الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيروت جمال عابر للأحزاب والطبقات

بيروت جمال عابر للأحزاب والطبقات
28 يونيو 2008 21:10
يبدو أن اللبنانيين أصبحوا محترفين في ممارسة فن الحياة والاستمتاع بها رغم كل الصعاب التي مرت بهم· فبالإضافة إلى عشقهم للثقافة والفن وتميزهم بالأناقة قرروا هذه الأيام التعبير عن حبهم للطبيعة· لذلك نقلوها إلى قلب عاصمتهم بيروت عبر ''مهرجان الربيع'' أو ما سمي بـ ''جاردن شو''، الذي جمع جمال الطبيعة مع جمال التراث وروعة التصميم وبهاء الأخضر المريح· للسنة الخامسة على التوالي، يقام معرض الربيع في ميدان سباق الخيل، ليقدم لعشاق الورد مجموعات متنوعة من ''الشتلات'' والزهور وديكورات الحدائق، بل ويلتفت أيضاً إلى محور جديد هو السياحة البيئية التي سوَّق من خلالها لمفهوم هذا النوع الجديد من السياحة عبر نشر التوعية فيما يخص حرائق الغابات التي يعاني منها لبنان من وقت لآخر· على امتداد ميدان سباق الخيل انتشرت المساحات الخضراء والورود الحمراء والبيضاء والصفراء، تحت اشجار الصنوبر العالية، لتمتزج روائح الجاردينيا العطرة بالورد الجوري ورائحة الصنوبر، وتنعكس ابتسامات فرح على وجوه المشاركين والزوار· وعلى أنغام الموسيقى الصاخبة، جال زوار المعرض في حديقة الحرفيين لنيلا باسيلي، وسوق الطيب، وسوق المشاتل المنظم من قبل نقابات الزهور وزارعي المشاتل في لبنان، ومعرض ''اكتشف لبنان: المناظر والنكهات'' والجناح الجديد المخصص للجمال والصحة، وعلى قرية الاطفال· خمس عشرة منصّة توزعت على مساحة ميدان سباق الخيل، يتوسّطها علم لبنان مصنوعا من الزهور· شركات وهيئات زراعية ونباتية شاركت في المعرض من أجل ثقافة بيئية جديدة وللترويج لمنتجاتها من الشتلات والنباتات· وبالطبع كان اللون الأخضر هو بطل المعرض الأول والأوحد، فرتبت المنصات الخمس عشرة بطريقة تراتبية بدءا من الشتلات الصغيرة التي وزعت بطريقة هندسية على أرض السباق ثم منصات الزينة الخضراء والملونة التي تستخدم في ديكورات المنازل وتحديدا الحدائق والشرفات، وصولا إلى الحبوب والشتلات المستخدمة في الأراضي الزراعية وحتى الجرافات· باسكال عيد، أحد المشاركين في المعرض، يرى ''أن مشاركة من هذا النوع تسمح لهم بالتواصل مع أنماط مختلفة من الزبائن وليس أفراد الطبقة المخملية فقط، ذلك أن الطبقات المتوسطة والفقيرة تأتي أيضاً إلى المعرض لمشاهدة الزهور والنباتات الصناعية وغيرها''· ويتابع: ''إنهم يشترون المعروضات الجميلة والرخيصة التي تناسب إمكاناتهم''· في السياق نفسه، تؤكد إحدى المشاركات ضمن برنامج تنفذه الأمم المتحدة في لبنان أن ''احتفالية الألوان وبهجة تنسيق الحدائق لم تأخذ منحى طبقياً في المعرض، لأن ترتيب الحدائق ليس رفاهية تجذب الأثرياء فحسب، بل هو مناسبة تستفيد منها الكثير من الجمعيات التنموية لعرض برامجها· فتبيع النساء المنضمّات إلى برنامج )زشء( لدعم التمكين الاقتصادي منتجاتهن البيتية من مربّات وعسل''· المنتجات العضوية كان لها نصيب في المشاركة من خلال ''سوق الطيب'' الذي احتل رقعة كبيرة من مساحة المعرض لعرض منتجات المزارعين العضوية، ولتنفيذ مشروعه مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ''أكل وعيد: ''2008 الذي يهدف إلى تعزيز العيش المشترك، وتدعيم الحفاظ على التراث اللبناني من خلال سلسلة من الأنشطة تنفّذ في مختلف المناطق اللبنانية وتحتفي بالتقاليد والفنون والحرف والمأكولات اللبنانية الخاصة بكل منطقة· تقول جوزيت قصارجيان إحدى المشاركات من خلال مشروع ''أكل وعيد'': ''يعتبر معرض ''الجاردن شو'' مناسبة سنوية مهمة جدا لأنه يسمح لنا أن ننشر ثقافة الغذاء الصحي بين الزوار، خاصة أن الرواد كثيرون جداً''· وتعزو السبب في الإقبال الكبير من الناس إلى ''طبيعة المعرض نفسه المحفزة على حب الطبيعة واحترامها، وتنوع معروضاته ومساحته الواسعة''· جاء المهرجان ليضفي الفرح والبهجة والسرور على قلوب اللبنانيين في فصل الربيع، حيث تتفتح الازهار الجميلة، وتعبق روائحها العطرة في الاجواء لتعيد الامل بمستقبل لبنان وما يمكن أن يقدمه من جمال طبيعي، وابداعات من ابتكار مجموعة من الفنانين الشباب، الذين أرادوا أن يعلنوا عبر مشاركتهم في تقديم الزهور والمعدات الزراعية، وأثاث الحدائق وتصاميمها حبهم للحياة والجمال، مما جعل فكرة المعرض أكثر اتساعاً وشمولية، بحيث يمكن القول إنه ''معرض الحدائق'' بجدارة· أما أجمل النشاطات التي أقيمت خلال مهرجان ''جاردن شو'' فهو مسابقة في تحضير ''التبولة'' تحت شعار ''التبّولة بتجمعنا''، حيث تبارى مشاركون لإعداد أفضل تبّولة تقليدية، وأفضل تبّولة مبتكرة، وأفضل تبّولة شتاء· هذا عدا عن المساحات الواسعة التي كانت مكانا للعب الأطفال وضحكهم وانطلاقهم بحرية بين الزهور ما أتاح لهم أيضا التعرف على أنواعها واكتساب ثقافة بيئية مبكرة· لقد ذهب اللبنانيون - وحسناً فعلوا - إلى الطبيعة، ليبحثوا عندها عن الأمان والهدوء والجمال هرباً من الأزمات السياسية والأمنية التي أرخت ظلالها القاتمة على لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية، وخلق مساحة للقاءات عابرة للمناطق وللطبقات والأحزاب تحت رعاية الطبيعة أم اللبنانيين جميعاً·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©