الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالوهاب بن خلف.. القاضي والوزير والعالم

عبدالوهاب بن خلف.. القاضي والوزير والعالم
27 أغسطس 2009 00:40
كان عبدالوهاب بن خلف أحد الأئمة الأعلام وله اليد الطولى في الفقه والحديث وعلوم القرآن والتفسير، وكان عارفاً بالمذاهب ومتبحراً في الأحكام السلطانية. جمع بين القضاء والوزارة وامتاز بالعدل وسعة العلم حتى قيل عنه «عبدالوهاب بن خلف آخر قضاة العدل». ويقول الدكتور عبدالرحمن عميرة، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقاً: «ولد القاضي عبدالوهاب بن خلف تاج الدين ابن بنت الأعز في مستهل سنة 604 هـ وكان رجلاً فاضلاً ذكي الفطرة حاد القريحة صحيح الذهن رئيساً عفيفاً نزيهاً جميل الثياب حسن السيرة مقدماً عند الملوك ذا رأي سديد وذهن ثاقب وعلم جم. سمع من جعفر الهمذاني وقرأ سنن أبي داود على الحافظ زكي الدين»• عمق الذاكرة كان يعلم أن كل شيء في هذا الكون منقاد لقاعدة معينة وقانون خاص فالشمس والقمر والنجوم مسخرات تحت قاعدة مطردة لا قبل لها بالحراك منها والخروج عليها. والأرض تدور حول قضبها والجمادات والنباتات والحيوانات لا تحيا ولا تموت إلا من خلال قانون الله الذي جعله لعباده. وسمى هذا القانون شرع الله الذي جاءت به الرسل جميعاً من عند خالق الأرض والسماوات وموجد الحياة والموت، وقال الله تعالى: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم» البقرة 127-128• ونشأ قاضي القضاة عبدالوهاب بن خلف وعرف كل شاردة وواردة في شرع الله وعاش حياته لها حتى ولي قضاء القضاة بالديار المصرية. وبالإضافة إلى عمله في القضاء، أُضيف إليه عمل في الوزارة وتدريس فقه الإمام الشافعي والتدريس في الصالحية والخطابة والمشيخة حتى اجتمع له من المناصب ما لم يجتمع لغيره، وكان يقال: عبدالوهاب بن خلف آخر قضاة العدل. وكان الشيخ الباجى يصفه بالعدل والفهم وعمق الذاكرة وقوة الإيمان. وقال عنه شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد: «لو تفرغ ابن بنت الأعز للعلم لفاق الجميع في عدله وقوة ذاكرته وسرعة بديهته». وعن بعض الكبراء والعلماء في مصر أنه قال: «قاضيان حجة الله على القضاء ابن بنت الأعز وابن البارزى قاضي حماه»• وفي أيامه، جدد الملك الظاهر القضاة الثلاثة في القاهرة ثم دمشق وكان سبب ذلك أنه سأل القاضي تاج الدين في أمر فامتنع من الدخول فيه. فقيل له مر نائبك الحنفي. وكان القاضي، وهو شافعي يستنيب من شاء من المذاهب الثلاثة فامتنع من ذلك أيضاً فجرى ما جرى وكان الأمر متخصصاً للشافعية، فلا يعرف أن غيرهم حكم في الديار المصرية منذ أن وليها أبوزرعة محمد بن عثمان في عام 284 هـ إلى زمان الظاهر، إلا أن يكون نائباً يستنيبه بعض قضاة الشافعية في جزئية خاصة كذا دمشق لم يلها بعد أبي زرعة إلا شافعي غير أن «التلا شاعونى» التركي الذي وليها أياماً معدودة. ينتصر للحق يقول القاضي عبدالوهاب: «سمعت الشيخ الإمام الوالد يقول: سمعت صدر الدين بن المرحل -رحمه الله- يقول ما جلس على كرسي ملك مصر غير شافعي إلا وقتل سريعاً، وهذا الأمر يظهر بالتجربة، فلا يعرف غير الشافعي إلا قطز -رحمه الله- الذي كان حنفياً ومكث يسيراً وقتل، وأما الظاهر بيبرس، فقلد الشافعي واستثنى الشافعية الأوقاف وبيت المال والنواب وقضاة البر والأيتام وجعلهم السادة العاملين ومع ذلك قيل إنه ندم على ثلاث: الأولى ضم غير الشافعية إليهم. والثانية العبور بالجيوش إلى الفرات. والثالثة عمارة القصر الأبلق بدمشق»• وكان الإمام عبدالوهاب متديناً عفيفاً ورعاً لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يقبل شفاعة أحد وينتصر للحق والعدل مع ذكاء وسرعة إدراك. توفي -رحمه الله- ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 665 بالقاهرة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©