإسرائيليين الذين أصلا لا يثقون في الأوروبيين ويشعرون بأن صحف القارة تميل في تغطيتها للصراع في الشرق الأوسط إلى الفلسطينيين. وفيما يؤكد بأن المقال في حد ذاته لا يحمل أي قيمة، فإن ليبرمان وباقي السياسيين الإسرائيليين، ربما بالغوا في ردة فعلهم ونفخوا كثيراً في السجال الدائر حالياً بين الجانبين، وقد لا يخلو الأمر من أغراض سياسية. والحقيقة أن ليبرمان عكس مشاعر العديد من الإسرائيليين الذين لا يفهمون وجهة النظر الغربية ويخلطون بين النقد المشروع وبين المعاداة للسامية والانحياز للفلسطينيين، ذلك أن القليل فقط من السياسيين يتمتعون بما يكفي من الفهم للتفريق بين العمل الصحفي المهني وبين الانتقادات التي تغذيها دوافع أخرى، وهو ما يؤكده الباحث في مجال الإعلام «يورام بيري» الذي يقر بوجود حساسية لدى الإسرائيليين إزاء الانتقادات الأوروبية والتي غالباً ما توضع في خانة كراهية اليهود ومعاداة السامية. لكن ليبرمان وباقي السياسيين ربما فاقموا الوضع أكثر بإثارتهم الجدل علناً وتوجيهه ضد المسؤولين السويديين. فقد كان بمقدور ليبرمان وغيره، التعامل مع الموضوع بعصبية أقل دون تحويلها إلى قضية سياسية، وهو ما تتفق معه صحيفة «هآرتس» التي وصفت ردة فعل ليبرمان بأنها «لا تقل من حيث التحريض والتشدد عن المقال نفسه». لكن صحفاً أخرى أكثر شعبوية تبنت رأياً مختلفاً مثل صحيفة «معاريف» التي كتب فيها «بين دور يمني» يقول إن المقال كان بالفعل شبيها بما عاناه اليهود في القرون الوسطى من اتهامات بذبح الأطفال المسيحيين. أما في «يديعوت أحرنوت» فقد كتب «إيان هبير» مقالا في عمود بالصحفة الأولى يقول فيه «إن حرية الصحافة لا تعني نشر الأكاذيب التي تبرر قتل الجنود الإسرائيليين... فهل سيكون من اللائق في السويد لو أن صحفياً كتب على سبيل المثال أن الأسرة الحاكمة تدير بيتاً للدعارة؟». وفيما يشكل الجدال الراهن فرصة جديدة لمعاهد الصحافة كي تناقش حرية الصحافة مقابل المسؤولية الاجتماعية، تتواصل التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية، حيث تشتد الضغوط على وزير الخارجية السويدي الذي من المرتقب أن يزور إسرائيل في الشهر القادم، للنأي بنفسه عن الصحيفة واستنكار ما جاء في المقال، هذا فيما تتصاعد بعض الأصوات الإسرائيلية مطالبة بمقاطعة منتجات سويدية مثل شركة «إيكيا» للأثاث وغيرها من السلع والبضائع. لكن، وفي أثناء ذلك، نشرت الصحيفة السويدية نفسها مقالا ثانياً حول موضوع سرقة الجنود الإسرائيليين لأعضاء بشرية من الفلسطينيين بتطرقها إلى قصة أسرة فلسطينية استلمت جثة ابنها البالغ من العمر 19 سنة كان قد قتله الجنود الإسرائيليون عام 1992 وبه جرح يمتد من رقبته إلى معدته، حيث دعت الصحيفة إلى فتح تحقيق في الموضوع لنفي ما يتردد عن متاجرة الجيش الإسرائيلي بأعضاء الفلسطينيين. إلين براشير -القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©