السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميدفيديف ··· وبوادر التحول مع الأوروبيين

ميدفيديف ··· وبوادر التحول مع الأوروبيين
28 يونيو 2008 22:01
في أول لقاء جمع بينه والقادة الأوروبيين في القمة المشتركة الأخيرة، حاول الرئيس الروسي الجديد ''دميتري ميدفيديف'' التخلص من حدة خطاب سابقه ''فلاديمير بوتين''، وذلك بتبني تكتيك سلوكي جديد مع الأوروبيين، هو اللطف في التعامل معهم، فبعد رحلة ست ساعات أمضاها القادة الأوروبيون على متن الطائرة التي أقلتهم من بروكسيل إلى قلب حقول النفط الروسية، افتتح قادة كل من موسكو وبروكسيل المفاوضات التي طالما تأخرت عن موعدها كثيراً، حول اتفاقية شراكة جديدة بين روسيا وأوروبا، وأكد كلا الطرفين ضرورة فتح صفحة جديدة تهدف إلى رأب الصدع الأوروبي الروسي وتحسين العلاقات بين الجانبين· ومنذ اللحظة الأولى التي جمعت بين كبار قادة الاتحاد الأوروبي ونظرائهم الروس-في مأدبة عشاء أقيمت ليلة الخميس الماضي- قبيل افتتاح المفاوضات الرسمية حول الاتفاقية الجديدة، لاحظ الأوروبيون الفارق الكبير بين سلوك الرئيس الروسي الحالي ''ميدفيديف'' وسلفه ''بوتين'' الذي عرفت عنه حدته وعدوانية نبرته، وعلى حد قول أحد قادة الاتحاد الأوروبي الذين حضروا تلك المأدبة، فقد بدت علامات الاستحياء نوعاً ما على ''ميدفيديف'' في بداية المناسبة، ومن تلك العلامات أنه لم يبادر بالحديث بل ترك للآخرين فتح مواضيع الحوار مع الضيوف، وفي لحظة لاحقة علق ''ميدفيديف'' على النقاش الذي دار عن النزاع القائم حول إصدار تأشيرات الدخول والخروج للأوروبيين المقيمين في روسيا، بقوله: ''إن روسيا كانت مخطئة في تلك الإجراءات''· هذا سلوك ودي ومختلف عن سلوك سلفه ''بوتين''، ولكن يبقى السؤال: هل تظل هذه الفوارق الظاهرية بين ''ميدفيديف'' و''بوتين'' كبيرة حقاً على مستوى الممارسة العملية للسلطة والنفوذ السياسيين؟ هي كبيرة فعلاً على مستوى السلوك الشخصي للرئيسين الروسيين المذكورين، وليس أدل على ذلك من الاختلاف بين ما رآه القادة الأوروبيون هذه المرة من سلوك ''ميدفيديف'' وسلفه السابق ''بوتين'' في القمة التي جمعت بينهم و''بوتين'' في عام ،2006 فعندها كان هناك من أعلن خلافه من الأوروبيين -أثناء مأدبة عشاء- بشأن موقف سيادة القانون وصيانة الحريات العامة في روسيا، فما كان من ''بوتين'' إلا أن التفت إلى رئيس الوزراء الإيطالي حينئذ ''رومانو برودي'' وقال له في وجهه مباشرة: ''اسمع: إن كلمة ''مافيا'' ليست روسية الأصل''، أما قمة صيف العام الماضي التي جمعت بين قادة روسيا والاتحاد الأوروبي التي عقدت في مدينة ''سمارا'' الواقعة جنوب شرق روسيا، فانتهت هي الأخرى إلى شجب أوروبي لاعتقال موسكو لعدد من ناشطي المعارضة المحتجين على ممارسات القمع الحكومي، وكان من أقوى ردود الأفعال الناشئة عنها، تبادل الكلمات النارية الغاضبة بين ''بوتين'' والمستشارة الألمانية ''أنجيلا ميركل''· لكن وعلى رغم هذا الاختلاف السلوكي بين القائدين الروسيين، إلا أن أعضاء الوفد الأوروبي المشاركين في القمة الأخيرة التي اختتمت أعمالها ظهر يوم الجمعة الماضي، قالوا إنهم غادروا سيبيريا دون أن تتضح لهم بعد حدود توازنات السلطة والقوى والنفوذ داخل صفوف الإدارة الروسية المعقدة، كما لم تتضح لهم الصورة بما يكفي عن توزيع المهام والصلاحيات والسلطات بين رئيس الوزراء ''فلاديمير بوتين'' -الذي يترأس الحكومة الحالية- والرئيس ''ميدفيديف''· غير أن ذلك الانطباع لا يقلل من كلمات الثناء على طريقة معاملة ''ميدفيديف'' للأوروبيين، فعلى حد تعليق ''خوسيه مانويل بروزو'' -رئيس المفوضية الأوروبية- فقد نقل عنه قوله: ''لقد رأيت شخصاً أعتقد أن بوسعي العمل معه بارتياح وروح طيبة، شخصاً منفتحاً على الآخرين ومسترخياً في التعامل معهم''، ومضى ''بروزو'' إلى وصف الرئيس الروسي الجديد بأنه منفتح الذهن وراغب فعلاً في التعاون والانخراط مع الآخرين· إلى ذلك رأى فيه بعض المشاركين في الوفد الأوروبي الأخير، شخصية سياسية ليست مصابة بذات الهوس ''البوتيني'' بإبراز دور روسيا ومكانتها في المسرح العالمي، ولا بالثأر لبلاده مما تعرضت له من إهانات خلال عقد التسعينيات، ''أعتقد أنه ينتمي إلى جيل جديد من القادة الروس، يرى أن روسيا قد استعادت مكانتها الدولية سلفاً''، ذلك هو تعليق ''بنيتا فيريرو-والدنر'' مفوضة الاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية· لكن وعلى رغم مشاعر الارتياح هذه التي انتابت القادة الأوروبيين إزاء سلوك الرئيس الروسي الجديد، إلا أنها لا تفلح في إخفاء النزاعات القائمة بين الطرفين، خاصة حول قضايا الطاقة والنشاط التجاري، بما فيها الرسوم الجمركية التي تفرضها روسيا على منتجاتها الخشبية، التي تحرم صانعي المفروشات والأثاثات الفنلندية من استيراد الأخشاب الروسية، كما تتباين وجهات النظر الروسية والأوروبية حول طبيعة وشكل اتفاقية الشراكة الأوروبية-الروسية الجديدة المقترحة، وهي الاتفاقية التي يفترض لها أن تحل محل اتفاقية عام 1997 القائمة بين الطرفين· فمن ناحيته وصف الرئيس الروسي، نص الاتفاقية الجديدة بـ''القِصَر'' و''النقصان'' ما لم تتم تكملتها لاحقاً بعدد من الاتفاقيات الإضافية بشأن عدد محدد من القضايا المشتركة بين الجانبين، وفي هذا الموقف الروسي ما يتناقض ورؤية الأوروبيين لنص الاتفاقية الجديدة، حيث يعتقد الأوروبيون أنها شاملة وكافية لتغطية جميع جوانب العلاقات المشتركة بين بلادهم وروسيا· ستيفن كاسل- موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©